حكــــــــــاية/بقلم: شوقي دوشن ( اليمن )

شعرت المجاعة بالوحدة والعزلة وانزوت بعيدا . لم يعد بوسعها أن تستوطن الأحشاء والبطون فهي ليست فارغة وليس لها مكان هناك في تلك القرية التي تعاهد قاطنوها على المحبة ونبذ الأنانية فخير الأرض يذهب للجميع.
رغم محاولاتها العديدة فقد فشلت في الحصول على مأوى لها إذ سرعان ما يتم طردها .
ذات مرة حلت الفجيعة، ووفد الجفاف ضيفا ثقيلا.مات الزرع وحلت كوارث فظيعة وجثم الغلاء على الصدور وباتت الجيوب تشكي الخواء ، عندئذ ظهر الاستبداد وأطلت الأنانية برأسها كالأفعى وهاجت الفوضى وماجت ولم تعد هنالك عدالة . أما الحكام ففضلوا أن ينكسوا رؤوسهم أو يتغافلون وتركوا الرعية لمصيرهم. إختلت الموازين وتغيرت الأحوال.عند ذاك استجمعت المجاعة قواها وأعادت الكرة بشراسة هذه المرة مهاجمة كل من تقع عينها عليه. غير أن الأغنياء والمحظوظين وبعض اللصوص قد احتاطوا لأنفسهم منها ، قاوموها بكل ما أوتوا من مكر ودهاء وفساد بعد إستيلائهم على ما تبقى من طعام لأنفسهم.
هامت المجاعة من جديد على وجهها بحثا عن مأوى لها ولم يكن ذلك صعبا.، ما أرادته بات على مرمى حجر منها ، إذ وجدت. في أكواخ غير المحظوظين موطنا لها ، داهمتهم وانتشرت كالنار في الهشيم ، أحرقت المعد الفارغة وأتت على ما تبقى من مؤنة وجعلت من صراخ الأطفال وأنات العاجزين سيمفونية أبدية تعزف في كل وقت وحين . وبينما كانت تسهب في غيها ، إذ سمعت عن قرية هجرها حاكموها وباتت على وشك الأنهيار ، تركت أتباعا لها; الألم والقهر واللاعدالة وشيئ من الجوع يتقصون هناك ويأتوها بالأخبار باتت الآن تتحين الفرصة كي تنقض بضراوة ، فما هي إلا مسألة وقت.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!