(قدمت الدراسة في حفل توقيع كتاب مذكرات مجنونة في مدن مجنونة في منتدى البيت العربي يوم الأحد 8/4/2018م)
بقلم الشاعر والناقد عبدالرحيم جداية
عتبة النص:
- ما دلالة الجنون في مدن مجنونة؟.
- ما الدوافع لكتابة مذكرات مجنون؟.
- ما الذي يدفع المدن للجنون، هل جنون المدن بإتقادها واشتعالها وديمومة الحياة والتعقيد المجتمعي والخروج عن البساطة أم الجنون ما لا تعرفه عن تلك المدن؟.
- هل جنون الكاتب عبقرية أم إنفلاته من قيود المجتمع كلما مارس الحياة في مدينة مجنونة؟.
مفردات الدراسة:
1- الفضاء النصي:
- هل الفضاء النصي خروج عن تجنيس النص الأدبي؟ أم أن الفضاء النصي مساومة على تجنيس النص بين الرواية وأدب الرحلات والسيرة الذاتية؟.
فإلى أي جنس يؤول الكتاب:
1- استخدام اللغة الروائية بشكل جمالي مميز في مذكرات مجنون حيث حلق بفكرة ولغته لتقارب اللغة الروائية أو تكاد
2- السفر والترحال والإنتقال من مدينة إلى أخرى هي مادة الكتاب في مذكرات مجنون فهل نجنس الكتاب على أنه أدب رحلات بلغة روائية؟.
3- كل ما يمر في حياتنا يشكل سيرتنا وتاريخنا وتراثنا وماضينا، وما كنا عليه وما نأمل أن نتحول إليه.. فهل الكتاب سيرة ذاتية، أم أن الكتاب أدب رحلات أخذ من السيرة الذاتية مفرداتها، وغلفها بلغة روائية ضمن مجتمعات مدنية متفرقة في الزمان والمكان ولا رابط بينها، لذلك لم نستطع تصنيف الكتاب على أنه رواية رغم ما يحمله من مقومات السرد الروائي.
مفردة الفضاء:
هي حركة الشخوص في الزمان والمكان وتشكيل الأحداث من خلال التقاطعات الخفية المستقيمة والمنحنية، مما يشكل تشابكات قدريّة نظنها ولدت من عالم الفوضى، لكنها منظومة بخيط يربط الأحداث لتعيدنا إلى ما قضى الله وقدّر في وجودنا.
وفي هذا السياق لن ندخل في نقاش:
1- القضاء والقدر
2- اللوح المحفوظ
3- الفوضى والنظام
4- الفوضى الخلاقة
5- نظرية أثر الفراشة
6- الأكوان الموازية
7- الثقوب السوداء
وغيرها من المفردات التي تتعلق بتشكيل الكون وحدوثه وتطوره بين العقل والدين
مفردة النص:
النص لفظ إشكالي نظّر له النقاد في الثمانينات من القرن الماضي كما نظروا للقصيدة البصرية ونظروا قبلها لقصيدة النثر.
- ما الهدف من هذا التنظير لمفهوم النص؟.
يبدو أن الهدف ليس فقط تجنيس النصوص بل تطويرها والخروج بآليات جديدة من خلال التجريب وصولا إلى الحداثة والتحديث.
الدراسات النصية:
هي دراسات تقوم على دراسة الجملة، وأدب الجملة وعلاقة الجملة في البناء النصي، ابتداء من الجمل الإفتتاحية والإستهلالية والجمل الموحية.
وقد أولى الدارسون في دراساتهم النصية، الأدب الصوفي عند إبن عطاء السكندري والنفري وإبن عربي وغيرهم من المتصوفة، ولا يعني هذا الكلام إن كتاب مذكرات مجنون من الأدب الصوفي، لكنه أدب إنساني فرغ فيه محمد صوالحة طاقاته الثائرة في نص أدبي، إشكالي التجنيس بين السيرة والرواية وأدب الرحلات.
مفردة البُنى المعرفية:
تنقسم الدراسات النفسية منهجيا إلى بابين أو مدرستين
1- المدرسة السلوكية:
تستطيع المدرسة السلوكية التعامل مع المنتج السلوك البشري ودراسته وتحليله للوصول وتقييم طبيعة الحالة التي تخضع للدراسة ورصد نقاط الضعف والقوة من أجل وضع خطط إثرائية.
كما يستطيع الناقد أن يستفيد من المدرسة السلوكية من خلال التأثير والإستجابة لدراسة كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة والتعرف إلى الطبيعة على امتداد الجغرافيا والمدن التي كتب عنها محمد صوالحة.
2- المدرسة المعرفية:
لماذا ابتعد الناقد عن المدرسة السلوكية في دراسة المدن المجنونة وكان أكثر ميلا لدراسة المعرفة الناتجة عن العلائق البشرية في تلك المدن.
فالبنى المعرفية تأتي من البناء، أي بناء المعرفة
- تعد القاهرة بنية معرفية متكاملة العناصر والبناء
- تعد دمشق بنية معرفية أخرى بجميع عناصرها
- تعد تبوك بنية معرفية دينية في طريق العمرة
- كل مدينة كتب عنها محمد صوالحة لها بنيتها المعرفية، حيث يستطيع الناقد أن يقارن هذه البنى المعرفية للمدن مع دير علا والبلقاء ذات البيئة المعرفية التي ولد فيها الكاتب.
البنية المعرفية والفضاء:
إن البنى المعرفية فضاءات معرفية نتجت عن حركة الشخوص في الزمان والمكان وولادة الأحداث وتشابكها، وهذا مسوغ لربط الفضاء النصي بالبنى المعرفية، حيث تشكل مجمل البنى المعرفية فضاء معرفيا نصيا كبيرا في كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة، يغلفها فضاء أدبي روائي، يتشابك الفضاء الروائي مع الفضاء المعرفي.
الفضاء الكوني:
غالبا ما نتخيل الفضاء على شكل كروي، وهذا ما ينتجه الأفق والسماء وكروية الأرض ودوران الأرض حول الشمس والنجوم، الذي يعطينا فضاء كونيا أكبر لنتعرف إلى الفضاءات الصغرى المعرفية في إطارها الإنساني والكوني من خلال الدراسات النصية والبنى المعرفية.
الشخوص في الفضاء النصي:
1- شخوص تاريخية:
لقد حضرت الشخوص التاريخية بقوة في القاهرة حيث كان التاريخ ملهما للكاتب بشخصيات كليوباترا وأنطونيوس وحتشبسوت ورمسيس والفراعنة وغيرها من الشخوص التاريخية التي شكلت ثقافة مصر وفضاءها النصي وبناها المعرفية
( يوليوس قيصر، نيفرتيتي، زليخة، يوسف، حتشبسوت، آسيا، الماشطة، عمرو بن العاص، المعزلدين الله الفاطمي، صلاح الدين الأيوبي) إضافة إلى شخصيات معاصرة مثل العندليب الأسمر وجمال عبدالناصر والشاعر احمد فؤاد نجم.
وفي تبوك استحضر شخصية ليلى العامرية وهام معها، أما في دمشق فقد قدم لنا شخصيات أدبية معاصرة نعرفها ونقرأ لها مثل عبدالقادر الحصني، وطلعت سقيرق، وليلى مقدسي، لكن الشخصيات التاريخية كانت أكثر أثرا مثل زنوبيا، جلجامش، الملك الضليل، هرقل، خالد بن الوليد، علي بن أبي طالب، معاوية،الحسن والحسين، الحجاج، المتنبي، سيف الدولة الحمداني، ِأبو فراس الحمداني ، ومن الشخصيات المعاصرة ذكر بسام كوسا، فرح بسيسو، مها المصري، خالد تاجا.
2- شخوص روائية:
وقد أثث البناء النصي بشخصيات روائية لعبت دورا كبيرا مع الشخصيات التاريخية في تشكيل فضاء نصي ولد من بنى معرفية سابقة أختزنها الكاتب محمد صوالحة أو استحضرها في تلك اللحظة معلنا قيمة الشخصية في البناء النصي وتشكيل الفضاء، ومن هذه الشخصيات الروائية:
محمد/ لوتس، محمد/أبو صخر، محمد/ أبو جاسم
استطاع أن يوظف شخصيته في البناء النصي لكتابه كما وظف شخصية:
الشيطان حيث كان القرين والملهم
ومن الشخصيات الروائية التي أخذت دورها في البناء النصي شخصيات أبو سليمان، وأم سليمان، سحر، عبير، رندا، سليمان عويس، الأم، الزوجة، الفنانة الشتكيلية شيماء، القاصة ليلى، الشاعرة لبنى.
إشكالية أدب الرحلات في الفضاء النصي والبنى المعرفية:
- أدب الرحلات ليس للمتعة
- أدب الرحلات ليس مجاني
- أدب الرحلات يرتبط بأحداث معلنة وأهداف مخفية
كتاب الإستشراق لأدوارد سعيد يقاوم أدب الرحلات
ما الهدف من أدب الرحلات:
- نقل المعرفة بين المجتمعات
- نقل العادات والتقاليد
- نقل الأديان
- تشكيل دراسات اجتماعية
- تشكيل دراسات سياسية
- تشكيل دراسات اقتصادية
- معرفة تاريخ الشعوب
- توثيق العقل الجمعي
أدب الرحلات والإستشراق:
هل هناك مفارقة بين أدب الرحلات والإستشراق
هل الاستشراق أدب رحلات
الإستشراق ظاهره أدب رحلات وباطنه دراسة الشعوب لإستعمارها واستغلالها
أدب الرحلات ليس أدبا عشوائيا بل مقصود بذاته من أجل خدمة السلطة
في الختام:
استطاع محمد الصوالحة في مذكراته ومدنه المجنونة أن يشكل فضاءات نصية وفضاءات وبنى معرفية في فضاء جغرافي على امتداد المدن التي زارها وفضاء كوني أكبر شكل كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة.