الشاعرة ليلاس زرزور تحاور الشاعر الهندي معصوم أحمد

الشاعر معصوم أحمد / الهند
ولد في مدينة كاليكوت – الهند ١٩٩٢م.
مدرس اللغة العربية في مدرسة حكومية ببيفور، كيرالا- الهند
باحث الدكتوراه في الأدب العربي، بجامعة كاليكوت -الهند
تخرج من الجامعة الندوية بأيداونا- كيرالا حاصلا على شهادة البكالوريوس في اللغة العربية عام ٢٠١٢م.
وحصل على شهادة البكالوريوس في التدريب والتعليم عام ٢٠١٣م،
وشهادة الماجستير في الأدب العربي من كلية الآداب والعلوم لدار الأيتام المسلمين بمقاطعة وايناد -كيرالا عام ٢٠١٦م.
وحصل على درجة ما قبل الدكتوراه (ماجستير في الفلسفة) من جامعة كاليكوت عام ٢٠١٧م.
قام بتقديم عدد كبير من المحاضرات الأكاديمية في الندوات والمجلات الوطنية والدولية. نشر عددا كبيرا من القصائد العربية في الجرائد والصحف والمجلات. وله مجموعة من القصائد المختارة تحت الطبع.
شارك في مسابقات كثيرة على المستوى الجامعي وحصل على جائزة ‘سرغابراديبا – عبقرية الأدب’ من جامعة كاليكوت عام ٢٠١٦م.
المركز الأول في عامي ٢٠١٧م و٢٠١٨م في مسابقة المدرسين للغة العربية التي تعقدها إدارة التعليم العام- حكومة كيرالا.

كان لنا معه هذا الحوار القيم الماتع …

** متى اكتشفت موهبتك الشعرية ؟ وهل كان للظروف التي عشتها دورها في ظهور هذه الموهبة؟، ومن كان له الفضل في اكتشاف موهبتك الشعرية؟ .

أعتقد بأن موهبتي الشعرية تجلت فيّ ربعها أو نصفها حتى الآن، ولم تنجل كاملة إلا أنها لا تزال تكتمل. واكتشفت بدايتها أيام دراستي البكالوريوس بالجامعة الندوية -كيرالا. كنت أحضر المسابقات للشعر العربي، فأول ما حاولت كتابة الشعر كانت حول رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم، ولكني لا أجيدها وزنا أو قافية وقتذاك. ثم حضرت بعد ذلك مسابقات كثيرة على المستوى الجامعي وجعلت أحفظ بعض الأشعار العربية وأقرأها دائما،
نعم، لقد أرشدني زملائي الأعزاء إلى كتابة الشعر وشجعوني في استمرارها.لا أستطيع تحديد أسماءهم خوفا أن يهمل أحدهم.

“سميتني -حين جئت الكون- معصوما
والآن قد -يا أبي- أصبحت مهزوما”

** الشعر الحقيقي هو انعكاس لموهبة ولكن ذلك لا يكفي لانتاج ما نصبو إليه من إبداع .. ما هي العوامل التي تسهم في تشكيل هذه التجربة؟

الموهبة قدرة فطرية لدى الفرد، وهي تنبع من داخله، وبعيد عما يكتسبه خلال حياته من التعليم. أما بالنسبة لي أود أن أقول أن الشعر موهبة أولا ودراسة ثانيا. لأنني كما أنتم تعرفون هندي الجنسية، ولدت في ولاية كيرالا الهند ونشأت فيها، ولم أزر في حياتي بلدا عربيا قط، إنما درست هذه اللغة من المدارس والجامعات. ولو لم أزر المدارس لما كتبت شعرا عربيا في حياتي. تعلمت العربية ويسيرا من الشعر والعروض، فالشاعرية التي في ضميري جعلتني أكتب في العربية ما شئت . فهناك عوامل كثيرة في تشكيل هذه التجربة.اللغة تُحصل من المعاهد والمدارس والجامعات أما الشاعرية لا.

**كثير من الشعراء لديهم الحظ ولكن ليس لديهم المعجم اللغوي كيف تفسر ذلك ؟
هذا ما قلته آنفا في جوابي السابق، صحيح الحظ والعلم لهما دور كبير في انتشار الشاعر.

** ما رأيك بالحركة الأدبية حاليا خاصة بعد انتشار وسائل التواصل الإجتماعي السريعة؟
ان لها دور واسع في إثراء الأدب في كل مكان، لقد تولدت في هذه الأزمنة فنون أدبية جديدة في كل لغات العالم، خاصة في اللغة العربية. يوجد قصص وأشعار بأدق نوعهما مثل الومضات والشطحات. تساير الكلمات والعبارات في شتى طراز أو اتجاهات، كثيرة الاستخدامات للمقتبسات وانتشار مقاطع الفيديو وغيرها جعلت النتاج الأدبي أكثر انتشارا وازدهارا بين المجموعات والصفحات في وسائل التواصل الإجتماعي.

**هل يمكن القول أن المعلم هو الأساس لاطلاق أي موهبة أدبية؟ وهل يستطيع المعلم أن يختصر على الموهوبين سنوات طويلة يحتاج إليها الموهوب لتطوير ذاته؟

لا، بل هو مصمم وموجه لمن كان لديه الموهبة الأدبية،
إذا كان المعلم أساسا لاطلاق الموهبة الأدبية لكان جميع جريجي الجامعات شعراء وأدباء!

** ما رأيك بالنقد؟
الأدب والنقد كالليل والنهار، بعد كل ليل نهار وكل نهار ليل. هما من موجبات الكون. فالنقد يميز الأدب الطيب من الأدب الرديء، كلنا نميز الخير من الشر في كل الأمور.
والأدب أيضا هكذا، لا بد أن يميز الجيد من الرديء. ولكن في هذه الأيام صارت حالة النقد والنقاد نفس الحالة للإعلام والصحافة. لا يمكن لنا أن نثق فيما نسمع ونشاهد. وقد اختلط الصدق بالكذب. أذكر قصة ومضة كتبها الأديب حسن الفياض عن الأديب في هذه الأيام:
الأديب
تعرى بنات أفكاره؛ فهاجم بهن النقاد.

** هل ترى أن الشعر العربي حاليا يمر بحالة تقهقر؟
كلا، انه في حالة راقية تتطور يوما بعد يوم. هذا عصر العلم والتكنولوجيا، كثرت الشبكات للتواصل. ولقد شهدنا في هذه الأيام أشعارا مدهشة في مواضيع كثيرة، أحيانا كنت أشعر لو كان شعراء هذا اليوم موجودين في العصر الجاهلي أو الأموي أو العباسي لسمعناهم بدلا عن امرئ القيس وعمر بن أبي ربيعة وابن زيدون. لأن الشعر ساحة واسعة لم يخطوها أحد قبلنا. هذا من رأيي فقط!

يا قدسُ, الهِندُ معكِ !

أرَى الْقُدسَ الغَريقَةَ في الدِمَاءِ
وَأَيدِي الهِنْدِ تُرْفَعُ بالدُعاءِ

ترى بلَدِي يشاركُ في دموعٍ
تُحاطُ بِها، وذَا أَدبُ العَزَاءِ

وَحاوَلتِ الصَهايِنةُ اقْتِرَابًا
لِتَسلُبَ كُلَّ قَلْبٍ كَالدِّمَاءِ

وَقالُوا الهندُ فِي صَفٍّ يَهُودِي
أَلَا هِندِي فَعَنْهُمْ فِي البَرَاءِ

بَكَتْ أَرْضِي وَيَبْكِي الْعَرَبُ فِيهَا
لَهُمْ أَبْدَى ‘الْمَهَاتْمَا’ فِي الْوَلَاءِ

وَكَمْ يَا قُدْسُ مِنْ مَدَدٍ وَعَدْنَا
تَرَى التَاريخَ فِي حَقِّ الوَفَاءِ

أَلَا أَنْتُمْ تَمَلَّكْتُمْ قُلُوبًا
وَقُدْسًا، كَيفَ تُملَكُ بِالدَّنَاءِ

تُؤيِّدُكُمْ قُلُوبٌ مِّلْئَ أَرْضٍ
لَكُمْ رَبٌّ يُبَارِكُ فِي السَّمَاءِ

فَلَا حُزْنٌ عَلى قُدْسٍ تَرَاهَا
تَبَسَّمَتِ الوُجوهُ وَفِي الْفَنَاءِ

**ألا تشعر بأن هناك تباينا بين الشعر المعاصر والشعر القديم؟
لا أشعر أي تباين بين المعاصر والقديم. بل أرى أن الشعر المعاصر يتابع ما أبقاه الشعر القديم متابعة حسنة.

** ما نوع الشعر المفضل لديك؟ هل الشعر هو تعبير عن الإحساس؟
أنا أفضل الشعر العمودي والنثري معا، أحب الشعر العربي بجميع أنواعه. أما عن المواضيع أفضل المواضيع الاجتماعية، لأن قلبي دائما يميل إليها بالشعر. أنا أتأثر بأحداثها أو مشاهدها وكثيرا ما كتبت أبياتا تصور الحالات الإجتماعية.
بلا شك، إنه أحاسيس

وما عندي لأَكتبَ من كلامٍ
ولكنِّي سأكتبُ بابتسامِي

ألَا أهلِي وأهلكَ في جموحٍ
تُعاتِبُني القبيلةُ بالملامِ

ولا أدرِي أَتفهمني وحبِّي
غَلى قلبِي إلى حدِّ الهُيامِ

فَخوفًا لا أطوقُ على حديثٍ
يُضايقني السكوتُ عن الغرامِ

إلى كَم ينطَوِي بيتِي بِحبّي
أَتأخُذني إِلى خيرِ الْمقامِ

فكَم نُخفي زمانَ الحبّ سرًّا
وكمْ نأتِي نُعانِقُ في المنامِ

وما لكَ أن تسيرَ معي سحابًا
وما لك أن تفجّر كتسونامي !

وكم من عاشق قطعوا ‘محالا’
متى عشقي؟ متى مسكُ الختامِ !

**هل الشعر صناعة؟.
نعم، الشعر صناعة من إجراءات متعددة، مثل الكتابة واختيار الكلمات والتنقيح وغيرها.

** ما رأيك بقصيدة النثر التي تحررت من القافية والتفعيلة والوزن وزاحمت القصيدة التقليدية ؟ وهل انت مع تصنيفها تحت خانة الشعر ؟
هناك شعراء لا يعتبرون هذا النوع شعرا، أما أنا أخالفهم بنظري الذي توضح لي أن لا يهمل أي شيء يثري الأدب واللغة ويكثر الذوق والجمال في الإنسان، وهذا النتاج الأدبي الجديد تربى تحت ظلالها عدد كبير من الشعراء، حيث استطاعوا أن يقدموا ألوانا راقية في الشعر بلا قيد ولا عدد. حتى تشكل هنا حرية في التقريض كما تشكل حرية في التعبير. نرى قصائد طائلة في هذا النوع تولد يوما فيوما، وتصدر المجموعات فيها، وهذا أسهل وأيسر طريقة لتعلم الشعر وممارسته للمبتدئين في الشعر العربي.

** كيف ترى الوطن في شعرك؟.
الشعر وطن، لمن لا يملك موضع سوط في الحياة، فيه السكن والهجرة والحياة والموت. والشعر حرب للوطن والمواطنين، ضد الفتن والمستبدين. هكذا يمر رأي عن الوطن في شعري.
وقد حاولت كثيرا أن أصور في أشعاري هذا النظر. كفاحا عن الإستبداد،و الآلام والصراع مع الأعداء.
أرَى الْقُدسَ الغَريقَةَ في الدِمَاءِ
وَأَيدِي الهِنْدِ تُرْفَعُ بالدُعاءِ

ترى بلَدِي يشاركُ في دموعٍ
تُحاطُ بِها، وذَا أَدبُ العَزَاءِ

**ماهي العوامل التي أدت إلى الحد من انتشار الكتاب الورقي في عالمنا العربي ؟ وهل تعتقد بأن وسائل الإتصال الحديثة سهلت الحصول على النسخ المجانية إحدى هذه العوامل ؟
التكنولوجيا، نعرف أن هذا زمن العولمة، وذلك من إنتاجها وتأثيرها بدون أي شكوك. سهلت الحصول على النسخ المجانية كما وسهلت الحصول على المعلومات بأول جذوة.حيث اقتصر العالم على الشاشات هذا أمر يجب أن نعترف به .
** كيف تنظر للمرأة في شعرك وكيف تجد المرأة كشاعرة ؟

هذا السؤال أعجبني كثيرا، لأن الشعر العربي كيف يهمل المرأة في حاضره ومستقبله إذ أن ماضيه مبني عليها. أحيانا نشعر بأن الشعر خلق للمرأة، كما أن المرأة خلقت له. المرأة تكون أما أو أختا أو زوجة أو عاشقة أو بنتا أو صديقة وما إلى ذلك.
أما في شعري هي أم مهاجرة حينا كما سبق، وعاشقة حينا آخر، ولا أرى غيرهما. أما العاشقة التي في شعري شاكية ومتألمة حينا وحينا..
“وما عندي لأَكتبَ من كلامٍ
ولكنِّي سأكتبُ بابتسامِي

ألَا أهلِي وأهلكَ في جموحٍ
تُعاتِبُني القبيلة بالملامِ

ولا أدرِي أَتفهمني وحبِّي
غَلى قلبِي إلى حدِّ الهُيامِ”

“لو لم تقولِي
وابتعدتِ بخطوةٍ
في البعدِ تنتظرُ السنينَ
مودَّتي

من أين يُغسل
عطرُ حبكِ إنني
أقضي الليالي بالدموع
وسهرتي

وسأنشر الأبيات
فيكِ قصائدًا
فالصدرُ مرٌّ عجزُه من
دمعتي
.
لرأيتِني في الدربِ
أقبعُ بالجوى
شعرًا جنونًا لا دواء
لجِنَّتي”

 هل توافق على مقولة إن إصدار الدواوين هو إثبات للذات أولا وأخيرا؟.

لا، هو ليس معياره لإثبات الذات.

**ما سر نجاح الشاعر؟.

سر وحيد، هو الصبر في الإلهام!

** لمن تودع أسرارك وأراءك الشخصية ؟
لمن يسمعني صبرا وصمتا، ومن يرى معي وقتا، أما آرائي الشخصية أودعها إلى الجميع ولن أوكلها على أحد.

**لو جلست وتساءلت حول ما أنجزته فماذا تقول؟
أقول عن مسيرتي الشعرية منذ أن بدأت. وكتاباتي المتواضعة طول حياتي، ليس فخرا، بل فخورا للتي ولدتني وربتني ونفقت علي ما لها وما لم يكن لديها.

** ماهي كلمتك لجيل اليوم؟.
لست واحدا آمر هذا الجيل، ولكن أنصحهم بالخير. تعلموا وتفكروا، وقدموا للغد أحسن ما عندكم اليوم.
** كلمة تحب توجيهها إلى القراء ..
اقرأ قبل أن تكتب. ولن تكتب قبل أن تقرأ.
فأول كلمة أنزلها ربنا تبارك وتعالى في كتابه : “اقرأ”.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!