أسماء وأسئلة:إعداد وتقديم: رضوان بن شيكار
تقف هذه السلسلة من الحوارات كل اسبوع مع مبدع اوفنان اوفاعل في احدى المجالات الحيوية في اسئلة سريعة ومقتضبة حول انشغالاته وجديد انتاجه وبعض الجوانب المتعلقة بشخصيته وعوالمه الخاصة.
ضيف حلقة الاسبوع الكاتب و الباحث المؤرخ محمد علّوش
(1) كيف تعرف نفسك للقراء في سطرين؟
اسمي محمد بن المهدي علّوش. من مواليد قرية سيدي بوصبار وكسان سنة 1950. درست في أزغنغان والناظور، وكنت من الفوج الأول الذي دشن مستوى البكالوريا بمدينة الناظور. حاصل على دبلوم المدرسة الوطنية للإدارة وإجازة في الحقوق ودبلوم المعهد الملكي للإدارة الترابية. أمضيت حياتي المهنيةكلها في الإدارة الترابية منها 18 سنه عاملا على 5 أقاليم، من 1994 إلى 2012.
(2) ماذا تقرأ الآن وماهو اجمل كتاب قرأته ؟
أنا الآن متردد على قراءةكتاب”الغازات السامة ضد عبد الكريم” لصاحبيه رودبيرت كونزورولفديتر مولر.أما أحسن كتاب قرأته فإني أتذكر دائما بكثير من الإعجاب كتاب روح القوانين«L’esprit des lois» لمونتسكيو Montesquieu الذي قرأته وأنا في قسم البكالوريا.
(3) متى بدأت الكتابة ولماذا تكتب؟
بدأت أتطفل على الكتابة وأنا مراهق أدرس بثانوية الشريف محمد أمزيان. حينها كتبت قصة نالت إعجاب أستاذنا الكبير القمري الحسين (رحمه الله)الذي كنت أنشط في فرقته المسرحية، مما شجعني على كتابة مسرحية بعنوان “الانطلاقة المظفرة” شاركت بها مع مجموعة من الرفاق، ضمن أنشطة التعاونية المدرسية التي كنت أنشّطها، في حفلة نهاية السنة الدراسية 1968-1969. وكان من بين الممثلين الأستاذ البشير القمري والصديق إدريس أزماني وغيرهما.
أما الكتابة بمعناها الحقيقي فقد بدأتها بمجرد إحالتي على المعاش سنة 2012. وجوابا عن سؤالك لماذا أكتب، أًصرح لك بأن دافعي للكتابة كان ولا يزال هو طرق موضوعات جديدة لم تسبق معالجتها أو عولجت بصورة سطحية أوناقصة غير مقنعة في نظري، معتقدا بذلك أني سأفيد القراء أو أبلغهم معلومات أعتقد أن كثيرا من الناس يجهلونها. كتابي عن إسلام الأمازيغ يدخل في هذا الإطار: أغلب الناس يعتقدون أن العرب جاءوا إلينا لنشر الإسلام، وهذا غير صحيح كما هو واضح في الكتاب. كذلك الشأن مع كتابي عن الريف. الكل يتحدث عن الريف والقليلون هم من يعرفون مفهوم الريف الحقيقي في أبعاده اللغوية والإتنية والجغرافية والتاريخية والثقافية والاجتماعية. فقمت بتأليف كتابي لتوضيح كل هذه الابعاد والمفاهيم لأخلص إلى المفهوم الحقيقي للريف في اعتقادي طبعا. نفس الكلام أقوله عن كتابي الأخير سيدي بوصبار وكسان، خمسة قرون وثمانية أجيال”.
(4)ماذا تمثل لك مدينة الناظور؟و ماهي المدينة التي تسكنك ويجتاحك الحنين الى التسكع في ازقتها وبين دروبها؟
عشت سني مراهقتي في مدينة الناطور وبها فتحت أعيني على الحياة بما تحمله من معاني الصداقة والحب والعمل والاجتهاد. وبها تعلمت مبادئ المغامرة و”الشقاوة” والاعتماد على النفس والاعتداد بالذات. وبمدينة الناظور ارتبطت بعلاقات صداقة أعتز بها إلى اليوم مع أغلب أصدقائي الحاليين، ومنهم الأساتذة مرزوق الورياشي وعبد الرحمان أزيرار و عمر الحسني وبوزيان بوشنفاتي (رحمه الله) والأخوين القمري المرحومين وغيرهم. وتبقي ذكرياتي في الناظور هي أجمل ما يملأ حياتي شوقا وحنينا واعتزازا. وأزور هذه المدينة باستمرار وأتردد على مقاهيها وأتجول في شوارعها لأرتوي من بعض تلك الذكريات مع من تبقي لي هناك من الأصدقاء.
(5) هل انت راض على انتاجاتك وماهي اعمالك المقبلة؟
بالطبع أنا راض عن أعمالي لأني لا أتناول موضوعا إلا بعد تفكير عميق وبعد تيقني من أني سوف أقدم شيئا جديدا حول الموضوع الذي قررت معالجته. وغالبا ما أستغرق ثلاث إلى أربع سنوات في تأليف كتاب. وأراجع عملي عدة مرات وقد أعيد الكتابة من جديد سواء على مستوى المحتوى أو الشكل تصميما وتحريرا. ولا أقدم على النشر إلا بعد اقتناعي بجدوى العمل واستجابته للغرض المقصود منه.
أنا لست مؤرخا كما جاء في تقديمك، لكن أستقي مادة عملي عموما من التاريخ الذي ازوره باستمرار لأكتشف كثيرا من الأحداث والوقائع والأمور(خاصة عند الرواة المسلمين) الغريبة التي تتنافي مع المنطق ويرفضها العقل السليم أو تتعارض مع أبسط الحقوق الإنسانية. ومع ذلك أصبحتْ تشكل تراثا جماعيا نقدسه ونتباهى به. أنا لا أحكم على ظواهر وتصرفات الأمس بعقلية اليوم، ولكن أحاول إبراز هشاشة بعض القيم والحقائق الموروثة التي نُصِرّعلى تعظيمها والاعتزاز بها بالرغم من تجازوها في عصر العقلانية والمساواة وحقوق الإنسان.
بالنسبة لأعمالي القادمة، أنا الآن منكب على معالجة موضوعين: موضوع يهم “تعريب المغرب” وموضوع حول “المخزن والريف على عهد العلويين”. الموضوع الأول سوف يغير فكرة القراء عن الطريقة التي تعرب بها المغاربة، إذ سيكتشفون دورالأمازيغ في تعريب المغرب عرقيا ولغويا وهوياتيا. والموضوع الثاني سيفاجئ القراء أيضا عندما يدركون بأن تأسيس الدولة العلوية انطلق من الريف وأن دعائمها قامت على عاتق أهل الريف.
(6) متى ستحرق اوراق كتاباتك وتعتزل ؟
الكتابة عندي هواية مكلّفة، وليست مهنة أعيش منها. وأجد متعة كبيرة في ممارستها، ولن أتخلى عنها ما دامت قدراتي العقلية وحالتي الصحية تسمحان بذلك.
(7) ماهو العمل الذي تمنيت ان تكون كاتبه وهل لك طقوس خاصة للكتابة؟
إني أعرف حدودي جيدا وليس لي أي طموح لبلوغ مستوى المفكرين الكبار.ولهذا لا تتملكني اية رغبة في غبط أحد من أجل عمل من الأعمال مهما كانت قيمته العلمية. كل ما أتمناه هو التوفق إلى تقديم عمل مقبول يقدم شيئا جديدا للناس، وترضي عنه نفسي في آن واحد.
ليست لدي طقوس خاصة في الكتابة. عندما أختار موضوع الكتاب أشرع في تحديد الأفكار والمحاور الرئيسة، ثم تأتي أهم وأصعب مرحلة وهي وضع تصميم الكتاب وبنيته الهيكلية. وتأخد مني هذه المرحلة كثيرا من الجهد والوقت إذ عادة ما أضطر إلى حذف فصول بكاملها أوإعادة ترتبيها تبعا للمنحى الذي يتخذه البحث عن المصادر وجمع المعطيات.
أكتب عادة في غرفة الجلوس أو في حديقة منزلي دون أن أختلي بنفسي أو أنعزل عما يجري في البيت. وقد أسجل أي فكرة أو خاطرة، تخص الموضوع الذي أنا بصدده، وأنا في الشارع أو السوق أو في الحمام. أما مصادري فإني أجد الكثير منها على شبكة النت، وإن لم أجد أزور المكتبة الوطنية أو أقتنيها من المكتبات التجارية. وعموما أقوم بجمع مادة الكتابة لأكثر من كتاب في آن واحد بحيث أنتقل من موضوع إلى موضوع طوال مدة الكتابة التي قد تستمر لأكثر من خمس سنوات كما يحصل الآن مع كتابي القادم حول تعريب المغرب.
8 هل للمؤرخ والباحث دور فعلي ومؤثر في المنظومة الاجتماعية التي يعيش فيها ويتفاعل معها ام هو مجرد مغرد خارج السرب؟
ليس هناك أي شك في الدور المؤثر الذي يضطلع به المفكر عموما في مجتمعه. على سبيل المثال، الثورات السياسية والاجتماعية والدينية التي عرفتها أوروبا في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ماهي إلا ثمرة كتابات مفكري وفلاسفة عصر الأنوار. جان جاك روسو وفولتير ومونتسكيو و ديدرو ولوك وهوبز و غيرهم كانوا وراء الثورة الفرنسية وفصل الدين عن السياسة أو ما يسمي بالعلمانية؛ الثورة الشيوعية في روسيا قامت باعتماد أفكار ماركس وأنجلز ورفاقهما. لقياس مدى تأثير مفكر ما في مجتمعه يلزم الأخذ في الاعتبار مستوى وعي المجتمع ومعتقداته، والظرفية السياسية والاجتماعية التي يجتازها ذلك المجتمع، وكذا تجاوب الباحث بالأفكار التي يطرحها مع انشغالات وقضايا مجتمعه. وفي جميع الأحوال،في مجتمعات لا تقرأ مثل مجتمعنا، تبقى الأفكار والكتابات مجرد أكسسوارات لا يقبل عليها إلى القليل من المهووسين بالقراءة. ومن هنا تكون عبارتك “مغرد خارج السرب ” حاملة لمعناها عن حق في مجتمعنا.
(9) ماذا يعني لك العيش في عزلة اجبارية وربما حرية اقل؟وهل العزلة قيد ام حرية بالنسبة للكاتب؟
لم أفهم قصدك بالعزلة الإجبارية. إذا كنت تقصدني شخصيا فأنا لم أنعزل أبدا عن وسطي. أفعل كل ما يفعله عامة الناس من سفر وتجول في الشوارع وتردد على الأسواق وارتياد للمقاهي وغير ذلك من التصرفات التي تتطلب الاختلاط بالناس على مختلف طبقاتهم. صحيح، قد أنعزل بنفسي لبضعة أسابيع لكن بغرض التفرغ للكتابة وليس لأني مجبر على ذلك. فالعزلة حين تكون اختيارية تُعد من صميم ممارسة الحرية الشخصية وليست قيدا أبدا. أما إذا كانت العزلة إجبارية فإنها أكثر من قيد، إنها سجن، إقامة جبرية والعياذ بالله.
(10) شخصية من الماضي ترغب لقاءها ولماذا ؟
شخصية افتقدتها كثيرا وكنت أرغب في لقائها كثيرا. إنه الشاعر والأديب والمفكر الأستاذ الحسين القمرى. عندما تقاعدت من العمل الإداري وتحررت من التزاماتي المهنية، اتصلت به واجتمعت معه في إحدى المقاهي بمدينة الرباط، وكنت أنوي أن أدشن معه لقاءات دورية لاستحضار ذكرياتنا المشتركة في الناظور، كما يفعل الأصدقاء. لكن فوجئت به وقد فقد بصره، وأصبح عاجزا تقريبا عن الحركة، ومع ذلك لم يفقد بصيرته الثاقبة وذكاءه الحاد والروح المرحة التي كان يتميز بها في جميع الأحوال. من وقتها وأنا انتظر اليوم الذي أجتمع به مرة ثانية، لكن ذلك اليوم لم يأت لأن أستاذنا كان قد أضحى في وضع صحي لا يسمح له بالحركة.. رحمه الله.
(11) ماذا يبقى عندما نفقد الاشياء .الذكريات ام الفراغ؟
ليس هناك إنسان ماضيه مكون من فراغ، لكل إنسان ذاكرة تحفظ أفعاله وتصرفاته الماضية مهما كانت. وحتى إذا رفض استحضارها عن طريق ذاكرته النشطة داهمته في نومه على شكل أحلام أو خواطر لا شعورية.
(12) ماذا كنت ستغير في حياتك لو اتيحت لك فرصة البدء من جديد ولماذا؟
الإنسان بطبعه يصبو دائما إلى الأفضل والأحسن والأرقى. أنا على العموم راض على مسيرتي في الحياة، ولكن لو عدت لأبدا من جديد لغيرت كثيرا من الأشياء في حياتي لا أستطيع حصرها في هذا اللقاء.
(13) الكتابة لا تأتي من فراغ بل لابد من وجود محركات مكانية وزمانية؛ حدثنا عن كتابك التاريخي :(إسلام الأمازيغ ).كيف كتب وفي اي ضرف؟
صحيح، كان هناك محرك أو سبب مباشر جعلني أقدم على تأليف كتاب “إسلام الأمازيغ”. علاقتي بالكتابة، بعد تقاعدي من العمل، كانت تقتصر في البداية على نشر بعض المقالات في إحدى الصحف الوطنية. وفي إحدى الزيارات التي قمت بها لمدينة الناظور جمعني لقاء في إحدى المقاهي ببعض الأصدقاء والمعارف القدامى. وخلال جلستنا دار الحديث حول الهوية الأمازيغية التي كنت قد نشرت بعض المقالات عنها. أثناء الحديث فاجأني شخص لم أكن أعرفه شخصيا بكلام قاس وجارح يطعن في الفاتحين العرب الذين قادوا حملات الفتح الإسلامي إلى شمال أفريقيا والمغرب، مؤاخذا عليهم جشعهم وجرائمهم وإقبالهم على سبي النساء الأمازيغيات…إلخ. وقد عاتبته على كلامه الذي اعتبرته قدحا وقذفا في كبار المجاهدين المسلمين، وتحديته أن يأتي بدليل واحد على كلامه. حاول إقناعي بمجرد الكلام مدعيا أن عددا من المؤرخين كتبوا عن هذا الموضوع. كنت أحسبني مطلعا على كثير من الأشياء، فكيف تغيب عني هذه الأفعال الخطيرة؟ بالتأكيد اعتقدت لتوي أن كلام صاحبنا غير صحيح. ومع ذلك شغلني الأمر كثيرا. فما أن عدت إلى منزلي بالرباط حتى أقبلت على محركات البحث لاستطلاع تاريخ الفتوحات الإسلامية وظروفها بالنسبة لشمال أفريقيا. والنتيجة أني أدركت باندهاش كبيرأن كلام صاجنا ليس صحيحا فحسب ولكنه لم يذكر إلا النزر اليسير من المصائبالتي ارتكبت باسم الإسلام والإسلام منها بريئ. في الواقع لم أكن أحتاج إلى مؤلفات المؤرخين الأجانب الذين لم يتناولوا الموضوع إلا عرضا. كل الحقائق حول تصرفات قادة الحملات الإسلامية وخاصة عقبة بن نافع وموسى بن نصير مذكورة في كتب الرواة المسلمين: ابن عبد الحكم، ابن قتيبة، ابن الأثير، الطبري، المسعودي،البلاذوري، ابن خلكان، ابن خلدون، الثعالبي، ابن عذاري وغيرهم، كلهم كتبوا عن الطريقة التي تصرف بها هؤلاء القادة مع القبائل الأمازيغية الآمنة،وهم يعتبرون الأمر جهادا في سبيل الله. فقتل الكفار الأمازيغ ،بدو سابق إشعار، وسبي نسائهم بالآلاف يعتبر،في نظرهم،من صميم الجهاد الذي يجب أن ينتشر به الدين الجديد. وهذه العقلية لا زالت سائدة عند كثير من رجال الدين عندنا إلى اليوم.
بالطبع لم أستطع ابتلاع أو تحمل ما قرأت من تجاوزات، فقررت نشرها في كتاب “إسلام الأمازيغ” الذي أردت به التعريف بتصرفات بعض المنتفعين من الإسلام تحت ستار الجهاد الذي كانوا يبررون به قتل الأبرياء ونهب ممتلكاتهم وسبي نسائهم، ونسوا قول الله تعالى: “ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ.”. صدق الله العظيم.(سورة النحل: 125). ومن هذه الزاوية يعتبر الكتاب في الحقيقة دفاعا عن الإسلام الصحيح وفضحا لتجازوات الطامعين الغاصبين، وليس موجها ضد الإسلام كما يعتقد البعض ممن تسرعوا في الحكم على كتابي من خلال عنوانه دون أن يقرأوا حرفا واحدا منه.
(14) كيف يتعايش المؤرخ الباحث مع رجل السلطة السابق( الضيف شغل عدة مناصب منها عامل سابق لإقليم الناظور من فاتح يناير 2000 إلى متم شهر يوليوز 2004) في حياة الكاتب محمد عالوش ؟
سؤالك وجيه وذكي،إذ ليس متاحا للجميع إن ينتبه إلى دقة الوضع الذي أثرته في سؤالك. الباحث يحتاج فعلا إلى الحرية في عرض أفكاره واستنتاجاته، ورجل السلطة مطوق بحكم وظيفته السابقة بواجب التحفظ وعدم استغلال ماضيه،إن سلبا أو إيجابا، في كتاباته. فقد يحصل أن يقع التعارض بين حرية التعبير وواجب التحفظ، فما العمل؟احتراما لنفسي ووفاءللإدارة التي اشتغلت فيها لعقود طويلة آليت على نفسي أن أتفادي الخوض في أي موضوع له راهنية actualité، من النوع الذي تتداوله عادة وسائل التواصل الاجتماعي مثلا. لأن مثل هذه المواضيع غالبا ما تكون ذات صبغة سياسية حتى لو تعلقت بأمور اجتماعية أو ثقافية أو رياضية. معالجة هذه المواضيع قد يدفع الكاتب إلى اإبداء رأي في موضوع أو اتخاذ موقف من قرار أو انتقاد جهة أو مؤسسة، وهذا في حد ذاته عمل سياسي لا أرغب في إتيانه حتى لا أحيد عن الهدف الذي سطرته لنفسي منذ البداية. بالطبع ليس هناك في القانون ما يمنعني من التعاطي للسياسة بجميع ألوانها وصورها، لكني قررت الابتعاد عنها بمحض إرادتي واختياري.
(15) اجمل واسوء ذكرى في حياتك؟
الأشياء الجميلة في حياتي كثيرة والسيئة كثيرة أيضا كسائر البشر، لكن من الأشياء الجميلة التي تطفو على سطح ذكرياتي يوم حصولي على شهادة البكالوريا في مدينة الناظور، في وقت لم تكن نسبة النجاح تبلغ 30 في المائة إلا نادرا، وفي حقبة كانت فيها البكالوريا تعني انفتاح أبواب المستقبل أما صاحبها. أما أسوأ ذكرى فهو اليوم الذي بلغني فيه خبر وفاة والدي وأنا بعيد عنه بأكثر من ألف كلم، ولم أكن مدركا لخطورة مرضه حتى أتكفل بعلاجه بصورة أفضل.
(16) كلمة اخيرة او شئ ترغب الحديث عنه؟
كلمتي الأخيرة أتوجه بها إلى شباب الناظور لأحثهم على العمل والاجتهاد وعدم الاستسلام لخطابات التيئيس والعدمية المنتشرة هنا وهناك. أمامكم نماذج كثيرة جدا من أبناء مدينتكم الذين حققوا أحلامهم في الحياة بفضل عملهم مثابرتهم واعتمادهم على أنفسهم. لقد عبرت في مناسبات سابقة عن إعجابي وتنويهي بمستوى الوعي الذي لمسته في صفوف شباب المدينة والإقليم عامة، في مختلف المجالات الفكرية والثقافية والسياسية. وأرجو أن يستمر هذا الوعي ويتعمق ويترسخ حتى ينعكس على حياة الناس ويرقى بها إلى المستوى الذي يتوخاة كل غيور على هذه المدينة المناضلة. وأخيرا أشكرك على هذا الحوار الذي أتاح لي فرصة التواصل مع أهلي في مدينتي الحبيبة.