لآفاق حرة
(لا يمكن الحديث)
ق. ق.ج.
بقلم محمد فتحي المقداد.
تباعدت بهما سُبُل الحياة اِفْتراقًا طويلًا. نَشَبَ اشتباكٌ عنيف بين عيونهما، لحظات ذهول صامتة مُنطوية على شَبَق عتيق، جرى تحرّشُ نظَراتٍ مُتبادَل. شرطيُُ المرور عضّ أصابع الندم، ودّ تحرير مُخالَفةٍ لعدم تقيُّدهما بقواعدِ السّلامة العامّة. شَتَم الاِزدحام المُروريّ، اِختنقَ صوتُه وسط الضَّجيج، وتلاسُنِ السّائقين.
ودّت لو سألته قبل انطلاقهما باتّجاهات مختلفة:
-“أينَ صِرْتَ.. أين حطّتْ بكَ رِِحالُ الزّمان!؟”.
كان يتمنّى لو أجابها:
-“ما زلتُ مُقيمًا خلف بوَّابة قلبي”.
تلمّست صدرها بيدها اليُسرى، بينما رجلها اليُمنى تضغط بجُنون على المكابح، وصوت صرير العجلات كأنّه حفلة قصف صاروخي في درعا أو غزة.
رأسها كاد يتهشّم لو ارتطم بالزّجاج الأماميِّ، تدخّلت صورته لتُشكّل عازل أمان، وتحُولَ بينهما. دموعها تُبلّل صدرها، ووجه الشابّ المُدمى ممرّغ بالتراب. صدره خالٍ من الأنفاس؛ فلا يعلو ولا يهبط.