كتب:علي أحمد عبده قاسم . اليمن
عند قراءة المجموعة الشعرية “مأخوذ بالنهايات ” للشاعر. /بلال قائد عمر فإن القارئ أمام نص شعري باذخ ومحير في الوقت ففيه تعدد أصوات فالصوت الشعري يخاطب المتلقي والصوت السردي طاغ في المجموعة وصوت الرجل وصوت الأنثى أن المجموعة الشعرية عبارة عن أصوات متعددة في مضمون الرسالة للديوان تعكس سيرة ذاتيه لذات ما
المجموعة فائزت بجائزة الدكتور /عبد العزيز المقالح في دورتها الخامسة وصدرت عن دار أروقة لنشر والترجمة وتضمنت واحدا وخمسين نصا في مائة واحدى عشرة صفجة من القطع المتوسط.
ربما أن مضمون الرسالة البحث عن الحلم في وسط اجتماعي له عاداته وأعرافه فتعددت الأصوات بشعرية سردية متقنة
“في عمري هذا
كم روادتني خطواتي
أن أحلم بفتح يوازي
الفرجار
وطفل يمحو كل هذا البؤس
وعلئ المدى تتهاوى
كل الأحلام.”ص29،
مماسبق يلحظ القارئ الجدلية فالنص شعري بلغة وصورة متقنة ومحترفة ففتحة الفرجار هي دليل على القهر والاستبداد من المجتمع والأمنية تدل على أقل مايمكن من حلم وفتحة،الفرجار إشارة للدقة وأشارة لقياس محدد وبذلك كان الفتح فكري إجتماعي وفتح يدل على سيطرة إجتماعية مستبدة والفتح تحول وتغير وفتحة الفرجار صورة رمزية لحلم الأنثى بممارسة الحياة والأمومة لاسيما أن السياق يقرن الفتح بالطفل الذي يمحو البؤس والحرمان فالصوت صوت،أنثى والنص لرجل والنص شعري سردي بامتياز حيث أن مدهشة ومباغتة “وعلى المدى تتهاوى كل الأحلام”
والملاحط أن كم الخبرية التي توحي بكثرة الأحلام مع الاشارة للعمر فإتها تشير لعمر متبدد وسط القهر فهذا بمعاناة الانثى. وبحوار داخلي موجع.فاجتمع في النص جدلية سردية وشعرية،وأصوات متعددة.
واذا كانت الصورة الشعرية الموسعة هي:تلك العبارات التي تثير المخيلة وتؤثر ثأثيرا قويا فيما يجاورها من عبارات.
“في همس كهذا
أزرع قلبي رماداوطينا
وأشيد حجر الصبر
كل الأماني تجاورني
تجاورني كل الخرائب
تموت الحروف
في شباك اللغة
وويصلب اللسان
على أرض الترجي”ص20
الخطاب مترابط ومتنام وكأنك أم رواية فثيمة القهر هي العنصر المسيطر على خطاب المجموعة ففتحة الفرجار الحلم توازي وتساوي الهمس وثيمة اليأس والتحدي صوتان طاغيان في النص والصورة الموسعة تأتي من(أرزع قلبي. أشييد حجر الصبر تجاورني الخرائب .تموت الحروف.يصلب اللسان) وأثرت فيما جاورها من عبارات إدهاش فتحولت الصوت الشعري الى فكرة حكاية سردية فنتج من الصورة الموسعة صوت الصراع،مابين صوت اليأس وصوت الرجاء فالهمس تحول موت للحروف وصوت اللسان مصلوب ممايفضي الى تعبير،درامي متنامي في الاحتراق والقسوة وفيه صلابة الصبر فتحولت الفكرة أصواتا موجعة بالمعنى الواقعي مابين حقيقة الواقع. القاهر ومابين أحلام،الذات تخرج من،أنياب اليأس بصوت الجاء.
لذلك كان الصوتيم المسبيطر في المجموعة الشعرية هو الأحلام والعمر وهما صوتا الصراع.
خاصة والديوان معنونا داخليا بالأسبوع الأول فالثاني… الى الأسبوع الواحد والخمسين.
“في شوق كهذا
أهز جذع الأيام وأبدأ
العد من جديد
كل ليلة أملأ جوفي أحزانا
كؤوسا مترعة بالشوق
علي أن أصحو على من يسرقني
ذات سقوط سأفض بكارة
حزني
ليحملني زمن آخر
يحملني أنثى لينفض
أسمال الشوق”ص23
الشاعر نجح في رسم صوت معاناة،الأنثى فيلاحظ القارى وضوح الصوت مباشرة في هذا النص دون مواربة أو،تلميح
فصوت التحدي( علي أن أصحو على من يسرقني ) مترافقا مع مع صوت الذات والواقع وصوت الجسد ( ذات سقوط سأفض بكارة حزني فالغائب الموجع الميلاد والحاضر العدمية،والتشظي فصراع صوت يتهم ويدين المجتمع والعادات،بسرقة خاصة،والعمر وصل للصورة ( جذع الأيام) فصوت الحنين وصل مرحلة الشيخوخة والهرم( أسمال الشوق)
فاذاكانت المباغتة لسعة تشد،القارى فإن يحملني أنثى هي غاية الحياة،وهو صوت غائب يساوي ( رمادا وطينا) أحتراقا وحلم بكينونة أكثر،انسانيةً وحرية يمتزج الصوت الشعري بالسردي بصوت الصراع وصوت الصبرًوالتحدي وصوت التعثر والرجاء تلك الأصوات حولت النص الشعري الى قصة سردية،متنامية فيها،الحوار،والصراع بتواتر درامي مدهش سواء على مستوى النص الواحد أو أو نصوص المجموعة،
أحيانا يحفق المبدع فيحول النص الى سردي محض وقصة قصيرة جدا ومكتملة كمثل
“كلهم ممثلون
وأنا الحقيقة الوحيدة.
وبعد انتهاء نتائج
التحقيقات
أختم جسدي بالشمع الأحمر “ص53
فإذا كانت القصة القصيرة جدا عبارة عن: نص سردي قصصي يمتلك الكثافة والاختزال والمفارقة والادهاش والمباغتة. فإن النص السابق قصة قصيرة حدا بكل المقاييس السردية. فالتكثيف موجود حيث ابتعد النص،عن،الاطالة والاسهاب
وفيه المفارقة مابين الاتهام،والتحقيق وختم الجسد بالشمع،الأحمر وهذا تلميح ميزة للسرد
وفيه الادهاش وهو النهاية غير المتوقعة التي تصدم القارئ
فهنا طغى صوت السرد على الشعر فالعبارات،واضحة وليست،مجازية فكان صوت الجسد هو الغالب متصارع المجتمع وصوت العادات والتقاليد.
“تطل جدتي
عينان مرهقتان
من زمن كان الجفاف
ينام قرير العين
ووحده الموت كان
يقوم بزياراته المتكررة”33
مماسبق نحن أمام صوت سردي فيه صوت العقم والموت وغياب الخصوبة بنهاية فارقة خاصة والمفارقة هي قول،شئ والتلميح بنقيضة وهذه صوت النص القصير جدا،فالمفارقة مابين ..تطل جدتي. ووحده الموت كان يقوم بزياراته المتكررة.فصوت غالب على الحياة.
وخلاصة القول:
* نحن أمام نص جديد استطاع فيه الشاعر أن يترجم معاناة الانثى بدقة وعمق وهذا أسلوب فارق وجديد.
*مجموع النصوص من البداية للنهاية تشكل مشروع،رواية لأقلام النص الروائي بوصف النصوص مترابطة ومتلاحمة ومتنامية.
*امتزج في المجموعة النص الشعري بالسرد،ومعايييره وأحيانا *طغى السرد على الشعر بنص هو،قصة قصيرة جدا،مكتملة .. يحسب للمبدع أسلوبه الشعري السردي،وتمكن أن،يترجم،بعمق ودقة حياة غيره ..
*هذا الأسلوب سلكه الشاعر القاص زين السقاف حيث مزج الشعر بالسرد ووسم نصوصه أقصودة وإقاصيد أشازة منه للنص القصير جدا وربما أن بلال قائد وريثا له بهذا الأسلوب فهذا الأسلوب خصوصية يمنية زين السقاف فقط
*الشاعر لديه قدرات ابداعية فريدة سواء من حيث اللغة والصورة الحديثة،ويكفي نص أنه،جدلي سيثير الكثير من التساؤلات في قابل الأيام..