كسنديانة متجذرة بالأرض، تقوم الحاجة زينب بساعد الحزم والعزيمة بأعباء ضيعتها الصغيرة، عزق بمعول تربتها اليابسة، غرس فسيلات الأشجار، تسميد النباتات، اقتلاع الحشائش الضارة بيديها الخشنتين ،رش المبيدات غير عابئة بلهيب الشمس صيفا ولا مكترثة بالبرد خريفا، دونما اتكال على أحد من أبنائها، وبحكم مسكني المحاذي لبيتها غالبا وأكثر فأكثر، يتناهى لسمعي تحذير منها لديك ينقر ديكة فارضا زعامته عليهم، أو دجاجة تستعرض عضلاتها على صيصان دجاجة أخرى، بأبجدية تواصلية (تشي …تشي ..تشي) زجر دجاجة تنبش بين مشاتل لم تتبرعم بعد (تيتي..تيتي… تيتي )لأن الدجاج يستهويه النبش ببراثنه في التربة الرخوة عن حبة قمح يلتقطها بمناقيره غير آبه بالبزر المنثور على أديم الأرض أو بالخبز المبلل بالماء، وفي مغادرة شقتي أو العودة إليها ، إلا وأجد لالة زينب بهمة واصرار عاكفة بالعناية الفائقة بشؤون بستانها، جني ناضج الثمار،تشذيب يابس الأغصان ،تنظيف بقايا الخم ،وتمضي شهور وأعوام ،يشيخ عمرها ويعتريها بعض العجز والخمول ، وبعده بدأت أعراض الخرف تظهر جلية في تصرفاتها وسلوكياتها تجاه أبنائها وبناتها، حتى طال احتياجاتها الضرورية، وفقدت ذاكرتها ولكن المفاجأة أن ذلك الزهايمر استثنائي بالنسبة لدجاجاتها لم يطوِها النسيان بل بقيت وحدها قيد التذكر.