لصحيفة آفاق حرة
خطوط
(قصة قصيرة)
بقلم. نسيبة علاونة. إربد
في طفولتهِ ظلّ يجمعُ قطعَ العصيِّ والعيدانِ من الحواكيرِ ويرسمُ بها خطوطًا عموديّةً مصطفّةً على ظهرِ الأتربةِ والرِّمالِ ، على الجدرانِ ، على خزّاناتِ المياهِ ، على جذوعِ الأشجارِ ، على قمصانِ صبيانِ الحيٍّ ، على غسيلِ أمّهِ الممتدِ
يرسمُها فوق الماءِ ، في الهواءِ ، على وجوهِ المارَّةِ ،
يزيدُ ارتفاعُ الخطوطِ كلما كبُرَ وارتفعت قامتُهُ ، وتزيدُ رغبتُهُ في رسمِها ومدِّها للأعلى حتى انتهى به الأمرُ وحيدًا حبيسًا بين القضبان ،
ِيشدُّ الآخرونَ يديهِ نحوَهم، يراقصونَه يرفعونَ رأسَهُ باتِّجاهِ الغيمِ ويرفضُ أن يزحزحَ أقدامَهُ ،
همسَ لهُ أحدُهم ذاتَ مرّة :
متى ستسامِحُ من قالَ لك :
ماتَ عمودُ بيتِكم .
….