أسماء وأسئلة: إعداد وتقديم : رضوان بن شيكار
تقف هذه السلسلة من الحوارات كل اسبوع مع مبدع اوفنان اوفاعل في احدى المجالات الحيوية في اسئلة سريعة ومقتضبة حول انشغالاته وجديد انتاجه وبعض الجوانب المتعلقة بشخصيته وعوالمه الخاصة.
ضيفة حلقة الاسبوع الكاتبة سمية البوغافرية
(1)كيف تعرفين نفسك للقراء في سطرين؟
كاتبة مغربية تنحدر من مدينة الناظور/ قبيلة بني بوغافر/ أسَرَتها الكتابة وأحكمت قبضتها عليها منذ وقت مبكر. وتعترف أن كل محاولاتها للانفلات من قبضتها لم تجد نفعا، فاستسلمت في الأخير لتيارها الجارف يقودها حيث تشاء..
(2) ماذا تقرأين الآن وماهو افضل كتاب قرأته ؟
لأن الشهر رمضان، فلقد تفرغت كلية لقراءة كتاب الله. وقبل هذا الشهر الفضيل، كنت انتهيت من رواية “فتاة من ورق” وشرعت في قراءة ظل الريح.. وكلها أعمال حملتها من النت. أما عن أفضل كتاب قرأته، فيصعب علي تحديد كتاب معين وتنصيبه على رأس قائمة الكتب التي قرأتها. كل ما يمكن لي الإدلاء به في هذا الصدد أن كتبي أختارها بعناية وأنها متنوعة جدا ولا أقتصر في قراءاتي فقط على الكتب الأدبية. وأحرص أن أنهل من كل حقول المعرفة قدر ما يسمح به وقتي. وأني أقضي معها وقتا ممتعا ومفيدا وأجدها خير رفيق يؤنسني في حلي وترحالي.
(3) متى بدأتِ الكتابة ولماذا تكتبين؟
بدأت الكتابة في وقت مبكر جدا، لكن لم أعطها الاهتمام الذي تستحقه إلا بعد 2002 ، حين التحق أصغر أبنائي بالروض. وقبلها، كنت أتعامل مع الكتابة كلعبة جميلة أتسلى بها، وغالبا ما أكتبه بيميني أمزقه بشمالي، إلى أن وقعت في يد زوجي فاحتضنها وأولى لها من الاهتمام والعناية ما جعلني ألتفت إلى أهميتها وقيمتها، وأعتني بها وأنشرها على صفحات النت حيث لقيت إعجابا وترحيبا من كتاب وأدباء كبار ما جعلني أغير نظرتي إلى ملكة الكتابة التي ألهمني الله وأبذل جهدا أكبر لصقل موهبتي وصياغة نصوصي لجلب لها المزيد من الإعجاب. وحين أقدمت على النشر الورقي ونشرت مجموعتي الأولى، عرفت حينها أني أبرمت عقدا مع الكتابة وسأظل وفية لهذا العقد إلى أن يشاء الله….
أما لماذا أكتب؟ فسؤال طالما طرحته على نفسي ولم أهتد إلى جواب مقنع عليه.. ربما أكتب لأعطي معنى لوجودي، ولأكون ذاتا فاعلة في مجتمعي، وربما أكتب لأحقق لنفسي نوعا من السعادة افتقدتها في واقع ضيق منغلق على نفسه، أيامه مكرورة تتوالد من رحم الرتابة ومستنسخة من بعض و لا جديد فيه يفرح النفس ويطمئنها. وربما أكتب لأني أرى خللا بشعا، يسري في نسغ واقعنا ويغرقه في سلسلة من مآس لا تنتهي، ويجرعنا سمومها ويحملنا أوزارها غير المحتملة… وأظن بالكتابة، هذا الوهم الجميل، استطعت أن أخلق لي واقعا آخر يتجدد باستمرار، عوالمه كثيرة قد لا يكفي عمرا واحدا لاكتشافها كلها، أحلق في أجوائه بحثا عن ضوء جميل أسوقه لواقعنا…
(4) ماذا تمثل مدينة الناظور بالنسبة لك؟
مدينة الناضور هي جزء مني أتمنى لها ما أتمناه لنفسي. وحضورها في أغلب كتاباتي يترجم عشقي الكبير لها وغيرتي الأكبر عليها. وأظن قد وافيتها بعض حقها في أغلب أعمالي الروائية وأقتطع لك هذه الفقرة من رواية جديدة عنونتها بـ” خلحال تيهيا”..
جاء فيها على لسان البطلة تيها: “حقيقة، لو كنت أملك قوة تضمن لي النصر الذي أطمح إليه، لاستسلمت لتحريضات تيهيتي ولارتحت وأرحتها، لناصرت كل المظلومين وعينتهم أسياد الكون، ولأعلنت الناضور عاصمة الجمال والكبرياء إلى جانب العواصم الشماء في العالم، وتوجت نساءها، سيدات العالم حتى ترضى تيهيتي وتهدأ وتتركني أعيش بسلام وأمان معها… هي تتعذب بما جرى في هذه البقعة من شمال إفريقيا، وتعذبني معها عذابا يفقدني أحيانا صوابي واتزاني.”
(5) هل انت راضية على انتاجاتك وماهي اعمالك المقبلة؟
في الحقيقة لا أتوقف عند أعمالي التي أصدرتها، أكتفي بالصدى الذي يصلني عنها من القارئ، ولا أعود إلى قراءتها، ولا أستطيب ذلك بيني وبين نفسي. أتجاوزها وأسعى قدر جهدي لإنتاج أفضل منها. وأفرح كثيرا حينما ألمس من متابعي تجربتي المتواضعة هذا التطور في اعمالي الجديدة. أما عن أعمالي القادمة التي سترى النور قريبا إن شاء الله، فرواية بعنوان “سيدة البرزخ الأولى”، التي فازت بالدعم من وزارة الثقافة عام 2018 ولم تنشر بعدّ، ورواية أخرى تحت عنوان :”خلخال تيهيا” ومجموعتان في القص القصير والقصير جدا، وأعمال أخرى في أدب الطفل.
(6) متى ستحرقين اوراقك الابداعية وتعتزلين الكتابة بشكل نهائي؟
الكتابة صارت جزء لا يتجزأ من حياتي. بقدر ما واجهت تيارها الجارف في الماضي بقدر ما صارت رفيقتي التي لا أتمنى أن تهجرني يوما. وأرجو من الله الذي ألهمني إياها أن يمدد في حبل عمرها إلى آخر عمري..
(7) ماهو العمل الذي تمنيتِ ان تكوني كاتبته وهل لك طقوس خاصة للكتابة؟
لا تستغرب إن قلت لك أني أكتب دائما عملا كنت أتمنى أن أقرأه. أما عن طقوسي في الكتابة أو بمعنى أدق عاداتي، فأتعامل مع الكتابة مثل أي عمل يمارسه صاحبه بحب وتفان وفرح أيضا، أحرص على أن أبدأه مبكرا كل يوم عدا يومي السبت والأحد ولا أتطلب للانطلاق غير الهدوء ومكانا اتعدت الكتابة فيه. وأحرص أن أنهي مشاريعي قبل انتهاء موسم الكتابة “فترة الخصوبة الإبداعية” التي تمتد عندي لبضعة أشهر من العام وبعدها جفاف مدقع..
(8) ماهو تقييمك للوضع الثقافي الحالي بالناظور؟ وما هو دور المثقف او المبدع في التغيير؟
في الحقيقة، من خلال الحركية والدينماميكية التي تعيشها مدينة الناضور في شتى مجالات الثقافة في السنوات الأخيرة، والتي تساهم فيها الجمعيات والأفراد على حد سواء، وبإصرار جميل، لا يسعنا إلا أن نتوقع إشعاعا ثقافيا طيبا طالما حلمنا به في مدينتنا.
أما عن دور المثقف أو المبدع في التغيير، فلا ينفيه أحد. فالمثقف الحقيقي الحر في إرادته وفكره والمخلص لمبادئه ورسالته، متمرد دائما على سياسات الجمود في بلاده، ويقود مسيرة تنويرية في مجتمعه، وسلطة لا يستهان بها في تكوين الوعي الجمعي وتنويره بما له وما عليه، ولهذا نجده يحارَب ويشد عليه الخناق في الدول المتخلفة حيث تستنسر البغاث ويتفشى الفساد والظلم، وتوجه إليه كل خراطيم جبروتها لإسكات صوته، وإطفاء شعلته لتستأسد و..
(9)ماذا يعني لك العيش في عزلة اجبارية وربما حرية اقل؟وهل العزلة قيد ام حرية بالنسبة للكاتب؟
إن كنت تقصد الحجر الصحي الذي فرضه علينا الوباء كوفيد 19 فأصدقك القول إنه لم يغير من أمري شيئا، ولم أشعر بوطأته كثيرا لأن الحجر/ العزلة الذي فرضته علي الكتابة هو أشد وأطول وقد تعايشت معه وتقبلته كقدر محتوم. وعن الشطر الثاني من سؤالك ففيه ثمة جواب جميل عنه، وهو أن العزلة حرية بالنسبة للكاتب، وأضيف أنها ضرورية ليطلق أجنحته ويحلق في ملكوته.
(10) شخصية من الماضي ترغبين لقاءها ولماذا ؟
جدنا محمد عبد الكريم الخطابي لأنه الرمز الذي أتمنى أن لا يخلو من أمثاله زمانا ولا مكانا.
(11) ماذا كنت ستغيرين في حياتك لو اتيحت لك فرصة البدء من جديد ولماذا؟
لو كنتَ طرحت علي هذا السؤال قبل عقد من الزمن لكان جوابي: أن أستقر في بلادي، وأتمم دراستي في الطب، وأصير طبيبة أطفال، وهو الحلم الذي عاش معي فترة، وتحسرت كثيرا عن انفلات خيطه من يدي. أما جوابي اليوم وبعدما استوعبت لعبة الحياة، وعرفت أن للأقدار أحكامها وقوتها في توجيه سفينة حياتنا بعيدا عن مخططاتنا وأحلامنا أحيانا، فأقول بكل صدق، إنه لو أتيحت لي فرصة للبدء من جديد، سأبذل كل جهدي لأدفع بأشرعة أيامي نحو المحطة التي ساقتني إليها أقداري.
(12) الكتابة في الغربة مجرد هوس ام ترياق ومتنفس؟ ثم الم يحن الوقت بعد لتستريحي من الترحال والاغتراب؟
أولا لم تكن يوما الكتابة في حياتي هوس أو ترف وترياق ومتنفس كما أشرت، وإنما مسئولية وعبء ثقيل. ولا غربة مع الكتابة خاصة وقد علمني التنقل بين الدول العربية أن كل البلدان أوطاني وكل ناسها أهلي. هذا فضلا على أن وسائل التواصل الحديثة خففت كثيرا من أوزار الغربة فلم تعد بتلك الحدة التي كانت عليها فيما قبل. اما عن الاستقرار وانتهاء الترحال فبعد عامين أو ثلاثة، وإن كان إلى حد كتابة هذه السطور لا أدري بعد بالضبط بلد الاسقرار إن كان وطني أو بلدا أجنبيا أو تحت التراب.
(13)اجمل واسوء ذكرى في حياتك؟
كثيرا من ذكريات جميلة مرت بحياتي ولا يزال أثرها حيا في دواخلي ويمدني بالفرح والسعادة والفخر أيضا.. لعل آخرها زواج ابني البكر صيف 2018
أما أسوأ ذكرى في حياتي فرحيل أمي المفاجئ عام 2012 والذي غير رؤيتي للحياة وتعاملي معها. ولعل أسوأ ذكرى أخرى منيت بها في حياتي مؤخرا فمرضي المفاجئ، أكتوبر 2018 ، والذي غير مجرى حياتي وقلب كل موازيني، أسأل الله العلي العظيم أن يكتب لي النصر عليه في أقرب الآجال.
(14) كلمة اخيرة او شيء ترغبين الحديث عنه؟
كلمة شكر كبيرة لك على تخصيص لي هذا الحيز الطيب في سلسلتك الشيقة ” أسماء وأسئلة” التي اتمنى لها كل النجاح.