كان صديقي أيمن إنسانا متفائلاَ، ومُحبا للأدب، قرأ مئات الروايات والقصص القصيرة. كلما أزوره في بيته إلا وألمح كتاباَ بين يديه !
نشر العديد من القصص القصيرة والخواطر في الصحف الوطنية، غير أن طموحه الذّي يسيطر عليه، و الذّي عبر لي عنه أكثر من مرّة، أن يصير كاتبا كبيراَ مثل العبقري نجيب محفوظ !
نجيب محفوظ !… من يستطيع أن يكون مثله !.. لكني كنتُ أشجعه، كما تقتضي واجبات الصداقة..
وفي احد الأمسيات التقينا السيد عبد الحميد، وهو إنسان مثقف ويُطالع الكتب كثيرا ، وبالأخص كتب التاريخ والفلسفة!
ونكاد نكون نحث الثلاثة من رواد المكتبة البلدية الدائمين…
وأخطأ صديقي أيمن لما عبر عن حلمه أمام عبد الحميد لأن الرد جاء قاسيا وإن كان معقولا …
اندهش عبد الحميد وقال : ــ نجيب محفوظ ! نجيب محفوظ !
قال أيمن واثقاَ : ـــ نعم … ليس شرطا أن أذهب إلى الخارج لكي أبدع وأتطور… فلأكن مثل محفوظ ألذّي لم يغادر القاهرة أبدا… وحقق ما حقق ولم يكن لزاما عليه أن يعيش في باريس أو بيروت و دبي ..
ــ نعم … أضفتُ موافقا …
ــ نجيب لم يعش لا في بيروت ولا دمشق!
ابتسم عبد الحميد، ثم قال ساخرا: ـــ هل أنتما غبيان أو مجنونان حتى تُقارنا القاهرة العملاقة بمدينتنا الصغيرة القابعة وراء التلال ؟.. هل هذا معقول ؟ ويتفوه به إنسان عاقل ! وحتى أديبنا الكبير الطاهر وطار لم يغادر الوطن وكان أديبا كبيرا .. إنها العاصمة … الجزائر العاصمة… وليست …
نظرت إلى صديقي أيمن … صمت ولم يقل شيئا ..
هل إرادته قوية ؟ أم أن كلام عبد الحميد صحيح؟ عليه أن يكون أيمن ! ليس شرطاَ وواجباَ أن يكون نجيب محفوظ أو الطاهر وطار…
توجهنا إلى الرف لكي نبحث عن كتاب تاريخي، فقد كانت لنا رغبة في القراءة والنقاش حول الحضارة العربية الإسلامية…