الشاعر رضوان بن شيكار يستضيف الكاتب والناقد محمد معتصم في زاويته أسماء وأسئلة

 

أسماء وأسئلة : إعداد وتقديم رضوان بن شيكار
تقف هذه السلسلة من الحوارات كل اسبوع مع مبدع اوفنان اوفاعل في احدى المجالات الحيوية في أسئلة سريعة ومقتضبة حول انشغالاته وجديد انتاجه وبعض الجوانب المتعلقة بشخصيته وعوالمه الخاصة.
ضيف حلقة الأسبوع الكاتب والناقد محمد معتصم
(1) كيف تعرف نفسك للقراء في سطرين؟
ناقد أدب، أشتغل بتحليل وتأويل النصوص الأدبية، الشعر والسرد والنقد الأدبي. أمارس الحياة كباقي الناس في الحياة العامة، وأمارس القراءة والكتابة عندما أخلو إلى نفسي، وأنا في شبه خلوة دائمة، أمارس ما أحب: تأليف الكتب.
(2) ماذا تقرأ الآن وما هو أجمل كتاب قرأته ؟
الآن، أقرأ في كتابين؛ الأول للكاتب العالمي دوستويفسكي “مذكرات من البيت الميت”، أستخلص منه الاستشهادات النصية التي أحتاجها في عمل قادم. والكتاب الثاني، مخطوط رواية لكاتبة عربية، سيصدر قريبا في كتاب. مِن الصعب عليَّ تحديد كتاب إبداعي أو فكري واحد أجمل ما قرأت، فهي كثيرة جدا جدا.
(3) متى بدأت الكتابة ولماذا تكتب؟
بدأت الكتابة منذ أول نص شعري نشر لي بمجلة “الطليعة الأدبية” العراقية سنة 1979م، لكن أول نص نشرته داخل المغرب، كان سنة 1982م، والانطلاقة الرسمية التي تتواصل اطرادا حتى اليوم، بدأت في العام 1985م. أكتب لأنني أحبُ الكتابة، وأثق في أن ما أكتبه سيجد طريقه إلى كثيرين، خاصة من بعدي.
(4) وما هي المدينة التي تسكنك ويجتاحك الحنين إلى التسكع في أزقتها وبين دروبها؟
بدون منازع؛ مدينة الدار البيضاء، المدينة التي ولدتُ بها، وفيها درجتُ وترعرعت، وفيها أهلي وأعز أصدقائي، وذكريات أستظل بفيئها في الليالي العجاف.
(5) هل أنت راض على إنتاجاتك، وما هي أعمالك المقبلة؟
نعم، ولكن ليس كل الرضا، كلما نشرتُ كتابا، شعرتُ بأنني كان من الممكن تجويدهُ وتنقيحهُ أفضل. في الحقيقة، أكون راضيا تماما عن العمل مادام بين يدي، أكتبُ وأشطبُ وأحذفُ وأضيفُ، بعد ذلك، يصبح في ملكية نفسه. هناك أعمال كثيرة كنتُ أشتغل عليها بالتوازي، ومنذ العام 2017م، بدأتُ في إصدار المخطوطات التي تحدد الآفاق التي أشتغل عليها ومن أجلها، في الطريق إلى النشر والإصدار كذلك: كتاب “مناهج تحليل النص السردي”، وكتاب “محاورات ومكاشفات”، وكتاب “الأدب المُهاجر”، ثم كتاب من جرأين “النص السرداتي” و”أشكال كتابة الذات”.
(6) متى ستحرق أوراقك الإبداعية وتعتزل الكتابة بشكل نهائي؟
لا أعتقد ذلك، وإن كان غير مستحيلٍ، لأنني ممن يقوم بإحراق المخطوطات والمقالات، وفعلت ذلك في مناسبات كثيرة في الثمانينيات، أما اعتزال الكتابة، فأظن عندما يخونني الجسد، لا قدر الله، لأن مجتمعاتنا العربية في حاجة إلى الكتابة والكتابة الفاحصة غير المهادنة والكتابة الجميلة أيضا.
(7) ما هو العمل الذي تمنيت أن تكون كاتبه وهل لك طقوس خاصة للكتابة؟
أعجبْتُ، في مسيرتي، بكتب كثيرة خاصة الفكرية والفلسفية، لكنني أبغض فكرة الشبيه والمثيل، لأنها مناقضة للإبداع. في البدايات الأولى نعم، كنت أحب التفكير مشيا، ثم أجلس للكتابة دفعة واحدة،بعد ذلك، وبالممارسة اليومية، صرتُ تقريبا بدون طقوس، عدا أنني لا أكتب في المقاهي، وأفضل الجلوس إلى مكتبي الذي أعتبره مركز الوجود، والفضاء الأمثل للكتابة أو التخطيط للكتابة.
(8) ما هو تقييمك للوضع الثقافي الحالي بالمغرب؟ وهل للمبدع والمثقف دور فعلي ومؤثر في المنظومة الاجتماعية التي يعيش فيها ويتفاعل معها أم هو مجرد مغرد خارج السرب؟
حاليا، الوضع لا يسر أحدا، ومتقلب، ولا يمكن الحديث عن تجارب أو اتجاهات ولا حتى إرهاصات، كما في السابق، اليوم تأثر الوضع الثقافي بالوسائط المتعددة، والعوالم الافتراضية، والسرعة، وهو ما ينعكس سلبا على نفسية وذهنية الكاتب، ويؤثر في طرائق الكتابة والتخييل. نحن أمام بوابة جديدة لعوالم جديدة لما تعلن عن نفسها، والوضع الثقافي عندنا وعند غيرنا يتأثر بالحالة السياسية والاجتماعية، لذلك تجد المثقف يتلون بألوان الزاوية التي يقف فيها من المجتمع والكتابة والقضايا العامة، فهناك مثقفون لهم قراء ومتابعون حقيقيون، ويتبادلون معهم التأثير والتأثر، وآخرون بدون صدى يذكر. فالمتلقي ذكي ونبيه، وله مجسات وقرون استشعار يقيس بها درجة إيمان المثقف وصدقيته.
(( 9 ماذا يعني لك العيش في عزلة إجبارية وربما حرية أقل بسبب الحجر الصحي؟وهل العزلة قيد أم حرية بالنسبة للكاتب؟
العزلة المنتجة، تكون اختيارية، لأن الاختيار هو جوهر الحرية، والحريةُ عقيدة المبدع، وكل عزل قصري لا بد أن يكون له أثر سلبي على الشخص المعزول. أنا لم أشعر بالعزلة في فترة الحجر الصحي، لأنني شبه منعزل عن الساحة الثقافية، لأسباب ذاتية وموضوعية في آن، لذلك كان الحجر لصحي مناسبة لي كبيرة ومفيدة، أنهيتُ فيها عمليْن كنت بصدد الاشتغال عليها، وخلال الحجر الصحي وضعت كتابا في المناهج والمقاربات النقدية الأكثر تداولا اليوم في الدرس والتحليل النقديين، وسجلتُ حلقات فيديو على اليوتوب، وشاركتُ في عدد من الملاحق الثقافية العربية حول كورونا “كوفيدء19، وآثاره على الإبداع والفكر. العزلة اختيارُ المبدع.
(10) شخصية من الماضي ترغب لقاءها ولماذا ؟
طرفة بن العبد، هناك سؤال يحيرني، كان يعلم بأنه يحمل رسالة فيه حتفه، ومع ذلك، ذهب نحو حتفه، أريد سؤاله؛ هل كان ذلك مروءة منه؟ هل كان عنادا ذاتيا؟ هل كان يختبر قدراته الشخصية؟ هل كان يائسا من نظام القبيلة والعشيرة القاتل؟ هل كان تحت وطأة النخوة العربية الجاهلية؟ ومثله امرؤ القيس.
11) ماذا يبقى عندما نفقد الأشياء .الذكريات أم الفراغ؟
تبقى التجربة، التي بها نُعِيدُ الكَرَّةَ مع أشياءٍ أخرى في الطريق الآخر البديل.
(12) ماذا كنت ستغير في حياتك لو أتيحت لك فرصة البدء من جديد ولماذا؟
لن أغير شيئا، صحيح أنني اخترت الأصعب دائما، وكأنني ض نفسي أيضا، أقاومها وأجبرها على اختيارات تبدو للآخرين “طوباوية” أو “رومانسية”، تضع علي الفرص، ومع ذلك أحب ما أنا عليه الآن، ولا أتصورني على هيأة أخرى، أرى أن اختياراتي ومواقفي تناسب نفسيتي وعقليتي.
(13) هل يحتاج الإنسان إلى الكتابات الأدبية ليسكن الأرض؟ ما جدوى هذه الكتابات وما علاقتها بالواقع الذي نعيشه؟
لا علاقة لها بالواقع الذي نعيشهُ، لأنه واقع مشروط بشروط مركبة والمتعددة، ولكن لها علاقة بشخص الكاتب، تمده الطاقة والحيوية وتُبَصِّرُهُ بحقيقة ذاته وتشحذ همته، وتدفعه نحو اتخاذ المبادرة لتجميل العالم أمام من هم في حاجة إلى ذلك. الكتابات الإبداعية مهما التصقت بالأحداث الواقعية فإنها لا تخلو من ذاتية معلنة أو مخفية، وهذا جوهر كتابي الذي تحدثت عنه أعلى “النص السرداتي” و”أشكال كتابة الذات”. إن العلاقة بالواقع تمر عبر الذات والوعي بها والاهتمام بها كذلك.
(14) من هو قارئك؟ وهل تعتبر نفسك كاتبا مقروأ؟
الناشرون من يقولون بوجود قراء يستقبلون ما أكتب. ولكنني شخصيا، لا أعرفهم، والقارئ الذي أكتب إليه ينبغي أن يكون صبورا، مثابرا، كثير السؤال، يفكر، ويجعل متعته في التفكير، القارئ الذي أكتب له قد لا يكون مجايلا لي، لأنني وصلت إلى حقيقة أن من يجايلك من القراء، خاصة من كان يعرفك عن قرب، لا يمكنه أن يتعرف على حقيقتك ككاتب أو مفكر، ولأن رؤيته محدودة بالصورة الاجتماعية التي تعرف عليك داخل إطار العلاقة، زمالة أو صداقة أو قرابة، وكثير من القراء لا يعرفون الكتاب إلا مما يقال عنهم، ولا يبذلون جهودا لاكتشافهم في كتاباتهم. طبعا هناك استثناأت وقد قرأت آراءهم وشهاداتهم التي تميز بين الفرد داخل المجتمع والكاتب في ما ينتجه.
(15) كيف ترى تجربة النشر على وسائل التواصل الاجتماعي؟
مهما قيل عنها، ومهما كانت عليه في الواقع، فأنا ممن يشجع على خوض هذه المغامرة، على أن ينبري لها جيل قادمٌ تشرب التجربة، ليستخلص خصائصها، ويبين للناس حدودها المعرفية. إنها ساحات مفتوحة للجميع، وهي في الوقت ذاته، طريقة للتميز والتأثير، والتعبير الحر.
(16) أجمل وأسوء ذكرى في حياتك؟
أجمل ذكرى خاة جدا ولا أستطيع البوح بها، لكن أسوأ ذكرى، موت أبي، أسبوعا فقط بعدما أصبتُ بجلطة دماغية، شلت نصفي الأيسر، ولم أستطع توديعهُ قبل أن يسلم الروح لبارئها. وهذا ما يزال يؤلمني حتى اليوم، منذ العام 2017م.
(17) كلمة أخيرة أو شيء ترغب الحديث عنه؟
إن الكتابة اختيار شخصي، لذلك فهي مسؤولية ذاتية، وهي المعيار الأساس والجوهري ليقوم عبره الكاتب والكاتبة هل هو حرٌّ أم عبدُ لآخر أو خادم عنده. فكتابتك مرآةُ حريتك.

عن رضوان بن شيكار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!