حواره الكاتب سامر المعاني
1. هل تعد تجربتك في هذا العمل ارشيفا للحقبة الزمنية التي تناولتها الرواية ؟
الرواية ليست رواية تأريخية بالمعنى الحرفي حتى تعتبر عملية أرشفة لحقبة زمنية معينة وبرأيي الأرشفة ليست مهمة الرواية حتى وان ظهرت كأنها تستذكر مرحلة زمنية، والا فقدت معناها كرواية. الرواية ايضا ليست (كاميرا) تصور الواقع كما هو بمظهره وأحداثه الخارجية الظاهرة، بل هنا يكمن دور الكاتب حيث أنه بقلمه يعمل كمشرط الجراح، يقوم بتشريح المجتمع بظواهره، والشخوص بحالاتها الاجتماعية والنفسية، والغوص فيما وراء الظاهر من أحداث لوضع اليد على مكامن الوجع (ان صح التعبير) وتقديم النص الروائي للقراء منفتحا على كل احتمالات التفسير التي يخرج بها القارئ. اختياري لهذه الحقبة الزمنية بالتحديد في روايتي بسبب كثافة الأحداث وغناها على كل المستويات المحلية والعالمية وما كان لها من نتائج على منطقتنا وعلى مجتمعاتنا.
2. لماذا اخترت هذا العنوان؟
بخصوص العنوان ودلالاته، لم يكن اختيارا جزافيا، بل لكل كلمة دلالتها والتي تعكس مضمون الرواية وسير أحداثها. الرواية يمكن اعتبارها في جانب من الجوانب سيرة اجتماعية لشريحة من المجتمع الفلسطيني يمكن تعميمها على المجتمع برمته. ومن جانب آخر تلقي الضوء على حالة الاغتراب والمنفى التي عاشتها شخصيات الرواية كأفراد في هذا المجتمع، وما مرت به من هجرة طوعية لأسباب اقتصادية و/أو اجتماعية، وتهجير قصري بسبب الاحتلال. في الغربة وبعيدا عن الوطن الأم راح الأفراد يفتشون عن ذواتهم، فكان ينتابهم احساس عارم بفقدان الذات أو الهوية وكأنهم (ظلال) لشخصيات حقيقية فقدت حقيقتها جراء الأحداث تعيش حالة من الاغتراب والمنفى. و(الشرفة) هنا لها دلالة على الانتظار والترقب والنظر للمستقبل في عملية البحث عن اجابات وجودية للذات والهوية. أما (المجهول) دلالة على الحالة التي وصلوا اليها من تعمق احساسهم بالغربة والاغتراب والمنفى. فالواقع الحاضر وما يمكن استشرافه من المستقبل ما زال مجهولا.
3. ما هو المحور الرئيس للرواية؟
هناك عدة محاور شملتها الرواية وألقت عليها الضوء:
– الواقع الاجتماعي في المجتمع الفلسطيني وما تحكمه من عادات وتقاليد وأعراف كمجتمع أبوي بطريركي وما لذلك من تأثير على الأفراد.
– الهجرة الطوعية للفلسطينيين لأسباب اجتماعية واقتصادية.
– حالة الاغتراب والتشظي التي يعيشها المهاجرون والمهجرون في المنفى.
4. أين تدور أحداث الرواية؟
الرواية تنقسم الى جزئين وفترتين زمانيتين. الأولى في احدى القرى الفلسطينية غربي النهر، والثانية امتداد لها في مدن وقرى أردنية شرقي النهر. وذلك بسبب التداخل الاجتماعي والاقتصادي الذي كان ولا زال ما بين ضفتي النهر.
5. من هي الشخصية الرئيسة في الرواية وماذا يمثل بدوره الاجتماعي والانساني؟
لا توجد شخصية رئيسة أو مركزية في الرواية، هناك شخصيات متعددة وان تم القاء الضوء على بعض منها أكثر من غيرها، الا أنه حتى الشخصيات التي قد تبدو ثانوية في سياق النص لو تم التدقيق في دورها وأثرها على مجريات الأحداث لوجد القارئ أن لها تأثيرا كبيرا على المشهد العام وعلى ما آلت اليه أحداث الرواية. أيضا هناك شخصيات كان لها دلالتها المهمة كالبيت الكبير، والبحر، والصحراء، والقرية، ومدينة عمان، ومدينة السلط، وزيزيا.
6. ما هي القضايا الرئيسية التي تتناولها الرواية؟
تم الاجابة عليها في السؤال رقم (3)
7. ما هو أسلوب السرد المستخدم في الرواية وهل هناك ارشفة بالكلمات الغريبة والعامية ؟
قاصدا، لم أتبع أسلوبا محددا أو تقنية بعينها، بل اعتمدت تقنيات متعددة في السرد وبناء النص . مثلا، يعمد بعضُ كتاب الرواية بإسم البحث عن الراوي “:العليم” وتعلمه إلى تفكيك أواصر النص، إلى عليم وغير عليم، هذه الثنائية المفروضة على النص، أو تُفرض على السرد، هذا الوصف للراوي العليم ، ما هو إلا العودة للموروث القمعي في تراثنا الذي يمتلك الحقيقة المطلقة والمعرفة التي لا حدود لها. أنا تجنبت قدر الامكان حصر السرد في هذا القالب.
شخصية صابرفي الرواية تبدأ بمشهد سينمائي وهو أقرب للمشاهد السينمائية التي تعتمد على الحوار القصير المقتضب نوعا ما، ليس كالمسرح الذي يكون الحوار طويلا ما يأخذ طابع الوعظ والتحريض بطريقة انفعالية٠ بل تم استخدام تقنية الحوار السينمائي.
أيضا، وظفت في الحوار تقنية الايحاء المعتمد على التشويق المستمر باستخدام أشبه باسلوب الروايات البوليسية في الكشف عن المعلومة في الوقت المناسب، وحجبها قدر المستطاع لحين الحاجة إليها ودون افتعال.
كذلك تتعدد الحوارات دون ترتيب ودون ذكر تاريخ محدد، لترك مساحة معقولة للمتلقي، الذي في عالمنا العربي يعاني من سماع الرأي والرأي الآخر، من خلال الحوار المفتوح وغير المغلق، أي يكون هناك مساحة كبيرة للمتحاورين، بعيدًا عن التسلط وفرض الرأي٠ فالحوار في الرواية يتجلى كشكل ملعب حياتي، يعيش فيه البشر، فالحوار هو أكسجين الحياة.
استخدمت لغة شعرية عالية الكثافة أحيانا في السرد وبناء المشاهد، تُسخَّر فيها الصور المجازية لا للزخرفة، بل لتجسيد ما لا يقال مباشرة. حين يلتقي صابر بأبيه، لا يُسرد الحدث كوقائع جامدة، بل كصورة حسية.
قمت ببناء شخصيات الرواية ليس:فقط كالأبطال بل حتى الهامشيبن منهم، ولم اعتمد على رسم الشخصية سواء من حيث التكوين النفسي على الأسلوب التقريري٠ بل تركت للقارئ يتعرف على الشخصيات دون تدخل مني، للتعرف على مواقفها في مشاهد تعبر عن ذلك ويكون وصفًا انطباعيًا. أو البحث عن مضمون ما يخص المتلقي، فمثلا كتبت أصف مظهر صابر( أحس صابر بشعور إخوانه تجاهه ، ربما كان مخطئًا ، لكن هذا ما كان يحس به)، وأعتقد بذلك أن هذا هو المولونج الذي وظفته في الرواية.
8. ما هي الرموز الأدبية البارزة في الرواية وهل هناك تأويلات سياسية ودينية اسقطتها على العمل ؟
9. لجأت أحيانا لتوظيف الرموز والأسطورة وبعض النصوص الدينية، لدرجة صارت الرموز كالبيت الكبير،والظل، والدائرة، والصحراء، والبحر، شخصيات فاعلة في السرد، وتركت التأويل للقارئ.
10. ما هي الرسالة الأساسية التي تحملها الرواية؟
الانسان: معاناته، آلامه، أوجاعه، هي الأولوية على كل شيئ في هذه الحياة القصيرة.
11. ما هي الأسباب التي أدت إلى تأخرك في إصدار الرواية؟
أعباء الحياة وانشغالاتها
12. أين كانت فلسطين في سياق الرواية أو تجربة الكاتب؟
فلسطين هي الشخصية الرئيسة في الرواية والبطل الذي تتمحور حوله الأحداث ومصدرها.
13. ما هو دور النوارس في الرواية وهل لها دلالة معينة؟
قدر النوارس أن تحيا وقدر النوارس أن تلتقي.
للقارئ أترك التأويل
14. هل كانت أسماء الشخصيات مثل “صابر” و”مريم” مقصودة من قبل الكاتب؟ وما دلالاتها؟
من عنوان الرواية وحتى الخاتمة كان للأسماء دلالتها عندي.
صابر، ولادة الشخصية ونموها وتفاعلها مع الأحداث التي مر بها فرضت الاسم علي، لما اتسمت به من صبر وتحمل ومواجهة لصراعاته الداخلية والخارجية.
مريم، البتول والنقاء والأم في غير أوانها.
15. لماذا اختار الكاتب استخدام اللهجة العامية على لسان الأبطال في الرواية وهل تمثل المفردات منطقة معينة؟
كما أسلفت المجال الحيوي للرواية قرية فلسطينية قضاء مدينة رام الله، والشخصيات ولدت في هذه القرية وتغربت واغتربت، واللغة هي جزء من الهوية لا بد من ابرازها في الحوار بين الشخصيات، لكن دون أن تطغى على النص.