عند الساعة تكون الإشارة /بقلم:يوسف بولجراف

الساعة صفر بعد منتصف الليل ، نهض من فراشه و هو يفرك  عينيه ، لم يفتحهما حتى المطبخ ، فتح الثلاجة و أخذ يشرب من عصير ، ثم إتجه إلى حوض الماء فتح الحنفية و بدء يرش على وجهه الماء ، ملء كأسا منها  و إتجه نحو الشرفة مكانه المفضل حيث وضع كرسي من وراء ستارة النافذة ، كان  يجلس معظم الأوقات فيه ينتظر ظهور  جارته الجميلة في المنزل المقابل له ، فاتنة عقله ،منزلها مقابل لمنزله  في الطابق الثاني و هو إذن يحاديه في التوازن الأفقي ،  لا تفرق بينهما  غير زنقة شبه مزفتة   مليئة مطبات في حي يتذكر منذ  سكنه سنوات و هو يسمع أنه يدخل  في مشروع التهيئة العمراني  و لا يزال لم يتهيأ بعد    !   جلس على الكرسي و إذا به يفاجئ في جهة غرفة نوم الفتاة ، بشيء يكسر ، رأى رجلا كأنه  يحاول دفعها أو  خنقها و لا تزال تصرخ ، حتى  إلتفت إليه ذلك الطيف نظر إليه  ثم خرج من الغرفة مسرعا ، وضع الكأس جانبا و خرج أيضا يجري لعله يلحق لمساعدتها و إنقاذها ، بسرعة طير كان أمام باب منزلها وجده غير مغلق ، دخل يجري نحو غرفتها ، تفاجئت به و بدأت تصرخ

ألقت في وجهه ب مزهرية كانت  جانب منضدة سريرها ، و هو يسألها هل أنت بخير أين فر ذلك الشخص ، لم تفهم و مفزوعة  تطلب منه الخروج ، وتتوسله  سيدي أرجوك لا تأذنى و  خذ  ما تريد و إذهب ،  لكن أنا جئت لإنقدك ، ثم و هي تصرخ اضطربت أفكاره و لم يعد يشعر ما   يفعله غير محاولة منعها من الصراخ و هو يكم  فمها بيديه القويتين ،  حتى لم يعد يسمع صوتها ، إقترب  من وجهها  أكثر ليسمع أنفاسها  ، لم تعد تتنفس ، لا ربما فقط فقدت الوعي كل سؤال يدور في عقله يلحقه سؤال آخر دون جواب  ، إلتفت نحو نافذة منزله فرأى شخصا بلباسه ينظر إليه و من نفس المكان الذي كان فيه .. لا لا يمكن ، هل عاد ذلك الشخص إلى منزله بعدما خرج هو ، تذكر أنه ترك الباب مفتوحا … خرج بسرعة و عاد إلى منزله  يبحث ، لكن لا أحد ! بدء يفكر ماذا سيفعل الآن ، هل ماتت  و الفتاة قد  تكون فعلا  ماتت ، دقت  منتصف الليل  و النصف كان قد عاد إليها و بيده حبل هذه   المرة و كيس نفايات  كبير  قيدها من كل جانب ثم وضعها في  الكيس  !و أحكم إغلاقه   بعد أن  لفه جيدا بحبل آخر ، ثم حمله على كتفه و نزل ! كانت الزنقة خالية إلا من بعض القطط و هي تتنازع على إحدى حاويات القمامة ،  فتح الباب الخلفي لسيارته و وضعها في الكنبة الخلفية ممددة ، أغلق الباب و دخل سيارته و إنطلق ، فكر في رميها بالنهر ، ثم تراجع عن الفكرة ربما تطفو بعد حين ، فكر في الغابة المجاورة المحاذية للطريق الثانوي ، خرج عن الطريق السيار و إتجه حيث يفكر ، لم تمضي إلا دقائق على إنطلاقته ، حتى سمع تغيير في أمواج الراديو و لم يكن قد شغله ، و صوت مذيع  من إذاعة معروفة يحدثه  عن فعلته ، و يسأله لماذا قتلتها ؟ أنت خنقتها ..  يجيبه لم أشأ  ذلك  ، أردت فقط  مساعدتها ، صوت الراديو : لقد فات الأوان ، الآن عليك أن تخفي الجثة ! و  ما العمل ، كانت السيارة تسير  بسرعة فائقة لكن ليست لدرجة وجوده في مكان عكس  إتجاهه و بمسافة غريبة ، الآن هو  يبعد عن منزله ب أكثر من ٢٠٠ كلم  ، لم يفهم  شيء و هو يرى لافتة الإشارة على الطريق مكتوب عليها اسم مدينة أخرى ،  نظر إلى الساعة  بسيارته كانت    تشير إلى الواحدة بعد منتصف الليل  و رعب … لايمكن و كيف يكون قد سار كل هذا الطريق في وقت وجيز مستحيل !

..

ثم تنبه لمؤشر في لوحة القيادة يعلمه بفراغ مخزون البنزين ، ركن السيارة جانبا ، في مكان شبه  مظلم   ، فتح الصندوق الخلفي للسيارة أخرج   قنينة فارغة من فئة ١٠ لترات  ، و إتجه صوب مدخل المدينة ، لعله يجد محطة بنزين قريبة و يعود ،  أول ما  رآه في البداية منزل صغير يظهر أن صاحبه لا يزال مستيقظا  ، فكر يسأله ، رن جرس الباب ، إذا  ب إمرأة تفتح الباب و قد ارتسم الخوف و الذهول  على وجهها و بدأت تصرخ : أنت مجددا ! لقد نبهتك المحكمة أن لا تقترب مني مسافة !   و هي تحاول إغلاق الباب في وجهه بقوة  ! ، إزداد حيرة و  لم يفهم و يسألها ، كيف ، أنا لا أعرفك !  كانت الباب  أغلقت ، ف تحول إلى جهة النافذة يريد أن تشرح له ، وجدها  تتحدث في الهاتف مع الشرطة ” لقد عاد سيدي الشرطي مجددا ، أرجو أن تاتوا بسرعة ، لم يعد يفهم شيء خصوصا حين تطلع نظره إلى صورة حائطية بجانبها فيها هو صورته  و تلك المرأة و فتاة !

– كيف لا يمكن ، أنا لا أعرفها !! الحماق هذا

لم تمضي إلا أوقات حتى رأى سيارة شرطة قادمة ، اختبئ وراء شجيرة أزهار  بالقرب و بدء  ينصت لحديت الشرطي و المرأة !

و يأكد لها أنه سوف يمشط المكان !

عاد  أدراجه و هو يفكر فيما يحدث من حوله  حتى إقترب من سيارته على بعد ١٠٠ متر تقريبا ، كان المكان يعج سيارات شرطة و سيارة إسعاف و نباح  كلاب بوليسية ، سمع صوت يقول للجماعة : إنه ليس بعيد إبحثوا جيدا لابد أنه دخل الغابة، حذاري إنه خطير  … لم يعد يدري ما يفعله لكنه قرر الهرب و هو يجري يسمع خلفه الكلاب تنبح ، حتى دخل منتجعا به ماء ، و بدء صوت النباح يبعد ، إنتابه عياء شديد  فغفا قليلا ، حتى إستيقظ في الصباح على صوت طرق الباب بقوة ، نهض من سريره  ، ما إن فتح الباب حتى طوقه رجلين بزي  شبه عسكري غامق  ومعهم  شخص آخر بوزرة  بيضاء و هما يضعان يده داخل وزرة خضراء باتجاه معكوس  ثم شعر بألم كوخز إبرة  في ذراعه الأيسر، أخذه النوم من جديد و  لم يعد يشعر بشيء

 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!