بقلم الروائية عنان محروس
لابدّ من التنويه، أن الكتاب بكلّه احتوى على مقتطفات متنوعة من حياة الكاتب العملية والصحية والنفسية من عمر أربعة أعوام إلى الثامنة والعشرين من عمره، مرافقًا لما مرّ به من ذكريات طفولة متعبة وإرشاد نفسي ، عبر تحويل المآسي إلى تحديات ليصل إلى هدفه، مستخدمًا المهارات الحياتية التي تعلمها الكاتب مما قرأ وسمع، ومن خلال تعامله مع الناس ، لذلك يكاد الإصدار أن يكون أقرب لفكرة التنمية البشرية، والجدير بالذكر أنه كُتبَ في زمن الكورونا ٢٠٢١ ، حين تعرّت البشرية تمامًا من الأمل.
بالنسبة لي مجرد السعي للتدوين ، بطولةٌ وشجاعة مقدرتان، ونعلم جميعًا أن الإنسان الأول شقّ جسده ليرسم بدمه على جدران الكهوف ، تعبيرًا عن مشاعره ، فللحرف قدسيّة، وهذه هي التجربة الأولى للكاتب إياد عادل ، رغم صعوبة ظروفه.
أُثمنُ هذه المحاولة وسأبذل قصارى جهدي ، لإلقاء الضوء على المحاور الإيجابية بطريقة مبسطة، فكل كتاب لابدّ أن يحمل بين طياته رسالة ما أو عبرة .
أولًا ،لايوجد إهداء موجّه بشكل مباشر في الكتاب ، لكنني أعتقد ضمنيًا أن إياد يهدي نفسه هذا الإنجاز، ومن ثمّ لكل من تعرض في حياته لصعوبات أو أزمات ، والقصد أنه مُهدى إلى جميع البشر ، فليس منا من هو معافى مئة بالمئة، والمرض ليس نقصًا ، بل هو امتحان الخالق للخلق، والهروب ليس جبنًا، إنّما هو تجنب لمواقف الحياة التعيسة أو المخيفة ربمّا ، وعدم الرغبة في التعايش مع الأشخاص السيئين ، الهروب من الواقع للبحث عن المواساة والعوض
قد يكون هذا الهروب سلبيًا إذا ترافق مع العزلة والإنزواء والتقوقع على النفس ، أو قد يكون هروبًا إيجابيًا إلى العمل والإنجاز وأيضًا للكتابة والتدوين
وشجاعة الإقدام على خطوة إصدار الكتاب الأول ليست أمرًا هينًا ، وفي بعض الهروب قوة ورباطة جأش.
الوقت ثمين ، يجب علينا أن نحقق أهدافنا من خلاله ولذلك تربعت الساعة على الغلاف مشيرة إلى التصارع البشري مع الزمن، فالوقت كالمد والجزر لا ينتظران أحدًا في الكون ، وتعلم أشياء جديدة هي غاية الكاتب من اختصار الحاضر والهروب إلى معرفة المستقبل ، فمن نوبات الصرع إلى إيذاء واستهزاء الأصحاب ، ومن ثمّ العمل في الكثير من المهن ، ومحاولة مساعدة الغير ولو باليسير ، واتباع الدين والتدين ، مسارا الأمن والأمان ، ومن هنا أحيّي والدة ووالد الكاتب وأبو الحسن الحكيم ، الذي وصف لك الدواء العشبي، وصديقك مالك شهوان، وكل من وقف بجانبك مؤزرًا .
من المجدي أن نكتشف أنفسنا، ونعبر عن وجعنا بالقلم ، حتى لو كانت اللغة بسيطة قاربت العامية أحيانًا، لكن تخللها الكثير من آيات الذكر الحكيم وأحاديث السنّة المباركة وحكم ونصائح بعض الفلاسفة.
لسنا أنبياء ليكون التسامح والسماح من شيمنا دائمًا ، فأحيانا كل البشرية تشعر بالاستياء والاكتئاب والحزن إن ظُلموا وأبخسهم الناس حقهم ، لكن الكاتب إياد يمتلك العزيمة للنهوض من جديد ، ولديه الكم الكثير من الشفافية وطيب القلب والأخلاق، وقانون جذبه للخير والوفرة فعّال باذن الله لتحقيق أحلامه وصعود سلّم النجاة والنجاح
النمو لايحدث من تلقاء نفسه
والكاتب إياد زرع بذرة الحرف وسيجني بعدها إصدارات أكثر احترافية إن شاء الله، لن يهرب إلى المستقبل بل سيعيش الحاضر وسيكون ملكه كما يشاء .
أنهي إضاءتي بمقولتين لجلال الدين الرومي
من الممكن أن الأشياء البسيطة هي الأكثر تميزًا وروعة
وماضرّك لو أطفأ هذا العالم أضواءه كلها في وجهك ، ما دام النور في قلبك متوهجًا
آفاق حرة للثقافة صحيفة ثقافية اجتماعية الكترونية