ماذا يحدث في غزّة؟

إعداد: سليم النجار- وداد أبوشنب
” مقدِّمة”
مفردة “السؤال” وحدها تحيل إلى الحرية المطلقة في تقليب الأفكار على وجوهها، ربّما هدمها من الأساس والبناء على أنقاضها، كما أنَّها من أسس مواجهة المجازر وحرب الإبادة التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني في غزّة والضّفّة، من قِبَل الاحتلال الإسرائيلي٠
في هذا الملف نلتقي بعدد من الكُتّاب العرب الذين يُقدِّمون لنا رؤاهم حول ماذا يحدث في غزّة؟
وما يستدعي الدرس والتمحيص والنقاش والجدال والنقد، لأنّ الأشياء تحيا بالدرس وإعادة الفهم، وتموت بالحفظ والتلقين٠
فرح وليد فودة من فلسطين تكتب لنا من زاويتها “ماذا يحدث غزة”؟

أن تكون فلسطينيا يعني أن تكون شهيداً حتى لو لم تمت…
فرح وليد فودة/فلسطين
1- الفلسطيني اسم يؤرِّق من حوله:
الفلسطيني تسبّب بصداع مزمن لكلّ سكان الكوكب، فجهادهم السري والعلني نضالهم العسكري والسلمي، بعد نعم الصغيرة ولا الكبيرة في أوسلو، بعد رحلة النضال في الداخل والخارج، بعد الياسر وياسين، وأصابهم ما يصيب الضمير من أوجاع، صار الدم المراق في الطرقات عادياً بات لا يدمعنا، ولا يجرح الأمن الساكن فينا، تاريخ شتاتٍ عريق، سنوات ضياعٍ عن أمنا الأرض، حرب إبادةٍ لكل ما هو فلسطينيّ، يا زحمة الحكي فينا سامحينا ما عرفنا نبوح.. أعيننا حارت ماذا تبكي؟ من مات أم على من بقي؟ فرائحة الحزن تفوح في كل شارع، والألم سكن بيوتنا وأصواتنا بُحت من الصلاة وما زلنا نصلّي لأنّنا لا نملك إلا الدعاء وهذه قشتنا الأخيرة، بات عجزنا يخيفنا.. أنا من بلاد ألاّ عودة فيها عن حق يُسلب..
أنا من فلسطين الحرة التي تُركت وحيدة منذُ زمن تُغتصب، أنا من بحر غزة، حيفا، عكا، المجدل، رفح، أنا من جبلها نابلس، القدس، طولكرم، الخليل، أنا من سهل عامر، من تل الربيع، بيت لحم، رام الله، أنا من صحرائها في النقب، أنا؛ أعرفتم من أنا؟ أنا من بلدٍ رأت الناس يغلقون عليها الحدود، عن الأطفال والنساء والشيوخ الركع، من بلادٍ في بيوتهم ساحات حربٍ بدل أن تكون ساحات لعب.
في فلسطين لدينا لعبة لا توجد في كل العالم، وهي لعبة تشييع الشهيد، وضرب الصواريخ على الأطفال وقتل الأجنة في بطون أمهاتهم، ولا ّأحد يجرؤ أن يتكلم، لا شيخٌ ولا إمامٌ ولا رئيسٌ ولا شعبٌ تجرأ إلاّ على الكلام وإرسال الأكفان.

2- خوف تحت القصف:
غزة عزتنا لا يزال الحزن يكتنف هذه البقعة الصغيرة من الأرض، أحزانٌ فاقت حدود الجغرافيا وقدرة التحمّل البشري، لكم هي مظلمةٌ هذه البقعة، نجومٌ كثيرةٌ ستسطع اللّيلة ستسطع حزناً وقهراً على بقايا ذكرياتٍ وقصصٍ لم تنتهِ..
تَحت القصف، نَحتاجُ كــثيراً مِن الشرح.. عن وطـــنٍ.. في جــداره شـــرخٌ فاق الوصـــف.. موجودٌ بداخلنا يصاحبه الخــوف.. هُناك في الآفاق طموحٌ يجلبُ المــوت، أنا المواطن ابن المواطن، الفقيد ابن الفقيد أخشى الحياة وأخشى الفقر وأخشى الفقد.. وَأخشى أن أموت في غُربتي، وَأخشـى أن أعيش في موطـني.. للفلسطينيين تقويمٌ خاصٌ لهم بنكبتهم يبدأ من صبرا وشاتيلا، ولا يبدو أن له نهاية إلا في القدس، وتفاصيل مروعةٌ لجريمة شرف أغمض العالم عيونه وضميره عنها.. لا ارتجال وبيت المقدس هيمان.. لتكبيرٍ وتهليلٍ وشبابٌ يحكي إيماناً.. الارتجال الحق أعرفه.. الارتجال الحق نيران.. الارتجال الحق إيمان.. الارتجال الحق فرقان..

أمل سيسطع رغم كل شيء
وقفنا أخيراً أمام الجدار ووقفنا طويلاً أمام أوسلو وبعد خمسة وسبعين عاماً من النضال العسكري، وبعد وقوفنا المتقطع على شبرٍ واحدٍ من أرضنا.. وبعد الجزع والجوع والعطش…. ارتوينا من دماء الشهداء، لا يزال الحزن يكتنف هذه البقعة الصغيرة من الأرض، أحزانٌ فاقت حدود الجغرافيا، وقدرة التحمل البشريّ، لكم هي مظلمةٌ هذه البقعة، نجومٌ كثيرةٌ ستسطع الليلة ستسطع حزناً وقهراً على بقايا ذكرياتٍ وقصصٍ لم تنته.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!