آفاق حرة
في إطار سلسلة اللقاءات التي أقوم بها بقصد اتاحة الفرصة امام المهتمين بالشان الثقافي والابداعي والكتابة الادبية بشكل عام والذين قد يعانون من ضائلة المعلومات الشخصية عن اصحاب الابداعات الثقافيةعبر انحاء الوطن العربي الكبير،لذلك فان اللقاءات بهم والحوار معهم من اجل اتاحة الفرص امامهم للتعبيرعن ذواتهم ومشوارهم الشخصي في مجال الابداع والكتابة ويتيح للجميع التعرف عليهم من قرب والتواصل معهم مستقبلا
ويأتي هذا اللقاء رقم ( 67 ) ضمن نفس المسار
وفي ما يلي نص الحوار
** كيف تقدمين نفسك للقراء؟
قلت في ردي على هذا السؤال ذات مرة أنه قد يكون الأصعب، لأن المرء توليفة من الحكايات، يختلف تعريفه باختلاف الحكاية يتم من زاويتها باعتبار متعلقاتها، رغم اجتماعها الحتمي في كينونته كإنسان، لذلك أختصر ردي عليه بما قدمني به أحد الإعلاميين يوما
كاتبة أردنية من أصل فلسطيني، أكتب الشعر والقصة القصيرة والقصيرة جدا والقصة الشاعرة أيضا، أحمل درجة الدكتوراه في الأدب المقارن، عضو اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين، وعضو اتحاد كتاب مصر، ونائب رئيس الاتحاد العالمي للإبداع الفكري والأدبي، ومستشار ثقافي لدار النسر الأدبية في مصر.
** أنتاجك الادبي : نبذة عنة ؟
صدر لي
· كتاب نقدي بعنوان القصة الشاعرة – جنس أدبي جديد
· ديوان شعر بعنوان “وجع الغياب”
· كتاب جذى شعرية ونثريه ( إبيجرام) بعنوان ” أنسام وعواصف” بالاشتراك مع الأديبة كاملة بدارنة
· مجموعة من الإصدارات المشتركة
· نشرت في العديد من الدوريات الثقافية والمجلات المحكّمة
** كيف تصورين لنا المشهد الأدبي بشكل عام في الاردن حاليا ؟
لا يختلف المشهد الأدبي أردنيا عنه عربيا، فالمؤثرات واحدة سواء على صعيد الإبداع أو التلقي، والقضايا مشتركة والاهتمامات منبثقة عن ذات المعطيات المشتركة أيضا، والمشهد الثقافي الأدبي والفني عربيا يعاني من غزو الشوائب الذي تسببت به وسائل التواصل الاجتماعي المؤتمتة، إذ أتاحت منبرا لكل دعي وكل دخيل، يهرف بما شاء ويطلق على نفسه من الألقاب ما شاء، وتراجعت عوامل عدة بذائقة المتلقي كتأثره أو انبهاره بالنموذج الغربي الذي عاش تجربة مرّة في مراحل انتقاله من عصور الظلام والقمع الكنسي لعصور التنويروالانفتاح، وبنى آمال على الحداثة والحداثية خابت على محكات الواقع فأدت لما تبعها وصولا لمرحلة الحداثة المتذبذبة بضبابيتها وفوضويتها وعبثيتها، وكذلك انشغاله بالألواح الضوئية هواتف وتابات ، وانشغاله عن الأدب والثقافة بلقمة عيشه، وغيره مما لا يخفى على أحد، فتراجع إقباله على القراءة رغم ارتفاع نسبة التعليم، وتراجع اهتمامه بالإيجابي والقيم أمام حاجة للتسرية عن نفسه، مما انعكس على العملية الإبداعية ثقافيا بشكل عام، فظهر الإسفاف وانحدرت اللغة والمضامين ولا ينفي هذا بالتأكيد وجود مبدعيين حقيقين ومتلقين راقيين ، يواجهون هذا الواقع بجد وإصرار لتكريس الصورة الصحيحة المنشودة، بفن جميل وأدب راق يشيان بتمكن حقيقي يشهد للمبدع والمتلقي معا
** هل في نموذج من كتاباتك ؟
صَهيلُ الدَّم
………………
عَلَا أَنِينُ حُرُوفِي لَيسَ يَزمَعُهَا = إِذَا هَمَتْ تَرَفٌ لِلشَّدْوِ يُزمِعُهَا
لَهَا بِبَابِ يَبَابِ العُمْرِ أَرصِفَةٌ = عَصِيبَةٌ وَهَنًا بِالدَّمعِ تَذرَعُهَا
أَخَالُهَا حِينَ تَهوِي بِالقَصِيدِ عَلَى = أَضَالِعِ الصَّفَحَاتِ السَّوطَ يُوجِعُهَا
تُغَالِبُ الأَلَمَ المُضنِي فَتَنزِفُهُ = وَشمًا عَلَى وَصَبٍ تُصلاهُ أَضلُعُها
هُوَ الهَوَانُ غَدَاةَ الصَبرِ زَلزَلَنِي = وَرَاحَ لِلكَفِّ بَعدَ الأَنفِ يَجدَعُهَا
وَهَامَتِي بِحَنِينِي تَنحَنِي لِجَوًى = مَرِيرِ عَاقِبَةٍ كَالسَّعفِ يَسفَعُهَا
بِالشَّمسِ تَرقُدُ قَيْدَ الحُزنِ كَاسِفَةً = ضَياعُ حَاضِرَةِ الإِسلامِ يَصفَعُهَا
وَأُمَّةٌ غَرَّهَا مَا كَانَ فَانكَفَأَتْ = تَنُوحُ فِي شُرُفَاتِ الوَهمِ مَطلِعُهَا
تَنَامُ مِلءَ عُيُونِ الهُونِ غَافِلَةً = عَنِ الَّتِي غُرِسَتْ فِيهَا تُرَوِّعُهَا
وَتَشتَكِي إِن تَعَالَى الخَطبُ حَالِمَةً = لِمَن بَغَى وَابتَغَى مَا بَاتَ يُفزِعُهَا
تُشِيحُ عَمَّا تَرَى كَي لَا تَرَى صَلَفًا = لِغَاصِبٍ دَاسَهَا تَشكُوهُ أَرْبُعُهَا
وَسَامَهَا ذُلَّها مَن سَاسَهَا فَأَتَى = عَلَى جُذُوعِ تَعَالِيهَا يُقَطِّعُها
فُلُولُ أَنظِمَةٍ كَانَتْ كَسَاقِطَةٍ = فِي حَانَةِ الغَادر الجَبَّارِ أَرفَعُها
يَحُطُّ مِن قَدرِ مَن يَرعَى إِذَا عَثَرَتْ = وَيُسعِفُ الأَعنَفَ الأَعتَى مُرَقّعُها؟
وَغَابَ عَن جَوقَةِ الأَنذَالِ فِي سَفَهٍ = أَنَّ الزَّمَانَ مُعِدٌّ مَا يُفَجِّعُهَا
مُبَعثَرٌ جَمعُ مَن سَاقَ الشُّعُوبَ سُدًى = مَطِيَّةً للرَّدى والذُّلِّ يُخْضِعُهَا
إنّ الَّذِي جَدُّهُ حُرٌ وَإِن رَسَخَتْ = نَابُ الأَذَى، هكَذَا بِالحَقِّ يَقلَعُهَا
وَدَولَةُ الظُّلمِ لَو طَالَ الزَّمَانُ بِهَا = بِعَزمِهِ نَاهِضٌ يَومًا يُزَعزِعُهَا
حُشُودُنَا أَعلَنَتهَا اليَومَ عَاصِفَةً = بِغَضبَةٍ مِن عُرُوشِ الذُّلِّ تَخلَعُهَا
وَقَامَ مَن قَامَ يَروي بِالدِّمَا وَطَنًا = مُكَرَّمًا وَالرُّبَى بِالمَجدِ يَزرَعُهَا
يَا أُمَّتِي خَضِّبِي هَذَا الثَّرَى، دَمُنَا = مُجَلجِلٌ صَوْتُهُ فِي الأَرضِ يُسمِعُهَا
فَأُمَّةٌ حُرَّةٌ لَو مَسَّ هَائِمَةً = بِجَوِّهَا طَارِقٌ لانْقَضَّ مَضَجعُها
بِغَضبَةٍ صَلصَلَتْ شَعوَاءَ سَامِيَةً = تَذُودُ عَمَّن بِهَا عِزَّا وَتَمنَعُهَا
لَبَّيْكِ جِئْنَاكَ نَرجُو المَوتَ فِي شَمَمٍ = وَرَايَةُ الحَقِّ بِاسمِ اللهِ نَرفَعُهَا
سَنَرفُعُ الجَورَ عَنكِ السّاعةَ انْتَفِضِي = كَرِيمَةً لَيسَ إِلا النَّصر يُقنِعُهَا
** القصة الشاعرة جنس ادبي جديد -حدثينا عنه- الصفة- وكيفية كتابتة – ومقارنته بالشعر القصصي او غيره ؟
القصة الشاعرة كجنس أدبي جديد عربي المنشأ حداثي اللغة والبناء وما بعد حداثي الأسلوب الفني التفاعلي المتناغم مع التوجه الرقمي للإبداع الأدبي ، ينطلق بخصائصه وسماته المميزة من آخر محطة وصلها وما يزال يدور في إطارها الأدب العالمي.
جنس عربي أصالي في لغته بتوظيف احترافي للبلاغة بعلومها ولموسيقى الكلمة والمفارقة بعناصرها التضاد والمفاجأة والسخرية، وفي اعتماده تفعيلات بحور الشعر العربية بزحافاتها وعللها معتمدة تفعيلة مكررة على طول النص بما يجعل منه مقطوعة موسيقية تختلف بحركاتها وسكناتها عن أي نص قصّي آخر.
وهو إلى ذلك جنس أدب وما بعد حداثية بأسلوبية تتجلى في تفاعلية النص وانفتاحه أمام المتلقي على مساحات من التأويل يوظف فيها تركيبته الذاتية فكريا وخبراتيا وحسيا ليكون شريكا حقيقيا في العملية الإبداعية، وما بعد ما بعد حداثي أيضا وهو ما يتجلى في تبطين القص في ما ورائية النص ببراعة تعبيرية، وتوسيع مساحة ملامح الشخوص لتتقبل إسقاطها على شرائح ونوعيات وأجناس مختلفة، والانفتاح الزمكاني يطلق النص في فضاء يتقبل كل الأزمنة له زمنا وكل الأمكنة له مكانا تربطه بالمطروح منها قضية النص ومضمونه إضافة لتوظيف سيميائية العرض والتشكيل البصري، كمنبهات دلالية وربما مفاتيح لشفرات النص، بالاضافة لبعض أودوات العرض الرقمي، والتي تعتبر مراعاتها هامة في عملية نقل النص ليصل للمتلقي مكتملا
وهي ككل جنس أدبي تحتاج معرفة دقيقة بمجمل خصائصها ليتمكن الكاتب من إبداعها باحترافية، وواضح أنها لا تمكن إلا لمن اجتمعت عنده ملكة كتابة الشعر والقصة القصيرة جدا في آن معا
أما مقارنتها بالشعر القصصي فيمكن إيجازه بقولنا
القصة الشعرية بتاريخها العريق المعروف والذي يمتد عميقا للملحمة في التراث الأدبي القديم، ويرث عنها كثيرا من سماتها الغائية والموضوعية، فهي جنس أدبي مختلف تماما عن القصة الشاعرة رغم أنهما متأسسين كلاهما على اجتماع فني الشعر والقص، حيث أن الشعر القصصي هو شعر ابتداء يلمس ذلك فيه قارئه قبل أن يغوص في عمقه مهما كانت معرفته بالشعر، فإن فعل، وجد فيه الحكاية وليس القصة القصيرة بجمالياتها، كما أن على القصة الشعرية وجوبا باعتبارها شعرا يحكي قصّة؛ تحقيق المعادل الموضوعي بين كفتي الشعر والقصة فيها، لتجنب إفشال النص بغلبة أحدهما على الآخر ، ويستوجب هذا لغة مباشرة ووضوحا ويحد من آفاق التفاعلية مع المتلقي عبر الفجوات النصية التي يفتحها الرمز والإيحاء والتورية وتوظيف الفضاء النصي بمعطياته، بينما القصة الشاعرة التي تزخر بها جميعا، فهي حدث شعري لا يلمس القارئ العادي الشعر فيه رغم تموسقه مع أنغامه، هي حصيلة تفاعل ذهني بين الشعر والقص ولّد جنسا جديدا يختلف عنهما معا رغم حمله بعضا من سمات كل منهما.
فإذا كان الشعر القصصي كتب على قصيدة السطر او التفعيلة، التي تلتقي معها في التزام التفعيلة والتدوير الشعري، وجدنا اختلافهما يتجلى بالاكتفاء في قصيدة السطر بدراما اللقطة، مقابل الحرص في القصة الشاعرة على البعد الدرامي المتغلغل في ما ورائية المشهد وبروز التدوير الموضوعي القصّي المبطن أعماق النص، إضافة للتدوير البنائي، بالإضافة لعدم العناية بالسطر، وعدم التسكين/الوقوف على امتداد النص، ليغدو بكليته وحدة بنائية موحّدة، ففي حين يقف شاعر قصيدة التفعيلة أو السطر وجوبا بتمام المعنى، وفي حين يضيف الوقف والتسكين للنص الشعري دلالات يريدها الشاعر ويعنيها، فإن لتجنبها في القصة الشاعرة دلالته ودوره.
كما وتختلف عن الإبيجرام أو القصيدة الومضة بأن الأخيرة لون من التعبير الشعري يحمل بعضا من السمات التعبيرية وربما التصويرية للقصة الشاعرة ..نعم، لكنه متعدد المواضيع، ليس بقصة، وليس من سماته المميزة أن يكون، وهو جنس أدبي تطور عن أبيات من الشعر تنقش على شواهد القبور تكون أحيانا جزءا من قصيدة، وما زال يقصد به بصفة عامة –إذا ذكر في النقد- كما ذكر د.اسماعيل عز الدين في كتابه دمعة للأسى دمعة للفرح “القصيدة القصيرة التي تتميز على وجه الخصوص بالتركيز في العبارة، والتكثيف في المعنى، واحتوائها على مفارقة، وتكون مدحا أو هجاء أو حكمة” ، وهذا لا يعني قصة بأي حال، فإن كتبت الإبيجراما نثرا فهذا فارق جوهري آخر بينهما.
وتختلف عن البند والذي يخلطون بينه وبين القصة الشاعرة لالتزامهما التدوير التفعيلي، بكونه مباشر اللغة والتعبير لا علاقة له بالخيال ولا الترميز ولا الشاعرية أو الشعرية، إضافة لتعدد مواضيعه فليس شرطا فيه أن يقول قصة.
كما وتختلف عن المقامة بالتزام الأخيرة السجع والتسكين، وخلوها من الإيقاع، ومباشرتها الحدثية والتعبيرية وافتقارها للتكثيف والرمزية.
** ما هي مكانة المرأة في المجتمع الاردني حاليا ؟ وكيف ترى الإبداع العربي النسوي؟
لا بد عند الحديث عن وضع ومكانة المرأة في مجتمع ما، من مراعاة الفارق بين هذا الوضع على المستوى الرسمي من حيث حقوق وواجبات المواطنة وعلى المستوى الشعبي من حيث نظرة المجتمع وتقييمه لدورها ومكانتها ووجودها بشكل عام، والمرأة في الأردن على المستوى الرسمي مواطن يتمتع بكامل الحقوق التي يتمتع بها الرجل، ويحمل كامل الواجبات التي يحملها، وقد شغلت مناصب عليا في كافة مؤسسات الدولة فحملت الحقائب الوزارية، وانتخبت نائبا، وتولت القضاء وأدارت الدوائر والمؤسسات وغيره
أما على المستوى الشعبي، فالمرأة عربيا وليس أردنيا فقط، ما زالت تعاني من بخسها قدرها والاستهانة بدورها، وهذا واقع لا يلام فيه الرجل بل المرأة، فالإحصائيات تشهد بأن المرأة التي يقولون إنها نصف المجتمع تشكل أكثر من نصفه بكثير، وهي المربي في الأسر التي تشكل لبنات المجتمع، وهي المسؤولة بالتالي عن بناء فكر يحترم المرأة لدى أبنائها بنين وبنات، فإن فعلت خرّجت جيلا يحمل نظرة إيجابية لجنسها، وإن قصّرت فهي المسؤولة عن تدني نظرته لجنسها.
وعن الإبداع النسوي أقول أن ثمة في المبدعات قامات طاولت السحب كما في المبدعين، وثمة دخيلات يمتطين كل ما عدا الإبداع ليحققن زعم نسبتهن إليه، ومن الرجال في المشهد الإبداعي أمثالن ممن يمتطون ما عدا الإبداع ليحققوا زعم نسبتهم إليه وهم كثير.
**لكل مبدع محطات تأثر وأب روحي قد يترك بصماته واضحة خلال مراحل الإبداع، فما هي أبرز محطات التأثر لديك، وهل هناك أب روحي ؟
كانت والدتي حفظها الله شغوفة بالقراءة، وقد حرصت على توريثي تلك الميزة فحثتني دائما على القراءة حتى أني قرأت الأدب المترجم وإبداعات جبرا ابراهيم جبرا في صفي الثالث الإبتدائي، وكان الشعر أحب ما أقرأ لنفسي .. وكتبت إرهاصتي الشعرية في العاشرة من عمري، وكانت – رغم سذاجتها- شعرا موزونا صحيح اللغة
وتأثرت في الشعر بجدي رحمه الله وبما كان يسمعنا في الجلسات العائلية من قصائد بالمحكية، بعد ذلك جاء تعلقي بالشعر الجاهلي وشعراء العباسيين، وما زلت مشدودة لذلك الشعر الأصيل، أعشق المتنبي وأعتبره نجمي الذي أطمح لبلوغه
** ما الرسالة التي يجب علي الكاتبات الاناث تقديمها للمجتمع في الوقت الراهن ؟
الأصل أن لا يكون ثمة تفريق بين كاتبات إناث وكتاب رجال، فالكتابة إبداع تعبيري معني بالرسالة التي يحملها لا بجنس كاتبه أو جنسيته أو عرقه، وعليه فعلى الكتاب باعتقادي رجالا ونساء أن تنبثق إبداعاتهم من وعي حقيقي بقضايا الإنسان وحاجاته والدفاع عن حقوقه الإنسانية في كل الشرائح الاجتماعية والاقتصادية
** هل في نموذج من كتاباتك ؟
كَفُّ الإِباءِ
…………..
مَنْ مُسْعِفٌ قَلبًا تَنَاثَرَ عَصْفَا=وَمُهَدهِدٌ خَدًّا يُلاطِمُ كَفَّا
طَفِقَ الأَسَى يَهوِي عَلَى أَشْلائِهِ=بِجَحِيمِ أَورَاقِ التَّجَنِّي خَصْفا
فِتَنًا يُدَارِيها بِرِجْفَةِ واجِفٍ=جَافَى دِمَاءَ وَرِيدِهِ وَاسْتَجْفَى
وَهَوَتْ عَلَيهِ بِهَوْلِها نُوَبٌ بِها=يَصلَى اسْتِعارَ الرَّضْفِ يُطْفِي الرَضْفا
تُوهِيهِ فِي حُمَّى التَّرَجِّي سَطْوَةٌ=لِلفَقْدِ يُعْمِلُ فِي الشَّغافِ النَّسْفا
وَعَلَيْهِ تَحتَرِفُ الهُطُولَ النَّازِلاتُ=لَظًى تَوالَى مُعْمِلاتٍ خَسْفَا
تُورِي دُرُوبَ بَقَائِهِ سَفَهًا رُؤىً=فِي كُلِّ مَسأَلَةٍ تُؤَلِّبُ حِلْفَا
يَخْتَالُ فِي حُلَلِ التَّصَلُّفِ عَدْوَةً=وَيَصُوغُ مِنْ فَنِّ التَّعَامِي عُرْفَا
فَإِذا الوَمَى زَقْوٌ وَقَوْقَأَةٌ وَها=جِيَفٌ وَكُلٌّ مُسْتَعِمٌّ عُرْفَا
يَا أُمَّةً تَحْبُو نُكُوصًا حَزْمُها=فِي هَزْمِها وَالطَّرْفُ يُعْمِي الطَّرْفا
وَهَبَتْ لِرَمْضَاءِ التَّشَرذُمِ نِصْفَها=وَعَلَى ضَرَامِ النَّفْيِ تَصْلِي النِصْفَا
ثَكْلَى يُلَقِّمُها الرَّدَى أَولادَهَا=أَوَ ما اكْتَفَيْتِ -بِحَقِّ رَبِّكِ- نَزْفا!
فُضِّي جُمُوعَ طِعَانِ قَلبِكِ وَانْهَضِي=شَمْسُ المُرُوءَةِ لا تُهادِنُ كَسْفا
وَاسْتَمْطِري دِيَمَ انْعِتَاقِكِ غَيْثُها=يَرْوِي عَنَاقِيدَ التّآلُفِ نَدْفا
فِي صَوْلَةِ اسْتِغْفالِنَا صَدِيَ النَّدَى=وَالبَحْرُ صَرَّ وَماءُ صَبْرِكِ جَفّا
مَهْما اسْتَلانَ أَخُو التَّسَلِّي بِالرِّضا=سيَعُبُّ فِي ذُلِّ التَّسَرِّي الحَيْفَا
لَمْ يُعْفِها لِينٌ يُلَفِّعُ حُسْنَها=أَغْصَانُ صَفْصَافٍ تُلَوَّعُ قَصْفا
وَالبَغْيُ شِرْعَةُ غَاشِمٍ يَا أُمَّتِي=لَوْ شَقَّ بِالرَّفْشِ الحَشَا مَا استَكْفَى
فَعَلامَ صَمْتُكِ وَاسْتِلابُكِ فِي الَّذِي=مِيرَاثُهُ خِلْفٌ يُوارِي حَتْفا
عَن وَجْهِ كُلِّ مُرَاوِغٍ مُتَكَسِّبٍ=كُفِّي القِنَاعَ وَبَيِّنِي مَا أَخْفَى
مَا بَاعَ مِنْكِ وَمَا أَضَاعَ وَمَا اكْتَرَى=مِن ثَوبِ غَدْرٍ عَن خَزِيٍّ شَفّا
رَفَعَ الغَفَى وَالإِمَّعَاتِ وَطَامِعًا=أَقْعَى بِقِيعانِ الهَوانِ وَأَغْفَى
رُمْحُ الخَنَا مُتَأَوِّدٌ فِي غَيِّهِ=فُسقًا يُطاعِنُ مَنْ نَقاءً عَفَّا
فَخُذِي بِعَزْمَتِكِ القَرَارَ وَأَسكِتِي=الغِرْبَانَ حُكْمًا، أَلزِمِيها الصَّفّا
كَفُّ الإِبَاءِ تَصُكُّ وَجْهَ مَنِ ارْتَضَى=ذُلًّا لِمَن يَرعَى وَتُرغِمُ أَنْفا
**لقد ولجت الكاتبة د.ربيحة الرفاعي عالم كتابة القصة الشاعرة – حدثينا عن هذة التجربة ؟
القصة الشاعرة جنس عربي المنشأ، وهي بهذا شاهد -بزعمي- على إمكانية القفز عن تلك الهوة التي تفصلنا أربعة إلى خمسة قرون عن الواقع الأدبي العالمي، والانطلاق من حيث وصل العالم، فضلا عن كونها شاهدا على الحضور العربي الفاعل في المشهد الأدبي العالمي، وقدرته على التواؤم مع التغيرات في البناء الفوق للمجتمعات، وقد كان هذا محرك اختياري موضوع اطروحتي لنيل درجة الدكتوراة والتي كانت بعنوان الأدب وتناسل أجناسه والحضور العربي الفاعل، واعتمدت القصة الشاعرة فيها دليلا عليه.
وقد كتبت القصة الشاعرة، وتحمست لها بقوة، وحرصت على أن يعقد المؤتمرالعربي الثامن للقصة الشاعرة في العاصمة الأردنية عمان، وكان ذلك وحقق صدى رائعا أسهم فيه المتنكرون للقصة الشاعرة مشكورين بمحاربتهم لها كجنس أدبي وللمؤتمر على صفحات الصحف والمجلات الورقية والإلكترونية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، تماما كما حدث مع الحركة الرومانسية في أوروبا حين حاربها الكلاسيكيون بهذه الطريقة فزادوها انتشارا ..
**هل الكتابة الادبية والانفتاح على العالم من خلال الشبكه العنكبوتيه – يعطي المبدع حقه بتسليط الاضواء عليه والاخذ بيده حتى يظهر للجمهور؟
الشبكة العنكوتية ومواقع التواصل الاجتماعي، منحت المبدع والمبتدئ والدعيّ منبرا تساوت عليه القامات فأحالت المشهد الثقافي لما يشبه سوق خضار شعبي صاخب تضج فيه العقول وتضطرب المقاييس ويستقطب المتسوقين البائع الأعلى صوتا في ندائه على بضاعته مهما كانت سلعته، وهذا يعني بزعمي أن مجرد الكتابة و
الانفتاح على العالم من خلال الشبكة العنكبوتية لا تصنع مبدعا، فكيف بأن تكون حجة للأخذ بيده ..
وهذة صفحتي للتواصل
https://www.facebook.com/profile.php?id=100005076482390
** هل عانيت كامرأة مبدعة من ضيق المساحة المتاحة لك إبداعيا؟
يتكرر توجيه هذا السؤال للمبدعات من النساء، وأعجب للردود التي تشتكي تقييدا للمبدعة ، ربما لأني لم أواجه خلال حياتي الأدبية أية قيود مردها كوني امرأة، وما قد يعانيه الكاتب من تضييق في العادة متعلق بمساحة حرية التعبير على المستوى السياسي، وهو واقع على الكتاب الرجال كما هو على الكاتبات من النساء.
أما فيما عدا الشأن السياسي فإن ثمة فارقا بين الحرية والإسفاف في الانفلات، فما يستفز حياء المتلقي وتركيبته القيمية والأخلاقية، يستفزه بغض النظر عن جنس كاتبه، والأدب أجمل حين تزينه التوريه والانزياح اللفظي والمعنوي والتعبير الجمالي الذي يتجنب المباشرة والتصريح، ويستطيع الكاتب في إطار ذلك قول ما شاء دونما استفزاز لذائقة أو قيمة أو حياء لدى المتلقي، والمبدع الحقيقي بزعمي هو من يقدر على ذلك ويجيده.
** واخيرا ما الكلمة التي تحبين ان تقوليها في ختام هذة المقابلة ؟
تستحق أمتنا منّا أن ننتصر على الأنا لنرتقي بالـ نحن التي سيرتقي أفرادها حتميا بارتقائها؛ وتستحق لغتنا وأدبنا أن نعمل باستمرار على تطوير قدراتنا والتأكد من تمكننا اللغوي ومهاراتنا الأدبية قبل التنطع لاعتلاء المنابر.
شكرا لمنبركم الراقي لكريم استضافتي
ولشخصكم الراقي الاديب المصري صابر حجازي لهذه الأسئلة الذكية