ماذا يحدث في غزة إ

عداد: سليم النجار- وداد أبوشنب

” مقدِّمة”

مفردة “السؤال” وحدها تحيل إلى الحرية المطلقة في تقليب الأفكار على وجوهها، ربّما هدمها من الأساس والبناء على أنقاضها، كما أنَّها من أسس مواجهة المجازر وحرب الإبادة التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني في غزّة والضّفّة، من قِبَل الاحتلال الاسرائيلي٠

في هذا الملف نلتقي بعدد من الكُتّاب العرب الذين يُقدِّمون لنا رؤاهم حول ماذا يحدث في غزّة؟

وما يستدعي الدرس والتمحيص والنقاش والجدال والنقد، لأنّ الأشياء تحيا بالدرس وإعادة الفهم، وتموت بالحفظ والتلقين٠

هارون الصبيحي من الأردن يكتب لنا من زوايته “ماذا يحدث غزة”؟

 

 

اقتلني شكراً

هارون الصبيحي/الأردن

1-بداية تأسيس إسرائيل:

لتقييم ما حدث في فلسطين وفي قطاع غزة تحديداً بدءاً من هجوم فصائل المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر علينا أن نعود إلى الماضي، إلى البدايات، بداية تأسيس دولة إسرائيل وما نتج عن ذلك من ظلم ومجازر وتشريد للشعب الفلسطيني، نعود إلى ما بعد تفكيك الإمبراطورية العثمانية ونهاية دولتها حيث وضعت فلسطين تحت الانتداب البريطاني من عام 1922 حتى عام 1948 وبعد ذلك سلّمت بريطانيا فلسطين إلى اليهود وفقاً لوعد أرثر بلفور وزير خارجية بريطانيا عام 1917 للبارون روتشيلد أحد زعماء اليهود في بريطانيا بتأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين ولتتضاعف مأساة الشعب الفلسطيني وينتقل لاحتلال أبشع وأشد قسوة، بعد دخول اليهود إلى فلسطين بدأت نكبة الشعب الفلسطيني مع العصابات الصهيونية المدججة بالأسلحة الحديثة بذلك التاريخ بمساعدة بريطانيا ليبدأ تاريخ من المجازر والاضطهاد والقمع والتشريد للشعب الفلسطيني مع تغيير في ديمغرافية فلسطين باستقطاب المهاجرين اليهود وحثِّهم وتشجيعهم على الاستيطان في فلسطين، عام 1948 أعلن ديفيد بن غوريون بعد انسحاب بريطانيا لصالح اليهود قيام دولة إسرائيل واعترفت بها فوراً الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وبعض دول العالم.

منذ ذلك الوقت وحتى اليوم والفلسطينيون يعيشون النكبة والحرمان من أبسط حقوقهم كبشر سواء في داخل دولة إسرائيل أو خارجها في شتى بقاع الأرض، في الداخل تمييز عنصري واضطهاد ديني وتوسع في الاستيطان مع وجه إسرائيلي زائف من الديمقراطية بمنح العرب الفلسطينين حق المشاركة في الكنيست بينما تبقى الكلمة الأولى والأخيرة لليهود، في خارج فلسطين يعيش الفلسطينيون الحرمان من الوطن وإلى هذا اليوم ترفض إسرائيل حق العودة والتعويض وفقاً للقانون الدولي المعترف به عالمياً ورغم صدور قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 عام 1948 والذي يقضي بحق اللاجئين الفلسطينين بالعودة لفلسطين والتعويض، هو قرار واضح وينص على العودة والتعويض وليس العودة أو التعويض والتوطين في دول أخرى.

 

2- مأساة الفلسطينيين ما بعد اتفاقية أوسلو:

تستمر المأساة الفلسطينية حتى يوم 13 سبتمر عام 1993 حيث وقع رئيس منظمة التحرير الفلسطينية الراحل ياسر عرفات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين (اتفاق أسلو) في حديقة البيت الأبيض وبرعاية الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت جيمي كارتر، منح هذا الاتفاق للفلسطينين تشكيل سلطة حكم ذاتي على 22 بالمئة من أرض فلسطين في الضفة وقطاع غزة، وبعد ذلك مفاوضات الحل النهائي بين الطرفين في أوسلو 2 واتفاقية طابا في مصر، بالنتيجة تمخضت الاتفاقية عن شبح لدولة فلسطينية على بقعة جغرافية ضيقة وبدون جيش وتابعة كلياً لدولة إسرائيل، وليس ذلك فحسب بل عادت إسرائيل بعد أعوام وتنكرت للاتفاقية واحتلت الكثير من الأراضي التابعة للسلطة الفلسطينية، واغتيل إسحاق رابين برصاص متطرف إسرائيلي عام 1995، وقتل ياسر عرفات بالسم وتوجهت أصابع الاتهام بقتله إلى إسرائيل ولكن بدون جدوى.

وتستمر المأساة الفلسطينية وكلما طالب الشعب الفلسطيني بحقوقه ودافع عن كرامته يواجه بالقتل والتعذيب وتعمل الماكينة الإعلامية الإسرائيلية على وصف حركات المقاومة الفلسطينية بالتخريب والإرهاب والاعتداء على دولة إسرائيل الديمقراطية، وكل من يعترض على ما تفعله هذه الدولة بالفلسطينيين يتهم بمعادة السامية وغير ذلك من أكاذيب.

منذ إعلان دولة إسرائيل وحتى يوم 7 أكتوبر والمجازر الموثقة والقمع والاعتقال والتعذيب يمارس على الشعب الفلسطيني بهدف تهجيره من فلسطين وإخضاعه وتوطينه في الدول العربية، كل هذا التاريخ من الاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني تتجاهله وتتناساه الدول الكبرى وتهبّ لنصرة إسرائيل بسبب هجوم من فصائل المقاومة!

ألا يحق للمقاومة الفلسطينية أن تهاجم هذه الكيان الذي تأسس على دماء شعب طيب ومسالم كان يعيش على أرضه بسلام وأمان ومحبة لكل دول العالم؟

هل المطلوب من الفلسطيني أن يقتل من الإسرائيلي ثم يشكره على قتله؟

المقاومة حق مشروع لكل شعوب العالم وهذا معترف به دولياً ومن كل دول العالم، لماذا حين يتعلّق الأمر بالفلسطيني يصبح تخريباً وإرهاباً وغير ذلك من أكاذيب تطلقها الماكينة الإعلامية الصهيونية؟ الحقائق واضحة وضوح الشمس في السماء، الشعب الفلسطيني يعيش مأساة تاريخية وعندما يقاوم تتكالب عليه وحوش الدولة الديمقراطية الإسرائيلية ومن يدعمها.

 

3- طوفان الأقصى:

في فجر السابع من اكتوبر اقتحمت فصائل المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس جدار الفصل العنصري على غزة المعزّز بالذكاء الاصطناعي والذي حول حياة الفلسطينيين إلى جحيم لا يطاق بسبب الحصار وما يتعرضون له من تمييز واضطهاد في المعابر الأمنية، غزة محاصرة منذ أعوام وما فعلته فصائل المقاومة هو رد بسيط على الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على الشعب الفلسطيني من اقتحامات للمدن وقتل واعتقال وتعذيب وحصار وتجويع، قتلت فصائل المقاومة عدداً من الجنود واعتقلت عدداً منهم ومن المستوطنين ولكنها لم تقتل النساء والأطفال وهذا موثق ولكن وبكل تأكيد ستكذب إسرائيل لتشويه سمعة المقاومة…

ماذا فعلت الدولة الديمقراطية إسرائيل للرد على هذا الهجوم؟

قطعت الماء والكهرباء عن غزّة وقصفتها بعشوائية وقتلت النساء والأطفال والصحافيين وخرقت القانون الدولي بكل وضوح، وأغلقت المعابر ومنعت المساعدات وقصفت المستشفيات، ولن ينسى العالم جريمة المستشفى المعمداني الذي قصفته إسرائيل بوحشية لا مثيل لها لتقتل أكثر من 500 فلسطيني، هي سياسة الأرض المحروقة وعملية إبادة واضحة للشعب الفلسطيني، إسرائيل تقول إنّ حماس لا تمثل الفلسطينيين وتناقض نفسها وتقصف غزّة بكلّ ما فيها وحتّى المساجد والكنائس لم تسلم من القصف.

يقول الخبير العسكري الأردني اللواء المتقاعد فايز الدويري إن كمية المتفجرات التي ألقاها جيش الاحتلال الإسرائيلي على غزّة حتى تاريخ كتابة هذه المقالة تقترب من حجم القنبلة الذرية التي ألقتها أمريكا على مدينة هيروشيما اليابانية، وزن القنبلة الذرية 15 ألف طن بينما وزن ما ألقته إسرائيل على غزّة يتجاوز 13 ألف طن من المتفجرات، عدد الشهداء في غزّة وصل إلى 6600 شهيد منهم 2500 طفل و1350 امرأة إلى هذا اليوم.

هل هؤلاء الذين تقتلهم إسرائيل عبر القصف العشوائي هم حماس وفصائل المقاومة؟ هل هذا هو حقّ الدفاع عن النفس الذي تروج له إسرائيل عبر إعلامها الكاذب؟ كيف توافق على ذلك دول كبرى مثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وهي تدافع عن حقوق الإنسان وتقدم كل الدعم والتأييد لدولة إسرائيل؟ كل هذه الدول أو قيادتها تحديداً رأت وتأكدت أن ما تفعله إسرائيل

هو انتقام زعران وعصابات وهمجية ووحشية ليس لها حدود، ورغم ذلك صدرت منهم همسات خجولة لإسرائيل بتجنّب قصف المدنيين ولم توافق إسرائيل بل على العكس تماماً كثفت من قصفها لتقتل المزيد من الأبرياء.

في أوكرانيا تصرخ الدول الكبرى وتحتجّ بشدّة على قتل المدنيين بسبب القصف الروسي وتدعم أوكرانيا بكل أنواع الأسلحة، بينما في فلسطين همسات خجولة على جرائم وحشية وخرق واضح وفاضح للقانون الدولي…

كما ذكرت سابقاً ما حدث يوم 7 أكتوبر هو رد بسيط جداً على 75 عاماً وأكثر من المجازر والتشريد والقهر والطغيان الذي مورس على الشعب الفلسطيني من دولة إسرائيل، ألا يحق للفلسطينيين أن يردوا ويهاجموا؟ أليست مقاومتهم شرعية؟، هل المطلوب من الفلسطيني حتى لا يوصف بالمخرب والإرهابي أن يقول لقاتله الإسرائيلي اقتلني ولك جزيل الشكر؟

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!