عوض الله عبدالقادر محمد الغريبل(المغرب)

جنبات سوق شعبي يضج بصراخ جوقة الباعة مادحين جودة بضائعهم مثمنين سعر سلعهم.

ــــ أختي، صباح النور كيف حالك؟
ــــ بخير، ولله الحمد على فضله
ـــ المختار، يزن ويطلب مني أن أصرخ عبر مكبر الصوت “مول المليح باع وراح”، إنه لا يحس بي.
.ـــ أختي، سيأتي وقت يلطم فيه صدره ندما على ما يجنيه بحقك.
ـــ أخي الغالي.إنك تتمتع بحس نبيل، وحدس كاف لتدرك حجم معاناتي مع الثور الهائج الذي أواجه جموحه الأرعن، وجشعه الشره فهو لم يكتف بمصوغاتي الذهبية التي وهبتها له عن طيب خاطر، بل تمادى بمطالبة أن يشاطرني في ملكية البيت مناصفة، كتعويض له عن عجزي على الإنجاب، متغاضيا أننا ورثناه أبا عن جد، وهو في حد ذاته، ذكرى عزيزة علينا ففي غرفه، حيطانه، زواياه، سقيفته، بهوه، حديقته ترجيع لكلماتهما ، دندناتهما، نكاتهما، ضحكاتهما، ولعدم رضوخي لمطلبه، يقوم بعقابي ضربا مبرحا يسمعه الجيران من بعيد، وإن ما يدفعني للتساؤل أي نوع من الحمقى هو؟ كونه لا يجد غضاضة فيما يفعله، ولا يحس بتأنيب ضميره.
ـــ أخي، أجد نفسي مكرهة على أن أضع حدا لهذا الاستقواء الغاشم.
ــــ هل قدمت طلبا للطلاق، يحزنني تذكيرك بهذا الأمر السيء
ـــ أخي العزيز، لقد قدمته
ـــ الأمر ليس اعتياديا، لكنه هو أفضليتك الوحيدة
ـــ إنه ملفي الثالث، لأنني غير قادرة على وضع كبريائي جانبا
ــــ خيرا ما فعلت
ـــ لكنني غير محظوظة البتة، ففي انتظار البث في قضيتي
لأتخلص منه، إذ بخبثه المعهود، كلفني بكل مهامه التي كان يقوم بها، من جلب البضائع من السوق المركزي للجملة، لعرضها للبيع بالتقسيط، محاولا استهلاكي إرهاقا وقهرا.
ــــ أختي، لا تلقي بالا لذلك، سأقوم بمساعدتك أنا وكمال.
ـــ جزاكما الله خيرا

ــــ أراك تشتكين وتستعطفين كل …
ــــ وما دخلك أنت بتصرفاتي؟ أمرك مضحك جدا.
ــــ أنت لا تستطيعين منافستي بالسوق
ــــ ومن يسعى لمنافستك؟ أنت ترفلين في النعيم منذ ولادتك وأن أول سن ظهر فترة تسنينك كان من ذهب خالص!
ــــ أنت عقيم، وأنا خصبة بنصف دزينة عيال
ــــ ليس لديك ما تقولينه، لن أقلق بذلك الشأن
ــــ أيتها البلهاء،لماذا تحاولين إزعاجي عمدا؟
ــــ حريا بك أن تهتمي بشؤون أولادك
ـــ اصمتي بلكنتك البئيسة
ـــ ألا ترين أن جميع الباعة كرهوا مشاكستك السخيفة
ــــ ليس لي رغبة في ملاسنة أحد، فدعني وشأني لقد قدمت بالمخفر التزاما بعدم خوض أي شجار.
ــــ لا أحد يتوقع منك أن تكوني مثالية، لكن ليس في حضوري، أنا لا أعرف ما يراه فيك؟
ــــ أتدرك في أعماق نفسك أنك تستحق ذلك؟
ــــ إسمعي، تحدثا عن نفسيكما، ما شأنكما بي؟
ــــ هيا، اغربا عني كليكما، لقد أفقدتمانني صوابي أنت و “مختارك”
ــــ إحدى أذني صماء
ـــــ أيتها الجارة، دعكِ منها، لقد وصل أخوها ، وعليك أن تقدمي التزاما له أيضا، إنه أكثر تشددا من المركز.
ــــ قطع الله لسانك، تنطق بهتانا عن أخي.

ــــ أراك زرتنا أخي؟ كيف حالك؟
ــــ في أحسن حال كنت عازما أن أزورك بالبيت.
ــــ هيا، انقلع من هنا
ـــــ ما الأمر؟ السيد المختار
ـــــ ما أود قوله، هل الرغبة في الإنجاب عار؟ أنا أقولها بتكرار
وإصرار.
ـــــ لقد بلغ الأمر منتهاه، فلا مجال لمناقشته.
ـــــ لقد أخبرتك ألف مرة لا حق لك، وعليك أن تعلمي ذلك قبل الآخرين
ــــ أنت تعاني من اضطراب عقلي.
ــــ قبل أن تسهبي با…، سوف تعانين بما سيحدث لاحقا
ـــ أخي، أخي إلى أين؟
ــــ إتركي الأمر لي، عودي لبيتك
ـــــ السيد كمال، يعتريني خوف كبير إنه ليس كسابقه. أخاف أن يلحق الأذى بنفسه أو بذلك التافه
ــــ ما الذي جرى؟
ـــ لماذا يتصرف بهذا العنف؟
ــــ سأبقيك على الاطلاع بمجريات الأمور
ــــ دعه وشأنه، ماذا تريد منه؟
ــــ أفعل ما يتوجب علي القيام به
ــــ أفلتني، لقد فاض كيلي من هذا المتعدي
ــــ هذا ما قدرت أن أفعله حسب ظروف …
__ دعه يا صديقي، عليك مرافقتي يكفي ما ناله
ــــ لن أبقى هنا ولو لهنيهة
ـــ سأذهب لأعيش في بيت أخي
ـــ إذهبي وعيشي مع من تريدين
ـــ وأنت، إن كنت تنوين الزواج به فهذا لا يخصني؟
ــــ وما أدراك أنني سأكون زوجته من بعدك؟
ـــ دعها ترحل وتغرب وجهها عنا.
ـــ دعك منها.

ــــ مرحبا بكما، تفضلا
ــــ أراك مبتسمة كما عهدتك من قبل.
ــــ أخي، لقد ودعت العبوس للأبد.
ـــ أرأيت يا أخي، لقد غسلت جميع ملابسك المتسخة، والغرفتان كانتا نظيفتين من قبل، لقد نفضت الغبار عن مفروشاته فحسب،
وأعددت لك وجبة غذاء، فالطفل “أمير “رفقته بددت وحشتي، وأنست بخفة ظله، مما أشعرني بارتياح عميق، وأنا التي كان مرأى أي طفل يحز في نفسي ويذكرني بالعقم الذي امتزج فيه وجع الحرمان بألم التنكيل.
ـــ السيدة زبيدة، لقد فاتحتك بالأمر ، “أمير “عجي بلا أم والآن إبنك عوض الله.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!