إعداد: سليم النجار- وداد أبوشنب
” مقدِّمة”
مفردة “السؤال” وحدها تحيل إلى الحرية المطلقة في تقليب الأفكار على وجوهها، ربّما هدمها من الأساس والبناء على أنقاضها، كما أنَّها من أسس مواجهة المجازر وحرب الإبادة التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني في غزّة والضّفّة، من قِبَل الاحتلال الاسرائيلي٠
في هذا الملف نلتقي بعدد من الكُتّاب العرب الذين يُقدِّمون لنا رؤاهم حول ماذا يحدث في غزّة؟
وما يستدعي الدرس والتمحيص والنقاش والجدال والنقد، لأنّ الأشياء تحيا بالدرس وإعادة الفهم، وتموت بالحفظ والتلقين٠
الصحفي محمد اللّحام من فلسطين يكتب لنا من زوايته “ماذا يحدث غزة”؟
لماذا لا يشرب الصحفيون في غزّة الماء؟
محمد اللّحّام/فلسطين
1-أهم قواعد العمل الإعلامي “حياتك اهم من الخبر”:
أكّد العديد من الصحفيين العاملين في مدينة غزّة لتغطية الحرب الإسرائيلية على القطاع أنّهم يعيشون ظروفا استثنائية وغير إنسانية في ظلّ تهديد دائم على حياتهم وهم الذين فقدوا نحو 22 صحفيا من زملائهم بين أكثر من 7 آلاف مواطن قضوا بفعل صواريخ الاحتلال المنطلقة من الطائرات الإسرائيلية منذ السابع من الشهر الجاري.
أهم قواعد العمل الإعلامي (حياتك أهم من الخبر) الصحفي مطالب ألاّ يعرض حياته للخطر في سبيل الخبر، وهذا المفهوم المهني سليم إلا أن المهنية هنا في فلسطين بشكل عام وفي قطاع غزّة بشكل خاص لا يمكن فصلها عن الوطنية والانتماء لهموم وهمّة الحالة العامة لأن الحالة الإعلامية لم تكن يوما انعزالية ولذلك تتجلى المهنية مع الوطنية، وهذا له أثمان.
2-من أعقد الأمور التي الإنسان في غزّة “قضاء الحاجة”:
من بين الأمور الحياتية التي قد تبدو صغيرة وسط المجازر الاحتلالية هي “قضاء الحاجة” بالبعد الآدمي البيولوجي حيث ترك الصحفيون مكاتبهم بعد قصف أكثر من 50 مؤسسة إعلامية وتركوا بيوتهم بعد قصف أكثر من 20 منزلا للصحافين كان آخرهم منزل الزميل وائل الدحدوح مراسل الجزيرة الذي فقد زوجته وأبنائه بقصف الطائرات الإسرائيلية لمنزله.
يتواجد حوالي 80 من الصحفيين والصحفيات والطواقم الإنتاجية في محيط مستشفى الشفاء وفق تقديرات بعض الزملاء وهؤلاء الصحفيون ضاقت عليهم السماء والأرض ولم يجدوا إلا أطراف مستشفى الشفاء التي بها وفي محيطها آلاف من المرضى والنازحين ممن تقطعت بهم السبل وفقدوا بيوتهم إضافة للطواقم الطبية والإغاثية حيث لا يتوفّر بالمستشفى سوى عدد محدود من “المراحيض” هي أصلا مخصصة لعدد محدود من المرضى.
وقال الصحفي وسام زغبر وسط ذلك تجد أن لزاما عليك حجز دور حقيقة قد يمتد إلى 5 ساعات وأكثر حتى تتمكن من “قضاء الحاجة” بفعل زحمة المكان.
3-حلول مأساوية من أجل التعايش:
كما أشار الصحفي عادل الزعنون من وكالة الأنباء الفرنسية أن العديد من الصحفيين يتكيّفون مع الواقع من خلال التقليل قدر الإمكان من شرب الماء أو السوائل وكذلك الاكتفاء بوجبة واحدة تحسبا لصعوبة إيجاد “مرحاض” من جانب وتحسبا من الانشغال بحاجة آدمية لساعات في سبيل قضائها وترك الميدان في ظلّ استدامة القصف وتوالي الأحداث.
فإذا كان هذا حال الصحفيين في غزّة الذين كفل لهم القانون الدولي والمواثيق الأممية الحماية وحرية العمل فما بالكم بحال الشعب الأعزل الذي يتعرّض للذبح أمام الشاشات ومجالس الأمم التي رفضت حتّى اللحظة قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار في إشارة لتشريع تلك النظم السياسية التي تمثل أممها باستمرار قتل شعبنا الفلسطيني.