اكتملت التحضيرات، وتحدد الموعد، ووزّعت الدعوات.
الجميع يترقب الحدث السعيد الذي أعلنت
دار السعادة للمسنين عن إقامته دون أن ُِتفصح عن طبيعته .
كثرت التساؤلات، وتسابقت وسائل الإعلام لمعرفة التفاصيل ولكن التكتم الشديد كان سيد الموقف.
كانت هي أكثرهم فضولاً، فقد عادت من الخارج لتستأنف عملها الصحفي، لكنها اصطدمت بجدار الصمت .
ورغم براعتها الإعلامية في اقتناص الأخبار، هذه المرة لم يسعفها الحظ.
أخيراً جاء اليوم المنتظر، ارتدت فستانها الأنيق الذي يظهر أنوثتها برقي، وتقلّدت قلادتها الذهبية المفضّلة التي تتوسطها صورة امراة أكبر سناً تشبهها ملامحها حد الوجع، تنهدت بعمق ثم تأملتها قليلاً وابتسمت لها، وتزينت بحلي زادت وجهها إشراقاً وبخاتم ذهبي جميل كانت أهدته لها أمها، حملت كاميرتها ودفترها الصغير وحقبيتها وغادرت نحو الدار.
كانت الدار تتلألأ بالأضواء الملوّنة ، كنجوم تشع في سماء الاحتفال، وأكاليل الورد تصطف على جانبي الممرّ.
الموسيقى تنساب برقة كشلال فرح ، المدعون يتبادلون التحيات والابتسامات والفرح يطفو على الوجوه .
جلست بمكانها المخصص، تنقل بعينيها تفاصيل المشهد بحماس الصحفي والفرح يغمرها
لحظات، وأطلت مديرة الدار، رحبت بالحضور وقالت :
“يسعدنا أن نكشف لكم عن مفاجأتنا الكبرى .. إنه عرس جماعي لنزلائنا الأحبة”
علا التصفيق الحار، وبدأت الموسيقى بعزف إحتفاليّ مبهج.
ثم بدأ العرسان والعرائس بالدخول، تتشابك الأذرع وتتعانق النظرات والموسيقى تغمر المكان بهجة.
وفجأة، تجمدت في مكانها، واتسعت عيناها، وانحسبت أنفاسها وارتجف صوتها مختنقاً بين الدهشة والدموع وهي تهمس: أمي ..!
آفاق حرة للثقافة صحيفة ثقافية اجتماعية الكترونية