الساعة صفر بعد منتصف الليل ، نهض من فراشه و هو يفرك عينيه ، لم يفتحهما حتى المطبخ ، فتح الثلاجة و أخذ يشرب من عصير ، ثم إتجه إلى حوض الماء فتح الحنفية و بدء يرش على وجهه الماء ، ملء كأسا منها و إتجه نحو الشرفة مكانه المفضل حيث وضع كرسي من وراء ستارة النافذة ، كان يجلس معظم الأوقات فيه ينتظر ظهور جارته الجميلة في المنزل المقابل له ، فاتنة عقله ،منزلها مقابل لمنزله في الطابق الثاني و هو إذن يحاديه في التوازن الأفقي ، لا تفرق بينهما غير زنقة شبه مزفتة مليئة مطبات في حي يتذكر منذ سكنه سنوات و هو يسمع أنه يدخل في مشروع التهيئة العمراني و لا يزال لم يتهيأ بعد ! جلس على الكرسي و إذا به يفاجئ في جهة غرفة نوم الفتاة ، بشيء يكسر ، رأى رجلا كأنه يحاول دفعها أو خنقها و لا تزال تصرخ ، حتى إلتفت إليه ذلك الطيف نظر إليه ثم خرج من الغرفة مسرعا ، وضع الكأس جانبا و خرج أيضا يجري لعله يلحق لمساعدتها و إنقاذها ، بسرعة طير كان أمام باب منزلها وجده غير مغلق ، دخل يجري نحو غرفتها ، تفاجئت به و بدأت تصرخ
ألقت في وجهه ب مزهرية كانت جانب منضدة سريرها ، و هو يسألها هل أنت بخير أين فر ذلك الشخص ، لم تفهم و مفزوعة تطلب منه الخروج ، وتتوسله سيدي أرجوك لا تأذنى و خذ ما تريد و إذهب ، لكن أنا جئت لإنقدك ، ثم و هي تصرخ اضطربت أفكاره و لم يعد يشعر ما يفعله غير محاولة منعها من الصراخ و هو يكم فمها بيديه القويتين ، حتى لم يعد يسمع صوتها ، إقترب من وجهها أكثر ليسمع أنفاسها ، لم تعد تتنفس ، لا ربما فقط فقدت الوعي كل سؤال يدور في عقله يلحقه سؤال آخر دون جواب ، إلتفت نحو نافذة منزله فرأى شخصا بلباسه ينظر إليه و من نفس المكان الذي كان فيه .. لا لا يمكن ، هل عاد ذلك الشخص إلى منزله بعدما خرج هو ، تذكر أنه ترك الباب مفتوحا … خرج بسرعة و عاد إلى منزله يبحث ، لكن لا أحد ! بدء يفكر ماذا سيفعل الآن ، هل ماتت و الفتاة قد تكون فعلا ماتت ، دقت منتصف الليل و النصف كان قد عاد إليها و بيده حبل هذه المرة و كيس نفايات كبير قيدها من كل جانب ثم وضعها في الكيس !و أحكم إغلاقه بعد أن لفه جيدا بحبل آخر ، ثم حمله على كتفه و نزل ! كانت الزنقة خالية إلا من بعض القطط و هي تتنازع على إحدى حاويات القمامة ، فتح الباب الخلفي لسيارته و وضعها في الكنبة الخلفية ممددة ، أغلق الباب و دخل سيارته و إنطلق ، فكر في رميها بالنهر ، ثم تراجع عن الفكرة ربما تطفو بعد حين ، فكر في الغابة المجاورة المحاذية للطريق الثانوي ، خرج عن الطريق السيار و إتجه حيث يفكر ، لم تمضي إلا دقائق على إنطلاقته ، حتى سمع تغيير في أمواج الراديو و لم يكن قد شغله ، و صوت مذيع من إذاعة معروفة يحدثه عن فعلته ، و يسأله لماذا قتلتها ؟ أنت خنقتها .. يجيبه لم أشأ ذلك ، أردت فقط مساعدتها ، صوت الراديو : لقد فات الأوان ، الآن عليك أن تخفي الجثة ! و ما العمل ، كانت السيارة تسير بسرعة فائقة لكن ليست لدرجة وجوده في مكان عكس إتجاهه و بمسافة غريبة ، الآن هو يبعد عن منزله ب أكثر من ٢٠٠ كلم ، لم يفهم شيء و هو يرى لافتة الإشارة على الطريق مكتوب عليها اسم مدينة أخرى ، نظر إلى الساعة بسيارته كانت تشير إلى الواحدة بعد منتصف الليل و رعب … لايمكن و كيف يكون قد سار كل هذا الطريق في وقت وجيز مستحيل !
..
ثم تنبه لمؤشر في لوحة القيادة يعلمه بفراغ مخزون البنزين ، ركن السيارة جانبا ، في مكان شبه مظلم ، فتح الصندوق الخلفي للسيارة أخرج قنينة فارغة من فئة ١٠ لترات ، و إتجه صوب مدخل المدينة ، لعله يجد محطة بنزين قريبة و يعود ، أول ما رآه في البداية منزل صغير يظهر أن صاحبه لا يزال مستيقظا ، فكر يسأله ، رن جرس الباب ، إذا ب إمرأة تفتح الباب و قد ارتسم الخوف و الذهول على وجهها و بدأت تصرخ : أنت مجددا ! لقد نبهتك المحكمة أن لا تقترب مني مسافة ! و هي تحاول إغلاق الباب في وجهه بقوة ! ، إزداد حيرة و لم يفهم و يسألها ، كيف ، أنا لا أعرفك ! كانت الباب أغلقت ، ف تحول إلى جهة النافذة يريد أن تشرح له ، وجدها تتحدث في الهاتف مع الشرطة ” لقد عاد سيدي الشرطي مجددا ، أرجو أن تاتوا بسرعة ، لم يعد يفهم شيء خصوصا حين تطلع نظره إلى صورة حائطية بجانبها فيها هو صورته و تلك المرأة و فتاة !
– كيف لا يمكن ، أنا لا أعرفها !! الحماق هذا
لم تمضي إلا أوقات حتى رأى سيارة شرطة قادمة ، اختبئ وراء شجيرة أزهار بالقرب و بدء ينصت لحديت الشرطي و المرأة !
و يأكد لها أنه سوف يمشط المكان !
عاد أدراجه و هو يفكر فيما يحدث من حوله حتى إقترب من سيارته على بعد ١٠٠ متر تقريبا ، كان المكان يعج سيارات شرطة و سيارة إسعاف و نباح كلاب بوليسية ، سمع صوت يقول للجماعة : إنه ليس بعيد إبحثوا جيدا لابد أنه دخل الغابة، حذاري إنه خطير … لم يعد يدري ما يفعله لكنه قرر الهرب و هو يجري يسمع خلفه الكلاب تنبح ، حتى دخل منتجعا به ماء ، و بدء صوت النباح يبعد ، إنتابه عياء شديد فغفا قليلا ، حتى إستيقظ في الصباح على صوت طرق الباب بقوة ، نهض من سريره ، ما إن فتح الباب حتى طوقه رجلين بزي شبه عسكري غامق ومعهم شخص آخر بوزرة بيضاء و هما يضعان يده داخل وزرة خضراء باتجاه معكوس ثم شعر بألم كوخز إبرة في ذراعه الأيسر، أخذه النوم من جديد و لم يعد يشعر بشيء