الشاعر رضوان بن شيكار يستضيف الكاتبة الفلسطينية الأمريكية إبتسام بركات في زاويته أسماء وأسئلة المقيمة في الولايات المتحدة الأمريكية

أسماء وأسئلة:إعداد وتقديم رضوان بن شيكار
تقف هذه السلسلة من الحوارات كل اسبوع مع مبدع اوفنان اوفاعل في احدى المجالات الحيوية في اسئلة سريعة ومقتضبة حول انشغالاته وجديد انتاجه وبعض الجوانب المتعلقة بشخصيته وعوالمه الخاصة
.
ضيفة حلقة الاسبوع الكاتبة الفلسطينية الأميركية ابتسام بركات
. كيف تعرفين نفسك للقراء في سطرين؟
السطر الأول:أنا أعيش في أميركا أوؤلف كتبا بالعربية والانجليزية وأرسم أعمل في عالم الفن وخصوصا فن اللغة
السطر الثاني: بخصوص هذا اليوم: أنا حزينة بعمق على فقدان الصحفية الفلسطينية العظيمة شيرين ابو عاقلة.
2. ماذا تقرأين الآن؟ وما هو أجمل كتاب قرأته؟
اقرأ في عدد كبير من الكتب في نفس الوقت بشكل عام – لأني اطارد أفكارا أو اسئلة في مصادر عديدة.
انا بشكل عام أبحث في الكتب – ولو صح التعبير “أبحش” في الكتب ء مثل فلاح يعزق ارضا.
بخصوص اجمل كتاب؟ مثل أجمل امرأة؟ هذه الفكرة لا اعمل بها. ليس هنالك أرضية للمقارنة الحقيقية بين الكتب إلا إذا كانت تبحث في نفس الموضوع.
3. متى بدأت الكتابة؟ ولماذا تكتبين؟
بدأت في الثالثة من العمر في ملجأ في الحرب. كان الملجأ مدرسة وفيها لوحا وطباشير والتقيبت بحرف الألف وبدأت رحلة الألف نوع من السعادة في عالم اللغة.
أكتب لأن بيني وبين الكتابة علاقة حب عظيمة.
4. ما هي المدينة التي تسكنك ويجتاحك الحنين إلى التسكع في أزقتها وبين دروبها؟
مدينة القدس زهرة الكرة الأرضية. نشأت هناك وأنا من هناك. لهذا أنا جزء من القدس يعيش في أميركا وفي العالم.
5. هل أنت راضية على إنتاجاتك وما هي أعمالك المقبلة؟
نعم انا راضية. اؤلف الكتب بالعربية والانجليزية وهذا نادر بين الكتاب عالميا التأليف بلغتين واعمالي فازت بجوائز عالمية عديدة في اللغتين منها جائزة القراءة الدولية لكتاب
طاستينع تهي صكي، Tasting the Sky, A Palestinian Childhood
واعمالي مترجمة الى عشرات اللغات. انا لست فقط راضية انا سعيدة وشاكرة للحياة
عندي اعمال مقبلة منها مقدمة لتفسير القرآن بصوت انثوي ومن القرن الواحد والعشرين. طبعا القرآن قدم للعرب هدية عظيمة هي كلمة اقرأ. لكن كان تعليم المرأة القراءة والكتابة ممنوعا بشكل عام في العالم العربي حتى القرن العشرين. تأجلت الكلمة 13 الى 14 قرن. أحب ان اختصر بعض هذه المسافة بقراءة انثوية في القرآن.
6. متى ستحرقين أوراقك الإبداعية وتعتزلين الكتابة؟
لقد قلت لك ان المرأة حرمت من القراءة والكتابة حتى القرن العشرين. هل تظن ان فكرة حرق الأوراق والاعتزال شئ تسأله لشخص انتظر قرونا للعبور إلى عالم حرم منه؟ هذا سؤال ذكوري من الدرجة الأولى وبرجوازي 🙂 تخلص منه مباشرة ارجوك.
7. ما هو العمل الذي تمنيت أن تكون كاتبته؟ وهل لك طقوس خاصة للكتابة؟
. احيانا اتمنى لو كنت من كتب بعض الحان الموسيقى التي غنتها ام كلثوم. مثلا مقدمة انت عمري. احس انه لحن سقط من السماء كنجم – وايضا بعض الحان بليغ حمدي لعبد الحليم. إنها عبقرية لها تأثير عظيم لشدة اقترابها من الروح و تجعلني أحس بالسعادة اني من هؤلاء القوم الذين اسمهم عرب
ولهذا حين اكتب اقول لنفسي: اكتبي بطريقة تفتح أبواب الإلهام من كل جهة للقارئ والفنان ولأي إنسان. طبعا الكتابة الحقيقية معجونة بالموسيقى لأن اللغة
أصلها موسيقى وانا تلهم الموسيقى كل ما اكتب
ليس لي طقوس غير اني احب الكتابة بالقلم على الورق
8.هل المبدع والمثقف دور فعلي ومؤثر في المنظومة الاجتماعية التي يعيش فيها ويتفاعل معها أم هو مجرد مغرد خارج السرب؟
بشكل عام من يغرد خارج السرب يتبعه السرب بعد حين من يخرج خارج السرب يرى السرب بشكل اوضح. طبعا هذه خدمة عظيمة للمجتمع.
وعلى كل حال ليس هنالك طفل يولد غير مبدع – ولكن أهله (مجتمعه) يكبلانه او يرعبانه او يصمتانه – فيصير غير مبدع
لينجو من عواقب الإبداع في المجتمعات التي تعيش في خوف من التطور
9. ماذا يعني لك العيش في عزلة إجبارية وربما حرية أقل؟ وهل العزلة قيد أم حرية بالنسبة للكاتب؟
فكرة العزلة نتاج الاعتقاد بأن الإنسان كائن اجتماعي فقط حيال الانسان الآخر – لكننا نرى في كل الفنون ان الإنسان اجتماعي مع كل الكائنات – يعني من الممكن الحديث مع شخص او مع قط او مع شجرة او مع حائط – او مع النفس لأن في داخلنا عوالم – نحن جزء من الكون وليس فقط من الانسانية لهذا فالعزلة كذبة – نؤذي من يصدقها – احيانا الفرد يكون في عزلة وهو بين الجماهير ويكون في عزلة في علاقات حميمة. هذه قضية فلسفية عميقة. مثلا لو أخذنا الفكرة الدينية ان الله في كل مكان فليست هنالك عزلة لأن الله موجود حتى في العزلة. ولو تركنا الفكرة الدينية وقلنا ان الهواء في كل مكان – هذا الهواء يحمل أنفاس ملايين الناس. اين العزلة من كل هذا؟ 🙂
10. شخصية في الماضي تريدين لقاءها ولماذا؟
امي حواء. احب ان التقي بها وان اعانقها وان اطبخ لها وجبة مقلوبة فلسطينية وان اسألها بعض الاسئلة عن حياتها. لم أرها طوال حياتي. تخيل!
11. ماذا كنت ستغيرين في حياتك لو أتيحت لك فرصة البدء من جديد ولماذا؟
احب ان يكون لي اجنحة اطير بها وخياشيم حتى اتمكن من العيش في الماء اضافة للعيش على اليابسة. عندي حب اطلاع كبير بخصوص الكون.
12. ماذا يبقى حين نفقد الأشياء؟ الذكريات أم الفراغ؟
نحن لا نفقد شيئا سوى العلاقة التي تتغير الى علاقة اخرى. نفقد الامان المصطنع في ان الاشياء تدوم. الاشياء في تغير ونحن كذلك – الكوكب يسير بسرعة عظيمة. ونحن نسير ونتغير معه. علينا ان نتوقف عن عدم توقع التغيير والتوقف عن جعله مأساة وهو مجرد الحقيقة العادية اليومية
13. صياغة الآداب لا يأتي من فراغ بل لابد من وجود محركات مكانية وزمانية، حدثينا عن كتابك الإبداعي “التاء المربوطة تطير ” . كيف كتب وفي أي ظرف؟
التاء المربوطة تطير كان الكتاب الذي بدأت به التأليف بالعربية. فيه التاء المربوطة ترفض ان تظل مربوطة ء تخيل ان التاء التي تدل على التأنيث مربوطة – لهذا قررت ان أحررها من الربط – فهربت التاء من الابجدية وطالبت بحقها مثل بقية الحروف في ان يكون لها بعض الحرية – ياه على المشهد الذي تجد الحروف فيه نفسها من غير تاء مربوطة وكل الكلمات التي لا يمكن اكتمالها . . كانت متعة عظيمة وفاز الكتاب بجائزة الانا ليند للابداع في ادب الطفل.
14. هل يعيش الوطن داخل الكاتب المغترب أم يعيش هو بأحلامه داخل وطنه؟
الكاتب مغترب على كل حال حتى لو ظل في وطنه. بلا غربة لا يمكن ان نكتب شيئا جديدا. الغربة هي ابتعاد حتى نفهم بشكل اوضح. يمكن ان تعيش في نفس البلد الذي ولدت فيه وتكون مغتربا تماما.
والكاتب الذي لا يقدم رؤية جديدة لا يضيف شيئا
15. الى ماذا تحتاج المرأة في أوطاننا لتصل الى مرحلة المساواة مع الرجل في مجتمعاتنا الذكورية بامتياز.الى دهاء وحكمة بلقيس ام الى جرأة وشجاعة نوال السعداوي؟
تعبير المرأة والرجل. الرجاء استخدام الذكر والأنثى فهو أصح. او الرجل والرجلة، او المرأة والمرء.
طالما اننا نكتب بالعربية فلنكتب بالعربية. . . والمرء تقابله المرأة. والرجل تقابله الراجلة او الرجله. والذكر تقابله الانثى
المرأة والمرء في العالم العربي في حال من العبودية والجهل العظيم بالنفس المجتمع لا يسمح للإنسان بامتلاك نفسه وعقله وحياته – الطفل يتحول الى مشروع سجين حتى يصير فعلا سجينا – ولكن يسمح للسجين الذكر ان تكون له حريات تفوق السجينة الانثى. كلاهما في حال صعب. المرأة بشكل عام في العالم بحاجة ليس الى مساواة مع المرء – ولكن بحاجة الى ان تكون نفسها وتشارك في صنع القرارات في المجتمع وحتى تصل هذا هي بحاجة الى فرص تعليم وتطوير قدراتها الفكرية والمعرفية والقيادية.
كل الاحتلالات التي تجري في العالم العربي اصلها ان الطفل يتم تجريده من خياله وقدراته وقول كلمة لا ورغبته في المغامرة فيصير عبدا ويأتي النخاسون سريعا فهم يشتمون رائحة العبودية مثلما تشتم الكلاب رائحة الخوف.
انا اضحك حين تطالب الاناث المساواة مع الذكور. اقول لهم: وهل تستوي اللواتي يلدن الانسانية مع الذين لا يلدون. يعني الواقع امامنا. نحن بحاجة الى ان يتحرر الجميع من العبودية وسيتغير كل شئ للجميع. نحن بحاجة الى قبول الآخر وانسانية كاملة من غير محاولة استعباده بسبب اختلافه.
16. ماجدوى هذه الكتابات الإبداعية وما علاقتها بالواقع الذي نعيشه؟ وهل يحتاج الإنسان إلى الكتابات الابداعية ليسكن الأرض؟
الإنسان بحاجة للتعبير عن تجاربه حتى يفهمها – والكتابة تسمح بالمشاركة الجماعية للتجربة فتصير امكانية فهمها كبيرة.
العقل الإنساني عمله هو فهم التجارب من أجل القيام بقرارات صحيحة او اكثر صحة. لو لم يكتب من سبقونا مثلا عن الانفلونزا التي قتلت 50 مليون شخص في بداية القرن العشرين لما عرفنا كيف نتعامل مع كوفيد. الكتابة فريضة على كل انسان وواجب نحو من سيأتون بعدنا – شكرا للذين كتبوا من قبلنا.
17. كيف ترين تجربة النشر في مواقع التواصل الاجتماعي؟
في مواقع التواصل الاجتماعي يأتي الناس لوجبات سريعة جدا من “طق الحنك” هذا تعبير فلسطيني – والكتابة الأدبية تقدم لهم شيئا يتطلب التفكير العميق فمعظمهم يقرأ سطرا ويضع لايك للمجاملة. مواقع التواصل الاجتماعي ليس هدفها الكتابة او الافكار العميقة. هدفها التسلية. والكتابة الحقيقية فيها تسلية ولكن أيضا فيها ثورات فكرية بشكل عام يرفضها القراء. لهذا نواصل نحن الكتاب رحلة الاغتراب في مواقع التواصل الاجتماعي 🙂 “بس احنا متعودين علي هيك” 🙂 هذا تعبير فلسطيني بالعامية.
18. أجمل وأسوأ ذكرى في حياتك؟
أجمل ذكرى هي علاقتي بورود شقائق النعمان في فلسطين وأنا طفلة مليون وردة من حولي – وأسوأ ذكرى هي حين بدأت الحرب في الليل وهرب اهلي وتركوني على باب المنزل في العتم كتبت عن هذا في كتاب طاستينع تهي صكي، Tasting the Sky, A Palestinian Childhood
19. كلمة أخيرة او شيء ترغبين الحديث عنه ؟
أحلم بالحرية للعقل العربي في كل إنسان عربي منذ طفولته وعلى مدى عمره – ياه كم سيكون جميلا – ارى هذا الحلم في خيالي
بوضوح – وارقص فرحة في استقباله. . . العقل العربي طال سجنه وهو بحاجة الى تذوق طعم السماء . . .

About رضوان بن شيكار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!