أحمد حجازي المعروف بأنهُ أصغر كاتب، شكلَ حضوراً بهياً علينا كما شكلَ ذات الحضورِ على بدايات سطورِ كلماته.
ضيفاً عزيزاً على ” التيار”
نرجو تعريف القارئ بشخصك فمن هو أحمد؟
أحمد حجازي سوريّ الجنسيّة والهوى من طرفٍ، مغربيّ الجنسيّة أيضًا والدّم من طرفٍ ثانٍ، وُلدتُ في عام ١٩٩٦ على أراضي المملكة العربيّة السّعوديّة ومنذ ذلك اليوم أنتظر ولادتي على ورق، وهذا ماحصل في ٢٠١٧.
طالب طب بشري في جامعة القاهرة بالسّنة الخامسة.
حدثنا عن تلك الولادة في ذلك العام؟
وُلدت بين صفحات روايتي الثّانية، الأولى الّتي نشرت، رواية قطعتا ثلج في تموز في حفل توقيعٍ في معرض قاهرة الدّولي، وُلدتُ عندما لمحتُ اسمي على غلاف أحد الكتب بين يديّ القرّاء.
كان إنجازاً عظيماً يضاف إلى تفاصيلك. ومشاعرك، فيما بعد هل اتضحت الرؤية الفكرية لمشاريعك الأدبية القادمة بصورةٍ أكبر؟ وماهي أهم الأعمال التي ساعدت في ذلك؟
بعد الانتهاء ونشر رواية قطعتا ثلج في تموز، اتجهتُ للبدأ بالجزء الثّاني من الرّواية، حيث باشرتُ بكاتبة رواية دينيز |وردةٌ وثلاث خيبات| وطالت مرحلة الكتابة، وبعد عامٍ من رواية قطعتا ثلج في تموز نشرت أوّل مجموعة قصصيّة لي بعنوان أوركسترا حنين والّتي نُشِرت في سوريا الوطن الأم، إلى حين انتهائي من رواية دينيز ونشرها في هذا العام، قرأتُ الكثير من الأعمال الّتي ساعدتني للنضج الأدبي أكثر، وأهمّها أعمال الكاتب سعود السّنعوسي وأيمن العتوم والأدب التّركي والإيطالي والإسباني أيضًا.
نجد أن أحمد قارئ نهم ، بأوركسترا حنين وهي مجموعة قصصية هل ترى أنها أكثر تأثيراً من سابقتيها؟ أم أن الأفضليةَ للرواية من حيث التواصل مع القارئ؟
هذا الزّمن، زمن الرّوايات بنظري أكثر من القصص القصيرة، لأنّ القصّة وإن كانت مُبهرة ومليئة بالمشاعر إلّا أنّ القارئ لا يتعلّق بها وبأبطالها في عددٍ قليلٍ من الصّفحات، ثمّ يأخذه الكتاب لقصّةٍ أُخرى، على عكس الرّواية الّتي تبقى بقصّة واحدة وحبكة واحد وذات الأبطال طيلة الكتاب، لذلك كانت قطعتا ثلج في تموز أكثر تأثيرًا من أوركسترا حنين، وهذا ما أتمنّاه لرواية دينيز أيضاً.
الطب والكتابة كيف امتزجت هذه العلاقة هل هو سحر الطب والتطبيب أم الروابط المشتركة ؟
في البداية لم يكن هُنالك أيّ روابطٍ بينهما بل كانت علاقة تنافرٍ طويلة، إذ إنّني دخلتُ كليّة الطّب البشري بلا رغبةٍ منّي، وكانت أوّل ثلاث سنواتٍ أشبه بالمدّ والجزر بقراراتي وهذا انعكس أيضًا على نفسيتي وكتاباتي أيضًا، لذلك أوقفتُ كتابة رواية دينيز فترة طويلة، ولكن فيما بعد أحببتُ الطّب جدًّا، ووجدته وجهًا آخرًا للكتابة، فكلاهما نزفٌ وطبابة نزفٍ!
أي منه الداء والدواء؟
تمامًا هذا ماقصدته.
المعوقات التي واجهت أحمد في مسيرته الأدبية هل أرخت من حبال عزائمه أم زادتها شداً؟
لن أُبالغ في القول أنّها لم تؤثّر فيني مُطلقًا، كانت تُرجعني للخلفِ خطواتٍ لمدّة أيامٍ طويلة أحيانًا، وفيما بعد تدفعني للأمام أكثر، ففي المُحصلة كانت تَزيد من عزيمتي لكن بعد أيامٍ من التفكّر، وهذا برأيي كان ضروريًا جدًّا .
بنظرك؛ ﻫﻞ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻫﺪﻑ ﺃﻡ ﻭﺳﻴﻠﺔ ؟ ﻭ ﻫﻞ ﺍﻟﻤﻮﻫﺒﺔ ﻭﺣﺪﻫﺎ ﺗﻜﻔﻰ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﻧﺺ ﺟﻴﺪ ؟
تختلف باختلاف الكاتب، بعض الكُتّاب الكتابة بالنّسبة لهم وسيلة لشيءٍ ما باختلاف الوسيلة الّتي قد تكون ماديّة أو للشهرة وما إلى ذلك، أمّا بالنّسبة لي فالكتابة هي الغاية والهدف، أكتب لأنّني أُريد الكتابة ليس إلّا حتّى يُخيّل لي أحيانًا أنّني لا أكتب، بل أمارس الحياة بروتينيّتها، أنزف أحيانًا، أتنفّس، أبكي وأضحك على هيئة كلمات.
أمّا بخصوص الموهبة، فرغم ضرورتها المُلحّة لتكوين نصّ جيّد، إلّا أنّها وحدها لا تكفي بالمُطلق، تضعنا على بداية الطّريق ليس إلّا، النّص يحب أن يكون متين اللغة والقواعد، جديد الفكرة والحبكة، مملوءًا بالخبرة، إن افتقر كلّ هذا، سيُصبح نصًّا رديء ولو كان الكاتب موهوبًا بشكلٍ فطريٍّ بنظري.
يقال: ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤُﺒﺪِﻉ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﺎﻃﻼً ﻋﻦ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻣﺎ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﻭﺍﻹﺑﺪﺍﻉ . ﻣﺎ ﻣﺪﻯ ﺻﺤﺔ ﻭﺧﻄﺄ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻘﻮﻟﺔ ﻭﻓﻖ ﻣﻨﻈﻮﺭﻙ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ؟
أُخالفها تمامًا، فالإبداع يُولد من زخمِ الألم والحياة، يُولد من رحمِ الجوانب السّوداء في محيطنا، وكلّما زادت تجارب الإنسان وأعماله وخيباته وصعوبة حياته يزداد إبداعًا، على الأقل سيستطيع أن ينقل الواقع بقلمه، الواقع بحذافيره كلّها، ببشاعته قبل جماله!
أحمد حجازي ماذا يُخبئ لنا في الأيام القادمة من أعمال؟
في الوقت الحالي أعمل على مجموعتي القصصيّة الثّانية بتأنٍ لأحاول أن أتجاوز الأخطاء الاستعجالية الّتي حدث في أوركسترا حنين، مجموعة |الطّابق السُّفليّ في عالمٍ موازٍ| الّتي ستكون حول الأمراض والحالات النّفسيّة بطريقة دراميّة مشوّقة، وهُنا سيكون الدّمج والرّبط بين الطّب والكتابة بمنظوري.
وهُناك فكرة لرواية جديدة، رواية |نبيذُ مانوليا|
كلمة أخيرة للقراء السودانين الذين هم في انتظار أعمال أحمد
شعب السّودان الأعظم بالنّسبة لي، الشّعب ذو القلب الأطيب، ذو القضيّة الّتي لا تموت، يرتجف قلمي عندما علمت أنّ كلماتي المتواضعة ستصل إليكم، الخوف بمقدارِ الفخر في داخلي، لأنّكم قراءٌ من الّطِراز الرّفيع، أصابعكم الّتي تقلّب صفحات عملٍ ما تفوق حجم قلمي بكثير، أصابع الحق الّتي لا ترتجف
تحيّةٌ كبيرةٌ لكم، مع كامل محبّي وفخري.