أجمل هدية يمكن أن يتحصل عليها شاعر أو كاتب مبدع هو أن يعثر على مُلهمة تثير كوامن الإبداع في ذاته الشّاعرة و تؤثّر عى خياله و تزيده خصوبة ،و تكون سببا في ميلاد العديد من نصوصه الجميلة المبهرة .
هكذا التقى كاتبنا مصادفة مع شهرزاد هذه المرأة الرّمز الّتي لطالما أسالت حبر الكتّاب و الشّعراء و الداّرسين و كانت محل جدل واسعٍ .
هذه المرأة و أيّ امرأة إنّها الملهمة شهرزاد المثقفة الحكيمة ، الّتي تمكنت و بفضل حيلتها السّردية الآسرة أن تروّض نزعة الشّر لدى رفيقها شهريار.
استطاعت شهرزاد أن تغيّر الواقع بفضل قصص لا نهاية لها ، و هنا يكمن الإبداع الخلاّق .
كما يقول نيتشة “لنا الفن حتّى لا تقتلنا الحقيقة”
بحيث استطاع الكاتب المبدع سليم ميلودي أن يتماهى مع شخصية شهرزاد و أن يلج إلى عوالمها الغرائبية من خلال كلّ الرّسائل المؤجلة الّتي حملتها نصوصه السّردية بأسلوبه المتميّز الآسر بحيث أتقن من خلالها الرّسم بالكلمات و الإشتغال على الخيال و المزاوجة بين زمانين مختلفين في قالب سردي مشبع بجماليات اللغة من بلاغة و رمز و فلسفة عميقة و عاطفة جياشة و فكر رصين .
وفي نفس السّياق فإن الرّسائل الإثنتا عشرة لشهرزاد قد تكون استعارية، أو مجازية أو رمزية غير أنّها لا تقف عند هذه الحدود الجمالية فحسب و إنّما تتعداها إلى قوّة الفكرة و عمق المضمون بكلّ ما تحتويه من قيم إنسانية و فكرية و عاطفية ، و يترجمها ذكاء الكاتب و قدرته على التّماهي مع شخصية شهرزاد والانعتاق من قيود الزّمان و المكان ، حيث يخيّل لنا تارة أنّ شهرزاد تعيش قي زماننا و تملك لابتوب و هواتف ذكية و شاشات ضخمة و تارة أخرى يخيّل لنا أننا نحن من انتقلنا إلى زمنها الغرائبي الّذي تشكّل في المخيال الجماعي من خلال ألف ليلة وليلة النّص المركزي في الثقافة العربية .
و في الأخير نبارك للكاتب الأستاذ سليم ميلودي هذا المنجز الأدبي المميز ، الّذي يقع في 64 صفحة الصّادر عن دار المثقف للنّشر و التّوزيع ، الّذي يعتبر إضافة مهمة للمكتبة العربية ، متأكدة جدا أنّ هناك الكثير و الكثير من الكلام الّذي لم يقال بعد أو بالأحرى النّصوص الّتي لم تكتب بعد ، سننتظرها بكلّ شغف نحن عشّاق الحرف الجميل .
سعداء جدا أن تكون كلّ الرّسائل المؤجلة لشهرزاد في متناول القارئ العربي أخيرا.
بقلم نزيهة شلخي موسى/ الجزائر