ابتعد سالم قدر متر واحد عن بائع الخضار الممتلئة فمه بالقات وحدق في الكوسا .. كانت مرصوصة بشكل بديع فترى مؤخرتها.. وكانت خضراء شهية..قد شكلت مع ما بجانبها من البطاط والبادنجان وجبة لذيذة..اقترب قليلا من البائع وطلب كيسا ..
تناول الكيس وهو ينظر إلى القات الذي يسيل من فم ذلك البائع وعينيه التي بدت أكثر جحوظا وقال:
_سآخذ فوق الحساب السابق
_شل بس ما تتأخر علي
وابتاع كيلو من الكوسا
وقبل أن ينصرف رأى الطماطم المهرولة هذه الأيام فابتاع كيلو أيضا وزاد فابتاع كيلو موز ثم وهو ينظر إلى الشارع رأى التفاح اليمني فابتاع كيلو أيضا وبائع الخضار يرمقه بنظرات حادة وهو يمتص أغصان القات الخضراء ويبتلع ذلك الرحيق ،ويمسح على شاربيه ويعيد ترتيب الخضار مرة أخرى وإذا به يقول مناديا عليه:
_ انت مالك واقف من الصبح الليش ماتتكلم..
وهنا أدرك أنه كان يتخيل وأنه لم يبتع شيئا وانما كان واقفا بالقرب من كشك الخضار وهو يتأمل فم البائع الممتلئة فمه بالقات منذ الصباح الباكر ولم يشتر لا كوسا ولا باندجان
عندئد التفت إلى الخلف ومضى يشق طريقه إلى منزله الطيني الواطي خالي الوفاض وقد انتصفت الشمس في كبد السماء..
وإذا بصوت يأتيه من باحة الدار:
_ايش جبت لنا ياسالم اليوم
_مافيش
_حتى كوسا
_حتى كوسا
وبالرغم من قتامة الوضع وجد نفسه يبتسم لها تلك الابتسامة التي لاتستطيع أن تنتزعها أي قوة على سطح الارض!