بكاء بلا دموع/بقلم:د.ميسون حنا

 اخترنا مدرسة لنستوطنها كونها مكانا من المفروض أن يكون آمنا غير مستهدف. توزعنا في أرجائها، وبتنا ليلتنا ونحن نحمد الله على اختيارنا المكان الموفق. في الفجر، في موعد الأذان الذي حُرمنا من سماعه كون المساجد قُصفت، والمآذن تهدمت، في هذا الوقت بالذات سقطت قذيفة في ساحة المدرسة، وامتدت الشظايا إلينا أُصيب منا من إُصيب، توالت القذائف، تجمعنا متراصين، نلوذ ببعضنا والهلع يُربكنا ويتملكنا، بعد انتهاء القصف، تفقدنا أنفسنا، الشهداء منا تركناهم، وأجلنا دفنهم ريثما نتدبر أمر المصابين … لمحنا سيارة إسعاف، تهللنا، وقلنا جاء الفرج، إلا أن قوات الإحتلال تمنعها من الاقتراب، ويبدو أنهم حاولوا الدنو منا، كانت النتيجة أنهم أطلقوا النار على طاقم السيارة، سقط شهداء من المسعفين، واستشهد الطبيب كذلك، إدركنا أننا في وطننا نفتقد الأمان، لكن رغم قسوة الظروف نتحدى فزعنا، مزعنا قمصاننا لنربط على جراح النازفين، ريثما يتأتى لنا أن نتخلص من هذا الظرف الذي لا نعلم كم سيطول؟ والغريب أننا لم نبك شهداءنا، شغلتنا عنهم الأزمة، وهم حتما جزء منها، لكن قلوبنا تحجرت، أو هكذا يُهيأ لنا في حالك الظروف، نحن حقيقة نمتلك إرادة قوية، ومع ذلك نحزن، لكننا ندمل حزننا لنستطيع المواجهة، نؤجله فقط مع أننا نبكي … نبكي بصمت وبلا دموع.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!