إعداد: سليم النجار- وداد أبوشنب
” مقدِّمة”
مفردة “السؤال” وحدها تحيل إلى الحرية المطلقة في تقليب الأفكار على وجوهها، ربّما هدمها من الأساس والبناء على أنقاضها، كما أنَّها من أسس مواجهة المجازر وحرب الإبادة التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني في غزّة والضّفّة، من قِبَل الاحتلال الاسرائيلي٠
في هذا الملف نلتقي بعدد من الكُتّاب العرب الذين يُقدِّمون لنا رؤاهم حول ماذا يحدث في غزّة؟
وما يستدعي الدرس والتمحيص والنقاش والجدال والنقد، لأنّ الأشياء تحيا بالدرس وإعادة الفهم، وتموت بالحفظ والتلقين٠
منذر اللالا من الأردن يكتب لنا من زاويته “ماذا يحدث غزة”؟
وحِّدنا بمعجزةٍ فلسطينيِّةٍ
منذر كامل اللالا
مسترسلا في هوية الفلسطينيّ وبعد أن يقول: «انتصرْ» في قصيدته «مديح الظّلّ العالي» يقول الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش: «وحِّدنا بمعجزةٍ فلسطينيِّةٍ» ها هي المعجزة باتت في قبضة اليد، وعشنا ملامحَها الأولى في 7 أكتوبر 2023، ففلسطين على مدّة عصورها الطويلة والممتدّة في أعماق التاريخ البشرية تواصل صراعها، تحاول أن تلمّ شتات ما تعاقب عليها من حروب وصراعات واحتلالات.
1- “وحِّدنا بمعجزةٍ فلسطينيِّةٍ”/فلسطين تاريخيا
إنّها فلسطين التي أدانت رقاب ملوك لقدميها، وجاعت إمبراطوريات لتشرب من عذبها وعلى شرفتها وقف “تحتمس الثالث” مرتاعا من أرض اللبن والعسل والسّمّ الزّعاف لجيشه الأسطورة، وعلى عنقها الذي يرفع حضارات ويذلّها تكّسرت رقبة “نابليون”.
من بطنها الأخضر طلع “هانيبعل” مُذلّ روما ومخرّب شوارعها، فاتح أيبيريا وإفريقيا ورافع مجد كنعان من طرابلس الشرق إلى طرابلس الغرب حتى شواطئ إسبانيا وتخوم الألب.. موحّد العرب الأول من سوريا إلى المغرب، ومدشنا البحر الأبيض بحيرة كنعانية أو تكاد. وعلى أبواب قدسها أزال صلاح الدين حملة أوروبا عن جدرانها وأعاد للمسجد القصيّ ولقبّتِها قناديل الضوء والكرامة.
فالمعجزة الفلسطينية ليست وليدة الحاضر، إنها امتداد لكامل تاريخها، والشعب الفلسطيني هو المعجزة ورغم أنّه يمتلك كلّ أسباب اليأس والانكسار، لكنه لم ينكسر، بل انتصر مراراً على نفسه وعلى عدوِّه “فاظهر مثل عنقاء الرماد من الدمار”.
2- “وحِّدنا بمعجزةٍ فلسطينيِّةٍ”/أبوعبيدة
أجمل تمثّلاتها اليوم هي ما يظهره الملثم أبو عبيدة” الناطق باسم كتائب عزّ الدين القسّام، فجميع الفلسطينيين ومعهم شرفاء الأمّة وأحرار العالم باتوا يترقبون طلّته وينتظرون بشاراته وتعليماته، يطالعون عيونه الغاضبة وحركة سبابة يده اليمنى وهي ترسم الغد وتنبئ بمستقبل واعد، يرقبون فصاحة لغته ومفرداتها التي تحمل المعاني والدلالات، فباتوا اليوم وبعد خطابه الأخير يبحثون عن: لعنة العقد الثامن التي نطق بها في خطابه الأخير “حيث تقول النظريات ونبوءات الحاخامات وأسفار التلمود والتوراة وبعض الساسة الصهاينة، إن التاريخ أثبت أنّ دُول اليهود لم تُعمّر أكثر من 80 عامًا “.
3- “وحِّدنا بمعجزةٍ فلسطينيِّةٍ”/فشل السلطة وثقة الشعب بالنصر
ولأنهم يثقون بالنصر، لم يقل أهل غزة لغُزاتهم: «سرقت دموعنا يا ذئب: أتقتلني وتسرق جثتي وتبيعها! اخرج قليلاً من دمي حتى يراك الليل أكثر حلكةً. واخرج لكي نمشي إلى مائدة التفاوض، واضحين كما الحقيقة: قاتلاً يدلي بسكين، وقتلى يدلون بالأسماء». لم يفعل الفلسطينيون ذلك لأنّهم خبروا كيف أن مفاوضات أوسلو زادت من ضياع فلسطين وأذهبت ما تبقى من حلم بالعودة والتحرير. ولأنّهم خبروا كيف أفضت إليه السلطة الفلسطينيّة التي مُسِخت بقدرة القادر، فتحوّلت من حركة تحرير، لتصبح عملياً، جهازاً تابعاً.
4- وحِّدنا بمعجزةٍ فلسطينيِّةٍ/أمل التوحيد
هذا الفعل الذي جرى ويجري، ليس محطة عابرة، ليس سطراً في الحكاية، هو بدقة متناهية، إيمان بالتحرير، فما أنجزته المقاومة الفلسطينية في يوم واحد، يعادل تقريباً ما أنجزته جيوش نظامية قبل 50 عاماً… فيا أيتها المقاومة وحدينا بمعجزة فلسطينية!