زوايــــــــا/ بقلم:شوقــي دوشــن

-أنت لا تفهمين.
– وماذا علي أن أفهم، كل شيئ واضح.
-إني غاضبة.
باتت الأجواء لا تطاق بعد هبوب تلك العاصفة من الغضب . موجات الصراخ تسربت للخارج ولامست كل الأشياء هناك. يناشدها الهدوء فتغضب أكثر.ما عاد بمقدوره التحمل أكثر فطرقت خطواته أرضيةالصالة متجهة ناحية الباب ليصفقة بقوة وراءه.
يبدو أن الباب أيضا بدأ يجاهرها العداء ، هكذا شعرت،وبدا كل شئ قاتما وغير محتمل رغم أن الصالة مضاءة بمصباحين كبيرين لكنها أحست بالظلمة في داخلها.
تهالكت على مقعدها الهزاز، لم تشعر بالراحة فتركته .
إنطلقت إلى غرفتها ، أوصدت الباب بقوة ، يبدو أن الباب يشاركها الغضب، ليس ذلك وحسب فالأريكات والوسائد والجدران وحتى الستائر ظهرت ملتوية ومجعدة ، لون الغرفة باهت جدا.إتجهت صوب النافذة تفتحها إثر إحساس بالاختناق ، هواء ساخن ومكفهر يلفح وجهها.
منظر الشارع كئيب ويعلوه الضجيج . أغلقت النافذة على الفور . أرادت أن تخرج من دائرة الحزن ، فتحت التلفاز ،عادل إمام يلقي ما في جعبته من مشاهد مضحكة في مسرحية تبثها إحدى القنوات ، عيونها مسمرة بالشاشة لكنها ساهمة وشاردة.
بعد ساعة ، صرير الباب المترع بالأسى يخبرها بعودته ،لا تأبه لذلك، يدلف إلى غرفتها وعلى محياه تشع ابتسامة، يفاجئها بهدية وقرر أن يعتذر لها.سلمها الهدية التي تلقفتها باندهاش وفرح وهمس في أذنها( حبيبتي ، سأعودبعد قليل ، تهيأي للخروج معي في نزهة) نطت من الفرح وهرعت إلية تعانقه وأخذا يتحدثان ويرممان ما صدع بينهما. وبينما هو يغادر أصاخت السمع لوقع خطواته التي تهتز طربا. نظرت حولها فتجلى الفرح في وسائدها، ستائرها،أريكاتها وزها اللون على الجدران. أعادت فتح التلفاز مازال عادل يلقي نكاته ، تضحك بشدة وترقص.تنطلق صوب الصالة ، هنالك وقف كرسيها الهزاز ، تحركه بسبابتها فينطلق مهتزا وفي اهتزازه رأت فرحا لا حدود له. عادت إلى غرفتها تتأنق استعدادا للخروج ، تأخر عن موعده،توترت أعصابها أكثر ٠ ماعاد ليصطحبها ،قالت في نفسها ( هكذا هو دائما ، ما كان علي أن أصدقه) وأخذت منتظرة تقلب القنوات الفضائية بالريموت على غير هدى ، بينما هي كذلك،تتفاجأ بظهور صورته على التلفاز في بث مباشر ( إغتيال ضابط كبير بعبوة ناسفة).

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!