تقف هذه السلسلة من الحوارات كل اسبوع مع مبدع او فنان او فاعل في احدى المجالات الحيوية في اسئلة سريعة ومقتضبة حول انشغالاته وجديد انتاجه وبعض الجوانب المتعلقة بشخصيته وعوالمه الخاصة.
ضيفة حلقة الاسبوع الشاعرة المصرية نجلاء البهائي
1.كيف تعرفين نفسك للقراء في سطرين؟
ج. كما ذكرتم أنا نجلاء ، شاعرة من مصر ، نشر لي ديوانين شعريين : ”لا أريد إلا حفنة ضياء و أمضي“ و ” نبوءات منتهية الصلاحية“ و لي ديوان جديد تحت الاعداد. غير ذلك أنا شخص بسيط محب للهدوء والسلام.
2. ماذا تقرأين الآن؟ وما هو أجمل كتاب قرأته؟
ج. أقرأ حاليا ثورة الشعر الحديث للدكتور عبدالغفار مكاوي، و تذكرة وحيدة للقاهرة لأشرف العشماوي.
في نظري كل عمل أستطعت أن أتم قرائته هو جميل بالفعل لأنه تمكن من أن يستحوذ على اهتمامي ويستغرقني في أحداثه ، و إلا أفشل تماما في متابعته أو التعلق به.
3. متى بدأت الكتابة؟ ولماذا تكتبين؟
ج. نكتب في اللحظات التي نحتاج فيها إلى قوى عظمي لاحتوائنا وتفريغ شحنات عاليه من المشاعر قد لانستطيع الحديث عنها أو قد لا نكتفي بالحديث عنها
كان والدي رحمة الله عليه يكتب الشعر ويقرأه لنا وكان يدفعني للقراءة في كل فروع الأدب لكني لم أكتب الشعر إلا بعد وفاته و التي كانت سببا مباشرا لتوجهي للكتابة .
4. ما هي المدينة التي تسكنك ويجتاحك الحنين إلى التسكع في أزقتها وبين دروبها؟
ج. يجتاحني الحنين لأي مدينة أستطيع أن أنتمي إليها أولا ، فأنا أعاني من التنقل والسفر منذ الصغر وعدم تكوين علاقة تربطني بمكان بعينه ، ورغم أني أعشق السفر و أفضل مدن مختلفة عن غيرها مثل اسطنبول وباريس على وجه الخصوص لكن تظل روحي غريبة بلا وطن معنوي أشتاق إليه.
5. هل أنت راضية على إنتاجاتك وما هي أعمالك المقبلة؟
ج. أعتقد أن الانسان في حال تطور دائم ومستمر و لذلك لايكون هناك حالة من الرضى التام، بل تطلع للأحسن وللمزيد من التعلم حتى نصل لما يمكن أن يمنح الرضى. و دائما مايحدث أن تنظر لأعمالك السابقة وترى نقاط ضعف وتشعر أنها كان من الممكن أن تكون أفضل مما هي عليه .. لذلك المبدع لايتوقف عن تقييم نفسه والتطلع للتفرد والاختلاف.
6. متى ستحرقين أوراقك الإبداعية وتعتزلين الكتابة؟
ج. أوراقي الابداعية هي جزء مني و لا أستطيع أن احرقها تحت إي ظرف ، و أتمنى أن أعتزل كل شيء في الحياة إلا الكتابة فهي مصدر سعادة متجدد و أصيل.
7. ما هو العمل الذي تمنيت أن تكون كاتبته؟ وهل لك طقوس خاصة للكتابة؟
ج. لم تخطر ببالي الفكرة على هذا النحو من قبل لكن من بين الرويات التي سعدت و اعجبت بها وبكاتبها لدرجة كبيرة جدا رواية The Kite Runner و أيضا A Thousand Splendid Suns للكاتب الأمريكي ذو الأصول الأفغانية ، خالد حسيني.
الكتابة حالة تتملك المبدع فيقوم بتفريغها بكل مايملك من ادوات وامكانيات للتعبير عنها، وهذه الحالة قد تحدث بتلقائية وتبعا لما يثيرها من مواقف أو حيثيات مكانية أو زمانية أو غيرها .. لذلك لا تتطلب طقوسا معينة في نظري سوى أن إتاحة الوقت والهدوء لأي كاتب لا شك ستمنحه الفرصة الكاملة ليقدم مالديه على اكمل وجه.
8.هل المبدع والمثقف دور فعلي ومؤثر في المنظومة الاجتماعية التي يعيش فيها ويتفاعل معها أم هو مجرد مغرد خارج السرب؟
ج. لابد أن يكون للمبدع والمثقف دورا ايجابيا في المنظومة الاجتماعية انطلاقا من كونه شعلة مضيئة في الأماكن المعتمة ومن تحصله على مايكفي من العلم والوعي الذي يؤهله للأخذ بيد من لم تتح له الحياة الفرصة الكافية للمعرفة، وعلى عاتقه تقع مسؤولية توعيه من حوله والارتقاء بالحياة متى ما أمكن ذلك. ليس فقط التغريد خارج السرب في سماء منعزلة. لكن أنا لست على ثقة أن هذا هو مايحدث بالفعل !! أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي هي مصادر الوعي والتثقيف للأغلبية العظمى من الناس وهي للأسف غير موثوق بها.
9. ماذا يعني لك العيش في عزلة إجبارية وربما حرية أقل؟ وهل العزلة قيد أم حرية بالنسبة للكاتب؟
ج. ما الذي تعنيه العزلة للكاتب أو المبدع سوى فرصة للانفراد بروحه والانطلاق في عالم من الفكر والتأمل والذي بكل تأكيد ينتج عنه شيئا من الابداع والجمال .. بالنسبة لي العزلة هي منتهى الحرية
10. شخصية في الماضي ترغبين لقاءها ولماذا؟
ج. أتمنى دوما لقاء والدي رحمه الله ، لأن وجوده كان دائما يصنع علامة فارقة في حياتي.
11. ماذا كنت ستغيرين في حياتك لو أتيحت لك فرصة البدء من جديد ولماذا؟
ج. ربما كنت سأرفض قبول الفرصة فلست أنا من أختار التواجد هنا من الأساس !!
12. ماذا يبقى حين نفقد الأشياء؟ الذكريات أم الفراغ؟
ج. يبقى الكثير من الذكريات والحنين، والفقد في حد ذاته مادة خصبة للابداع تشحن مخيلة الكاتب بكثير من المشاهد والأحاسيس التي تشكل حافزا هاما لقلمه.
13. صياغة الآداب لا يأتي من فراغ بل لابد من وجود محركات مكانية وزمانية، حدثينا عن ديوانك : “نبوءات منتهية الصلاحية ” كيف كتبت وفي أي ظرف؟
ج. لكل قصيدة ظروفها الخاصة المكانية و الزمانية بكل تأكيد فأنا لا أمتهن الكتابة كحرفة أو صناعة ، إنما الدوافع الداخلية هي التي تحرك الكلام على لساني وتحرك القلم ليكتب حتى ينساب كل نص بشكل تلقائي.
أما ديوان نبوءات منتهية الصلاحية، يظل محور قصائده هو الفقد والحنين والشعور المرير بالغربة والتأمل في الوجود : وما يلي أجزاء من النصوص:
– ”لست من هذه المدينة ولا تلك ، أنا شوكة في عنق الحنين ، كلما توقفت في بلدة، أنز وجوهًا قديمة ، روائح باهتة ، أصواتًا شحيحة ، ثم أرحل ، و تبقى جراح الحنين!: *(من نص كومة فراق)
”كنت فقط أحلم بأن أكون شجرة؛ مجرد شجرة، أحمل على كتفي عشرة عصافير، أمد ظلي على عاشقين اثنين فقط، أو على أحسن الفروض ، أكون يمامة، لا أبرح نافذة الله و أغني.“ *(نص لو كان لك أن تختار)
” لا وطن للغريب ، الوطن؛ مسألة غير حاسمة، كل الذي بينك وبينه ، مجرد علاقة سطحية ، وربما أخرى افتراضية ، كأن يأوي يوما رفاتك ، وقتها أيضا ستكون أنت الغريب ، وهو الوطن ، وهي مسألة افتراضية ، لا تشفى علة في القلب ، هي الحنين.“*(من نص القلب)
14. ماجدوى هذه الكتابات الإبداعية وما علاقتها بالواقع الذي نعيشه؟ وهل يحتاج الإنسان إلى الكتابات الابداعية ليسكن الأرض؟
ج. الابداع هبة من الله ووسيلة من وسائل التعبير عن النفس بكيفية مجالاته و لابد أنها مراءة تعكس ما يعتمل بروح المبدع وتفصح عما يريد أن يقول وعن رؤيته المختلفة .. فيقول بشكل متفرد عن غيره .. قد يدهش الاخرين ، يحرك دواخلهم للتأمل ورؤية الأمور بشكل مغاير ، قد يضفي شيء من الجمال على خشونة الحياة وقسوتها .. وسواء يحتاج الإنسان إلى الكتابات الابداعية ليسكن الأرض أو لا لكن من المؤكد أنها متى ماوجدت تصنع الفرق في رؤيته وتعامله مع الحياة.
15. كيف ترين تجربة النشر في مواقع التواصل الاجتماعي؟
ج. النشر في مواقع التواصل الاجتماعي ربما لا مصداقية له وأيضا التفاعل معه يفتقر للمصداقية بشكل كبير ويعتمد على أمور كلنا نعرفها وهي تبادل العلاقات والصداقات ولا يعتمد على تقييم النص الحقيقي إن كان جيدا بما يكفي ويستحق أم مجرد مجاملات .
لكن لا يمنع هذا من أن استخدام مواقع التواصل أتاح فرصة لابأس بها من التعريف بالمبدعين وانتشارهم وأدى إلى ربط الثقافات المختلفة وتبادل القراءات وفتح أبواب كثيرة لتحفيز المبدع على الكتابة في محاولة لجذب الانتباه إليه. في النهاية كل وسيلة نشر لها مميزاتها وعيوبها.
16. أجمل وأسوء ذكرى في حياتك؟
ج. الذكريات الجميلة كثيرة و أحمد الله على ذلك و أهمها هو مايخص أولادي وعائلتي وكذلك السيئة .. لكن الأسوء بالنسبة لي هي وفاة والدي.
17. كلمة أخيرة او شيء ترغبين الحديث عنه ؟
كلمتي الأخيرة هي جزيل الشكر والامتنان لكم على اتاحة هذه الفرصة لي كي أعرف عن نفسي و أيضا تقديري لكم على جهودكم الكبير في اجراء هذه الحوارات ومنحنا الفرصة لتبادل التعارف من المبدعين والفنانين الأخرين في المغرب و الدول الاخرى . تحياتي ومحبتي للجميع.