انتهت مسرحية المحاكمة الصورية الهزيلة للجندي الإسرائيلي القاتل، إليئور أزاريا، بالحكم عليه بالسجن لمدة 18 شهرا، وهو حكم مخفف جدا، بعدما طالبت النيابة العسكرية بالحكم عليه بالسجن لمدة تتراوح ما بين ثلاث إلى خمس سنوات.
وبدأت هذه المحاكمة الصورية منذ بداية القضية في أعقاب إطلاق أزاريا رصاصة على رأس الشاب الفلسطيني عبد الفتاح الشريف ما أدى إلى استشهاده. وجريمة أزاريا ليست الأولى أو الوحيدة من نوعها، بل أنها ليست نادرة الحدوث. فقد أعدم جنود وأفراد شرطة إسرائيليون فلسطينيين، في الضفة الغربية وقطاع غزة والداخل، في جرائم لا حصر لها.
في أعقاب وقوع جريمة الجندي القاتل، أعلنت النيابة العامة العسكرية الإسرائيلية أنها تشتبه بأزاريا بالقتل العمد. وأطلق رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي آيزنكوت، ووزير الأمن الإسرائيلي في حينه، موشيه يعالون، تصريحات منددة بهذه الجريمة، زاعمين أن سلوك أزاريا لا يتلاءم مع روح الجيش الإسرائيلي وبعيدة عن أخلاقيات هذا الجيش. وهذه التصريحات جاءت بدون رصيد. فجيش الاحتلال بعيد كل البعد عن الأخلاقيات، وآيزنكوت ويعالون يعتبران مجرمي حرب.
إلا أن ما دفع إعلان الجيش أنه سيحاكم أزاريا، رغم أنه لم يحاكم جنوده القتلة الآخرين، وما دفع آيزنكوت ويعالون إلى التنديد بجريمة أزاريا، ليس الأخلاقيات، وهي غير موجودة لدى الجيش الإسرائيلي كجيش يمارس الاحتلال بأبشع صوره منذ خمسين عاما، أو 69 عاما. ما دفعهم إلى محاكمة أزاريا هو توثيق الجريمة بمقطع فيديو وقت اقترافها، على أيدي رجل فلسطيني حمل كاميرا، زودته بها منظمة ‘بتسيلم’ الحقوقية، التي تسعى إسرائيل إلى فرض قيود على نشاطها بسبب توثيقها جرائم الاحتلال.
الأمر الثاني هو أن محاكمة أزاريا، بهذا الشكل العلني، على مدار قرابة عام، وصدور أنباء حول هذه القضية في الإعلام الإسرائيلي أسبوعيا طوال هذه الفترة، مرده إلى سببين أساسيين. الأول هو أن المحاكمة تمنع ملاحقة دولية للجندي وضباطه وغيرهم من المسؤولين. والسبب الثاني هو رسم صورة جميلة كاذبة لإسرائيل بأنها دولة ديمقراطية لا تسمح لجنودها بممارسات تعسفية وارتكاب جرائم.
لكن قرار الحكم المخفف على الجندي القاتل مردّه إلى أن الضحيّة، الشهيد عبد الفتاح الشريف، هو فلسطيني. وبهذا الحكم المخفف تكون إسرائيل قد تجاهلت الرأي العام العالمي، مثلما تتجاهل الفلسطينيين وتتعامل معهم باستعلاء عنصري رهيب. وسمح القضاة العسكريون، وكذلك النيابة العسكرية، لأنفسهم بهكذا حكم مخفف، في أعقاب وجود رأي عام إسرائيلي يرفض سجن هذا المجرم. ووفقا لاستطلاع نشرته القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي، مطلع العام الحالي، فإن 67% من الإسرائيليين يؤيدون إصدار عفو عن الجندي القاتل، و51% لا يوافقون على تجريمه.
وعبر عن هذا الموقف رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، الذي بالتوائيته المألوفة عن دعمه للجندي القاتل. وفيما كانت محاكمة أزاريا لا تزال جارية، هاتف نتنياهو والد المجرم من أجل التعبير عن تعاطفه ودعمه للعائلة، والتأكيد على أنه واثق من أن المحكمة العسكرية لن تكون شديدة معه.
وفي أجواء إسرائيلية كهذه، يدرس محامو أزاريا الاستئناف على الحكم، بينما قد تقرر المحكمة أو سلطات الجيش خصم ثلث مدة العقوبة لتصبح عاما واحدا. وفي موازاة ذلك، يتزايد التأييد لفكرة إصدار الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، عفوا عنه، للتأكيد على أن دم الفلسطيني مستباح بنظر الإسرائيليين، وتوجيه رسالة عتاب إلى الجنود وأفراد الأمن مفادها: اقتلوا فلسطينيين لكن احذروا توثيق جريمتكم..
شارك هذا الموضhttps://web.facebook.com/afaqhorra/aboutوع:https://www.pinterest.com/?autologin=true
مرتبط