قدمت الروائية عنان محروس إضاءة على كتاب كرمة النّديم، من على منصة المكتبة الوطنية، يوم الأربعاء
٩/ ٣/ ٢٠٢٢ وهذا نصّها:
ولوج الكتاب من عتبته الأساسية الجميلة، لتغوص في المعاني المخفيّة، وما وراء القصد.
الكرمة، داليات عاشقة، خرجت عن سطوة حقول المجاز، لتدق دفوفًا صوفية ببهاء القديسين، فتسقط في العقول قبل القلوب، نتجول عبرها إلى عتبات وعناوين فرعية، لقصص وخواطر شعرية حيث مزجت الكاتبة رحيق الواقع بالخيال، في محطات غلّفها الشغف وزينتها اللوحات المعبرة عن تلاوات أيقوناتها.
وجهت الدكتورة مرام الإهداء، إلى المختارين الذين فكوا رموز الحياة، فاهتدت إليهم الحياة، أطلقوا أرواحهم من قيود الجسد ليحلموا بواقع آخر أجمل .
الإهداء حملَ الكثير من الدلالات والتلميحات لقضايا هامة من قضايا المجتمع، وأرى حرف الكاتبة يراود سكين الظلم، ليبعدها عن بعض النساء، اللواتي وقعوا في براثنها، محاولةً إماطة الأذى عن أرواح متعبة، بقلمٍ واعٍ مثقف، قادر على توصيل الرسالة.
حلّقتُ مع حروف الدكتورة مرام، وعشتُ مع شخصيات القصص، التي شابهت الرواية القصيرة، من حيث السرد، وتعدد الشخصيات، والأحداث وإظهار التفاصيل، من خلال صفحات جاوزت العشرين في القصة الأولى.
تابعتُ الأبطال بشغف، كأنّهم يعرضون أمامي مشكلتهم على شاشة ضخمة، أشارت بأصابع اتهام إلى الواقع المرير ، رغم الرمزية والخيال، فبديعة وعائشة تريدان، والمجتمع لايريد، بديعة وعائشة مثالان، للعديد ممن كَثُرت اللاءات والممنوعات في حياتهم، فبُترت أصابعهم المتفائلة بألوان الحياة…
ملائكة تفرُ من شياطين الإنس.
قصة ” دروب” التائهة، أكدت قناعتي الشخصية، بأنّ المرأة لا تحتاج ترّهات المساواة، أو يوم عيد في كل عام،
فالمرأة، بل تتوق إلى العدل وتنشده.
ابنة الخادم البسيط المراهقة، العبودية التي فُرضت عليه وعليها، اغتصاب روحها من عقولٍ فقدت الرجاحة، فَسَادَ جورَها.
كلها أبعاد نفسية مستترة في النفس البشرية، فهل كرمة النّديم فقط كتاب ؟!
هو أيضًا نوبة صحو من صفعات متتالية، رافقه أسلوب جميل في السرد، استخدمته الكاتبة مرام كأداة جذب ونجحت بجدارة، أداة فيها من الشاعرية الجميلة، محيطات خير توصلك إلى رصيف من الدهشة، سَبَرَ غور العمل، وسلّم بعض مفاتيحه وخفاياه، رغم عدم تصنيف الإصدار.
وربما لغز جمال بعض الكتب، يكمن بتركه لمسارات مشاعر القارىء لتحديدها، كيفما قادته.
كرمة الدكتورة مرام، تحتاج إلى أكثر من قراءة واحدة، للوصول إلى عمق الشخوص، ومغزى ثراء اللغة، وإطلاق العنان للتساؤلات، التي رصدتها بين الأسطر.
أخيرًا:
أتمنى أن يكون لكِ من اسمك نصيب، وتصلين مرامك في كلِّ مايصبو له قلبُكِ وقلمُكِ، من أهداف محققة بإذن الله.