همس القوارير… القوارير تتكلم وخلود المومني تمنح الهشاشة صوتاً
في مجموعتها القصصية «همس القوارير»، تمسك الكاتبة خلود المومني بخيوط الوجدان الإنساني، لتنسج منها عالماً نابضاً بالرموز والرهافة، حيث تتجاور الهشاشة والقوة، ويغدو الصوت الداخلي بطلاً يهمس بما يعجز اللسان عن قوله.
تقترب المومني في نصوصها من تفاصيل الإنسان في لحظاته المكسورة، ومن عوالم النساء اللاتي يخفين في داخلهنّ براكين الصبر والمقاومة. لغتها تمزج بين الشاعرية والواقعية، فتمنح القارئ إحساساً بأن الحكاية لا تُروى فقط، بل تُعاش بكل ما فيها من ألم ودهشة.
عن هذه التجربة، وعن خلفياتها النفسية والفكرية، كان هذا الحوار الذي تكشف فيه الكاتبة ملامح عالمها السردي، ورؤيتها للكتابة والإنسان والأنوثة.
** بدايةً، ما الشرارة التي دفعتكِ لكتابة “همس القوارير”؟ وهل جاءت القصص من تجربة ذاتية أم من مراقبة الواقع من حولكِ؟
- لم تكن شرارة، بل كانت أحاسيس متوقدة، وعين تمتلك عدسة حساسة قادرة على الاستشراف، وذاكرة تخزن الكثير، وروح تمتلك رؤيا تريد إيصالها للقارئ بطريقة متزنة، عن شخصيات عرفتها عن قرب في واقع يفيض بالتناقضات.
** العنوان “همس القوارير” يحمل رهافة لغوية ودلالة رمزية عميقة، ما الذي أردتِ قوله من خلاله؟
- بدايةً، أردت أن يكون لي موطئ قدم في المشهد الذي أحبّه، ثم لأقول للإنسان، بغضّ النظر عن جنسه ذكراً كان أم أنثى، لقربهما من قلبي وروحي، تحدثت إليهما برهافة ورمزية، وكانت رسالتي لهما: كونوا معاً.
** تتكرر في قصصكِ صورة المرأة الهشّة من الخارج، القوية من الداخل. هل كان هذا خيارًا واعيًا أم انعكاسًا طبيعيًا لرؤيتكِ للحياة؟
- هكذا أرى الإنسان عموماً، وخاصة المرأة. فالصورة النمطية عنها أنها ضعيفة، مهادنة، صبورة، لكنها تتحول إلى عكس ذلك إذا وُضعت أمام عقبة أو تحدٍّ، فتُظهر قوتها الخفية والحقيقية، وتزداد شراسة عندما يتعلق الأمر بأسرتها وتفاصيلها.
**كيف تنظرين إلى “القوارير” في نصكِ؟ هل هي رمزية للمرأة وحدها، أم للإنسان في عموم ضعفه وصمته؟
- الإنسان هو أول وأهمّ الخطوط الحمراء بالنسبة لي. لم ولن أوجّه نصي للمرأة فقط، فهما – الرجل والمرأة – معرضان للضعف والصمت كثيراً. وبحكم كوني أنثى، كان للأنثى نصيب أكبر في مجموعتي لقربي منها وإدراكي لأمورها أكثر.
** هناك توازن واضح بين اللغة الشاعرية والسرد الواقعي في المجموعة. كيف حققتِ هذا التوازن؟
- بدأت بكتابة الشعر ثم اتجهت إلى السرد، لأنه أعطاني مساحة أكبر للتعبير. اكتسبت اللغة الشاعرية من قراءاتي الكثيرة، ولأن الشاعرية المطلقة لا تكون في الفنون السردية، أجدني أسعى لإيجاد هذا التوازن، وسعيدة بأنك لمست ذلك في المجموعة.
** هل تعتمدين على الحدث أم على الحالة النفسية في بناء قصصكِ؟
- كلاهما، وإن كنتُ أرجّح كفة الحدث الذي يستفزّني ويوقظ “القطة المتحفزة” داخلي، بأظافرها القاسية، بينما الفكرة تدقّ الشعور والحسّ، وتدفعني لإغناء الحدث بما له وما عليه.
**إلى أي مدى تعكس المجموعة الواقع الاجتماعي الأردني أو العربي؟
- الواقع الاجتماعي الأردني هو امتداد للواقع الاجتماعي العربي، مع خصوصية بعض القضايا لاعتبارات متعددة، وما همس القوارير إلا إضاءة على هذا الواقع المتشابه.
** في قصصكِ، نلمح أصواتًا داخلية كثيرة، وكأن القارئ يسمع مونولوجًا خافتًا. هل كان “الهمس” في العنوان إشارة إلى هذا الصوت الداخلي؟
- ربما نعم، وربما لا. أنحاز إلى المونولوج كأحد أساليب السرد، لأنه يمنحني مساحة أكبر للتعبير، وامتلاك ترف عدم مقاطعة حديثي واسترسال حبل أفكاري. أمسك الفكرة بتأنٍّ، أناقشها، أرسم عوالمها، وقد أحاكمها وأعرض عليها مبرراتي.
** كيف كانت ردود فعل القرّاء والنقّاد بعد صدور المجموعة؟ وهل وجدتِ تفاعلاً يوازي ما تمنّيتِ؟
- شاطرني الفرح بمولودي عائلتي الصغيرة وأصدقائي وبعض المهتمين بالشأن الثقافي. لم يخذلني النقاد، فقد وقّعت كتابي في رابطة كتاب الزرقاء، ومعرض عمّان الدولي للكتاب، وفي مديرية ثقافة الزرقاء. بقيت غصّة في قلبي أن مجموعتي بقيت ضمن هذا الإطار. النجاح الحقيقي أن يصل المنتج الثقافي إلى القارئ، ويتسلل إلى قلبه وعقله.
** بصفتكِ كاتبة، ما الذي تغيّر فيكِ بعد همس القوارير؟
- ازدادت قناعتي بالمثابرة ومواصلة طريق الكتابة. أضافت لي المجموعة المزيد من الأصدقاء، وعلّمتني الدفاع عن نصوصي وحمايتها من الفهم الخاطئ. اتسع عالمي أكثر.
** هل تفكرين بالانتقال من القصة القصيرة إلى الرواية، أم أن القِصر والتكثيف هما المساحة الأقرب إلى روحكِ؟
- بدأت بكتابة رواية أكثر من مرة، لكنني عدت ومزّقت أوراقي واستبعدت الفكرة. الرواية لا يكتبها إلا الشجعان، وأعتقد أنني لم أمتلك الشجاعة الكافية لأجدد المحاولة. لا أنكر أن التكثيف والقِصر أقرب إلى طبيعتي وروحي.
**: لو همست “القوارير” اليوم بصوتٍ عالٍ، ماذا كانت ستقول للعالم؟
- بعد مرور تسع سنوات على صدور همس القوارير، أبشّركم أن قواريري استبدلت الهمس بالمواجهة. وقفت بوجه الدنيا وقالت: “تقبليني كما أنا، بهمسي وصخبي، باتزاني وجنوني، وبكل ما بداخلي من محبة.”
- كلمة أخيرة لقرّائكِ ولمن لم يفتح بعد صفحة من همس القوارير.
- أنتم جزء من حبري وورقي، لا يكتمل السرد إلا بكم. تسعدني متابعتكم واهتمامكم.
خلود المومني
بكالوريوس إدارة أعمال
دبلوم إدارة مدرسية
مديرة متقاعده وزارة التربية
عضو رابطة الكتاب الاردنيين
الإصدارات
همس القوارير ٢٠١٦
جدرانك قدري ٢٠١٩
الجوائز
جائزة الشيخ أحمد الدباغ للقصة القصيرة المركز الثاني.
جائزة مهرجان الزرقاء السابع للثقافة والفنون المركز الأول
جائزة الملتقى الإبداعي لاندية المعلمين ٢٠١٨
