.نازح في حضرموت/بقلم:صالح بحرق(اليمن)

في تلك الصندقة البعيدة، والوحيدة، المجاورة لسكن الممرضات الاجنبيات،والمطلة على نافورة المياه،كان حسن يقبع هنا منذ عشر سنوات، أو يزيد، نازحا من مناطق الحرب، إلى سكينة وهدوء حضرموت ،في البدء جلب له مكينة خياطة، وكان يخيط الملابس في الشارع، وياوي في المساء إلى هذه الصندقة، ولمهارته أحبه الناس، لكنهم لايعرفون من أين أتى، حتى حامت حوله الشكوك، وفي الاخير اجتمعت الكلمة حوله، بأنه نازح، وبادل الأهالي المودة، لكنه لم يستطع الاندماج الكامل في المجتمع، وظلت قصة حبه الوحيدة في حياته تورقه، وذات مساء بارد، وهو وسط الصندقة الحديدية، برز له طيفها:

_تركت الحديدة ياسعيد ونسيتني

_ لا..لم انسك

_ وفين ساكن الان

_ في حضرموت

_أهناك حرب

_ لا..لم لاتجيئين عندي

_أبي سيقتلني

_أعرف حماقته

وغاب عنه طيفها الجميل، واستبد به البرد، واحس أنه بحاجة لها فكتب:

لو اجتمعت جيوش العالم فلن تستطيع صدك عني.. لقد اتيت الى هذه البلاد الآمنة، لما عرفت عن أهلها ،من شيم الاخلاق والكرم والضيافة، عملت خياطا وسكنت في صندقة، وسوف اعود اليك عندما تهدأ الحرب.

وشعر بالعطش، فترك الصندقة، ونزل الى الشارع، كانت الاضواء تغمر المكان، والمكلا تتناسل فيه عشقا وورودا، وعلى جسر الخور، برز له طيفها ثانيا:

_ لا ادري أي مصيبة دفعت بي بعيدا عنك اي حماقة ولكنها لن تكون هذه المصيبة التي شردتنا سوى مصيبة الحرب.

ومضى ينعم بهدوء وسلام المكلا، حتى وجد نفسه قريبا من صندقته، وطيفها مازال يطوقه

صالح بحرق.

About محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!