كيف يكون …
الليل ملاكاً
بلا أجنحة
وتحلق كل عصافير الدنيا
في دائرة بيضاء
كيف ينثر البحر
ملحه في دمي
وتمسي الحكاية
موت بلا أمواجٍ
كيف أمد يدي نحو يدي
والريح تمتد لمسافة جرح أعمى
كيف يكون الليل
ملاكاً
بلا أجنحة
كيف أكون
ملاكاً بلا بحرٍ
أو ليلٍ
أو هذيان….؟؟؟؟!!!!!!!
الشاعر اياد حلمي شوشاري
**************************
تساؤلات الشاعر تغوص بنا في تجليات الروح الهائمة في كونية الأشياء لتعيد العلاقة من جديد بينه ( الشاعر) و بين الموجودات ، حين يصبح الليل ملاكا بلا أجنحة ، و تحلق عصافير الدنيا في دائرة اختار الشاعر أن تكون بيضاء .
قصيدة مبنية على تأويلات كثيرة تقود القارئ للتساؤل و الإنفعال و القلق و التوتر و ربما الدوران ، استخدم فيها الشاعر لغة واضحة تميزت بالإيقاع الدافق للكلمات ، لغة أثقن الشاعر استخدامها ، يحرك فيها كلماته فوق رقعة القصيدة و كأنها رقعة شطرنج يحسن لعبها لدرجة تصبح فيها الكلمات العادية أكثر غرابة و جمال حبن يحيلها الشاعر إلى ثنائية تنبض إبدعا و اتساعا لرؤى نابضة بالحياة ، فليس هناك في الواقع ( ليل يمكن وصفه بالملاك و دون أجنحة ، و بحريمكن أن ينثر ملحه في دم الشاعر ، … ) قصيدة على إيقاع زلزلة روحية ذات إبداع حسي يستأنس بكل ما هو شاعري و هادىء ، فمنذ البداية حتى النهاية تتجسد شخصية الشاعر المحلقة في فضاء الأشياء ، الباحثة عن كينونتها ، ليل و عصافير ، بحر و ملح ، و حكاية أمست موتاً بلا أمواج ( أمواج = أحداث ) و شاعر يحاول إنقاد نفسه بنفسه ، لا يجد سوى يده يمدها ليده الأخرى محاولا عدم الغرق داخل متاهة المعاناة النفسية و الروحية و الجسدية .
هي حكاية لم تكتمل أحداثها و شاعر يحاول عدم الغرق في لجتها ، يحاول الغوص في روض الكلمات و محرابها ، يؤوِّل الأشياء لتصبح القصيدة مع الشاعر مولدا للبداية و النهاية معا( بداية الحكاية و نهايتها ) ، تتعانق من خلاله عناصر الكون و جوانب الحياة لبلوغ الحدث ، حينها يتساءل الشاعر كيف يكون ملاكا بلا بحر أو ليل أو هذيان …
الشاعر هنا يقيم اتصالا بين بعض عناصر الكون و يجعل منها كائنا روحياً واحدا بعمق البحر و لون الليل و صوت الهذيان ، لحظة تبدأ فيها الحياة حين تنفصل عن الحياة ، حين يتساءل الشاعر بوقْعِ التمني ليتحلَّل من إنسانيته فيصبح ملاكا ، و هنا يصعب علينا قراءة كل الكلمات لهذه الصورة الروحية الذاتية المنغمسة في بحر التمني و الألم ، ليل بعنوان الهذيان و مساحة بيضاء تطير فيها العصافير بأجنحة الأمل والأحلام .
من الصعب معرفة كل ما توحي به القصيدة فلا يستطيع أحد الإحاطة بجوانبها المظلمة سوى الشاعر نفسه ، و ايضا لا يمكن فهمها من قراءة واحدة ، فالشاعر يقود القارىء بعد كل قراءة انتهى منها صوب أسئلته و قلقه و حيرته ، و في نفس الوقت يشعر أن عليه القراءة مرات عديدة .
بديع ما سطرت شاعرنا إياد ، لك مني كل الود و الإحترام .