الشاعرة ليلاس زرزور تحاور الشاعر السوري احمد الصاغر

الشاعر السوري

علي أحمد الصاغر
من مواليد حلب
حائز على إجازة في اللغة العربية وآدابها من جامعة حلب
عمل مدرسا للغة العربية في الريف الشرقي لمحافظة حلب حتى عام 2012
انتقل للعمل والإقامة في مدينة إسطنبول التركية مدة أربع سنوات ليعود بعدها لبلده الأم سوريا
له ديوان( نزف المداد )
وعدة قصائد في دواوين مشتركة مع نخبة من الشعراء.
نشرت له العديد من المجلات الورقية والمواقع الإلكترونية ..
شارك بالعديد من المسابقات والمساجلات الشعرية ..

كان لنا معه هذا الحوار الماتع القيم ..

** متى اكتشفت موهبتك الشعرية ؟ وهل كان للظروف التي عشتها دورها في ظهور هذه الموهبة ومن كان له الفضل في اكتشاف موهبتك الشعرية ؟
في الحقيقة كان لدي ميول للكتابة منذ المرحلة الثانوية ولكن كنت أكتب دون إلمام بالعروض والأوزان الشعرية وقد ساهمت الأحداث الأخيرة في بلادي بنمو هذه الموهبة ولا سيما بعد تغربي عن الوطن والبعد عن الأهل فبدأت بكتابة الشعر الموزون بعد دراستي للغة العربية وتمكني من البحور الشعرية.

** الشعر الحقيقي هو انعكاس لموهبة ولكن ذلك لا يكفي لانتاج ما نصبو إليه من إبداع .. ما هي العوامل التي تسهم في تشكيل هذه التجربة ؟
الظروف التي يعيشها الشاعر تشكل العامل الرئيس في تشكيل هذه التجربة وتناميها ووجود الملهم الحقيقي للشاعر والدعم النفسي من القراء.

** كثير من الشعراء لديهم الحظ ولكن ليس لديهم المعجم اللغوي كيف تفسر ذلك ؟
قلة القراءة بالدرجة الأولى وذلك نتيجة الانشغال بمتطلبات الحياة وعدم وجود الظروف المساعدة على التفرغ للقراءة والمطالعة.

**ما رأيك بالحركة الأدبية حاليا خاصة بعد انتشار وسائل التواصل الإجتماعي السريعة ؟
أرى أنها في ذروتها أو تكاد تصل إليها لسهولة الانتشار وانشغال الناس بوسائل التواصل مما ساهم بشكل كبير في الزخم الذي تشهده الساحة الأدبية.

ما بينَ جرحينِ قلبُ الصبِّ يعتصرُ
ويـنزفُ القهرَ في تشييعِ من عبروا

جرحِ الديارِ التي بالموتِ قد غرقت
وجـرحِ قـومٍ بـعهدِ الـودِّ قـد غدروا

ما بينَ حزنينِ ذاب القلبُ من وجعٍ
إذ إنَّ نــارًا بــذي الأضــلاعِ تـستعرُ

أبـكي جـراحيَ أم أبـكيكَ يا وطني
فـقـد تـضـوَّعَ مــن أنـفـاسنا الـكـدرُ

حــالـي كـحـالـكَ فـــالآلامُ واحـــدةٌ
وقــد تـغـافلَ عــن إنـصـافنا الـبشرُ

ظـلمًا رموني بسهمِ الغدرِ وارتحلوا
كـمـا رمـوكَ بـكفِّ الـقهرِ وانـحسروا

لا حـلمَ عندي ليحيا القلبُ في أملٍ
ولا ســـرورَ بـــذي الأيّـــامِ يُـنـتـظَرُ

مــا نـارُ نـمرودَ إلا بـعضُ مـحرقتي
والــروحُ فـيـها مــعَ الآمـالِ تـنصهرُ

حـتّـى غــدوتُ رمـادًا خـابَ طـالبُهُ
فــي يــومِ ريـحٍ إذا مـا بـاتَ يـنتثرُ

هــل كــانَ قـلبيَ إلا مـضغةً حـملتْ
مـا ليسَ يقوى على أوجاعهِ الحجرُ

وكـم ذرفـتُ دمـوعَ القهرِ في حرقٍ
تـنـبيكَ عـيـنٌ بـها الـمأساةُ تُـختصَرُ

** هل يمكن القول أن المعلم هو الأساس لاطلاق أي موهبة أدبية
وهل يستطيع المعلم أن يختصر على الموهوبين سنوات طويلة يحتاج إليها الموهوب لتطوير ذاته ؟
لا أنتقص من حق المعلم ودوره ولكن الأساس الأول هو وجود الذات المبدعة ورغبة صاحبها في تطويرها والارتقاء بها ولا يمكن للمعلم زرع الموهبة والإبداع وإنما له الدور الكبير في تنميتها وتطويرها.

**ما رأيك بالنقد ؟
ج. النقد عندما يكون بناء يساهم بشكل كبير في تطور الشاعر وتقدمه ويساعد على تجاوز الأخطاء والهنات الشعرية لاسيما إن كان بأسلوب لبق وخالٍ من التجريح ومحاولة تصيد الأخطاء وهذا ما نفتقر إليه صراحة عند الكثير ممن جعلوا أنفسهم نقاداً وأوصياء على الأدب وأهله وساهموا بشكل ملحوظ في غياب الكثير من الأقلام المبدعة والتي كانت ستسهم في الساحة الأدبية لو وجدت العناية اللازمة والأسلوب المناسب لتجاوز بعض العثرات.

** هل ترى ان الشعر العربي حاليا يمر بحالة تقهقر؟.
ج. لا يمكن القول بذلك فهناك الكثير من الشعراء المتميزين والمبدعين وهناك الكثير من القضايا والموضوعات التي يتم طرحها ولكن تحتاج لقارئ مهتم ومناخ ملائم.

وعــذلـتُ كــلَّ الـعـاشقينَ لـزعـمهم
أنّ الــقــلـوبَ رهــيـنـةُ الأشــــواقِ

حـتّى ابـتليتُ بـما عـذلتُ وهاجني
شـــوقٌ عـظـيـمٌ مـــا لـــه مــن راقِ

لـلـساكنينَ شـغـافَ قـلـبي والـحشا
والـمـوقـديـنَ بـبـعـدهـم أحــداقـي

الـراحـلـيـنَ بـــذا الــفـؤادِ ونـبـضـهِ
والـسـائلينَ – بـما قَـضَوا – إحـراقي

فــالـيـوم أعــلـنُ لــلأنـامِ تـراجـعـي
عـــن كـــلِّ قـــولٍ قـلـتُـهُ لـرفـاقـي

ويـــردّدُ الأشـــواقَ قـلـبـي مُـعـلِـنـًا
أنّـــي انـضـمـمتُ لـمـعـشرِ الـعـشَّاقِ

فأصـيـحُ مـنـتـشيـًا بـلـوعـةِ مُـغـرَمٍ
قــد ذابَ شـوقـًا فــي دروبِ فـراقِ

ما أطيبَ الأشواقَ إن هي صاحبت
حــلــمــًا جميـلًا مُــبـهِـجــًا بــتــلاقِ

** ألا تشعر بأن هناك تباينا بين الشعر المعاصر والشعر القديم؟.
ج. بالطبع هناك تباين واضح لاختلاف الزمان واختلاف القضايا والموضوعات وضعف الرصيد اللغوي .

**ما نوع الشعر المفضل لديك ؟
شعر الغزل بالدرجة الأولى لأنه الأقرب للقارئ والشاعر على حد سواء ويدخل في إطاره الوطن الذي يعتبر المعشوق الأسمى.
هل الشعر هو تعبير عن الإحساس
ج. بالتأكيد هو تعبير عن إحساس الشاعر ومشاعره واللحظة التي يعيشها فلا يمكن الكتابة في أي وقت لمجرد الرغبة في الكتابة وإن حدث ذلك سيكون شعرا جامدا مبتذلا بعيدا كل البعد عن قلوب القراء.

** هل الشعر صناعة ؟
ج. هو كذلك عند بعض الشعراء الذين يسعون دائما لكتابة القصائد القوية ذات البلاغة والأسلوب المتين على خلاف البعض الذين يكتبون ما يجول في خواطرهم دون الاهتمام بشكل القصيدة وأسلوبها.

** ما رأيك بقصيدة النثر التي تحررت من القافية والتفعيلة والوزن وزاحمت القصيدة التقليدية ؟ وهل انت مع تصنيفها تحت خانة الشعر ؟
بالنسبة لي لا أفضل هذا النوع من الكتابة ولا يمكن تصنيفها من وجهة نظري تحت خانة الشعر ولكن من باب الإنصاف هناك كتابات جميلة ومعبرة ولكنها لا تخرج عن إطار النثر الجميل ولا ترقى لمستوى أن يقال عنها قصيدة.

** كيف ترى الوطن في شعرك؟.
ج. الوطن كما قلت مسبقا هو المعشوق الأسمى للشاعر عامة وللشاعر المغترب خاصة وتبقى قصائد الوطن الأقرب إلى القلوب لاسيما مع معاناة معظم بلداننا العربية وجراحها.

**ماهي العوامل التي ادت إلى الحد من انتشار الكتاب الورقي في عالمنا العربي ؟ وهل تعتقد بأن وسائل الإتصال الحديثة سهلت الحصول على النسخ المجانية إحدى هذه العوامل ؟
قلة الاهتمام والرغبة بالكتب الورقية مع توافرها بشكل إلكتروني وصعوبة الحصول عليها لعامل مادي أو جغرافي .

** كيف تجد المرأة كشاعرة ؟
ج. أثبتت المرأة قدرتها ونجاحها في كافة المجالات التي تكون فيها وكان لها ثقل ومكانة في عالم الشعر والأدب وهناك الكثير من الشواعر المبدعات والمتميزات اللواتي يعتبرن من أئمة الشعر وساداته.

** هل توافق على مقولة إن إصدار الدواوين هو إثبات للذات أولا وأخيرا؟.
هذا عند البعض الذين يسعون للشهرة أو الذين يخافون على ضياع نتاجهم الفكري ولكن هناك الكثير ممن يكتبون ولا يفكرون إطلاقا بطباعة ديوان ولا يجدون ذواتهم مقيدة بين دفتي كتاب.

** ما سر نجاح الشاعر؟.
قربه من القراء ومحاولة طرح القضايا التي تعبر عنهم وتلامس وجدانهم.

حـكّـمْ ضـمـيركَ قــد أتـيـتُ لأسـألَكْ
مـا بـالُ قـلبِكَ دربَ هجري قد سلَكْ

أرأيـــــتَ أنّـــــي بــالــوفـاءِ مــقـيّـدٌ
أم أنَّ غـــيــري بـالـمـحـبّـةِ أمّـــلَــكْ

أو أنَّ قُــربــي قــــد تــقـادمَ عــهـدُهُ
وبــدأتَ تـلمحُ فـي وصـالي مـقتلَكْ

أنـسيتَ أنّـي قـد حـملتُكَ فـي دمي
وجـعلتُ صدري في المنافي منزلَكْ

وقـددتُ روحـي حـينَ جئتَ مُبعثَرًا
كـــي أحـتـويـكَ بـبـعـضِها وأزمّـلَـكْ

يـا مـن رسـمتُكَ فـي خـيالي يوسفًا
فـأتيتُ أصـرخُ من حنيني هيتَ لكْ

وطَفِقتُ أخصِفُ فوقَ جرحي بسمةً
كــيـلا تـنـاظـرَ دمـعـتـي أو أشـغـلَكْ

وضـمـمـتُ طـيـفـكَ لـلـجناحِ بـلـهفةٍ
وأبـيـتُ رغــمَ تـحـطّمي أنْ أخـذلَكْ

روّيـــتُ قـلـبـكَ صــفـوَ ودّي سـائـغًا
مـا كـانَ ذنـبي كـي أُجرّعَ حنظلَكْ ؟

وعــلامَ تـجـزي بـالـصّدودِ وبـالـجفا
وتـمـيتُ صبّـًا فـي الـحنايا أنـزلَكْ ؟

إنْ كـنتَ تـطمعُ أنْ تذوبَ حشاشتي
بـشـراكَ خـلّـي إنَّ قـلـبي قــد هـلَـكْ

** لمن تودع أسرارك وأراءك الشخصية.؟
للأصدقاء المقربين الذين أجد فيهم الأمانة والحب الصادق.

** لو جلست وتساءلت حول ما أنجزته فماذا تقول ؟.
ج. أنا راض كل الرضا عن نفسي رغم أني لم أحقق ما أصبو إليه ولم أنجز مايستحق الذكر وكل واحد منا يسعى للأفضل دوما ولكن تبقى إرادة الله فوق الجميع.

** ماهي كلمتك لجيل اليوم؟.
ج. هذا الجيل عانى ومازال يعاني وظلم كثيرا بما تشهده البلاد العربية ولكن يبقى الأمل موجودا وعليه البذل والسعي لمستقبل أفضل ولابد من التحلي ببعض المسؤولية للمساهمة في بناء غد أجمل.

** كلمة تحب توجيهها إلى القراء ؟.
بكم يكبر كل شاعر وبمحبتكم يبدع وبإنصافكم يرتقي فكونوا المعين على الإستمرار والمساهم في البقاء فلولا وجودكم ما وجد من يبدع ويكتب ولولا حبكم ودعمكم وجمال قلوبكم لجفت الأقلام واختفى أصحابها.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!