بقلم الشاعر محمد خالد النبالي
عندما يكون المراد من الدلالة هو التوصيف المعنوى تجاه من نحب
أو تجاه الوطن الذي ننتمي له؛تتحول جميع إرهاصات الامتداد البصري اللساني إلى صور ذاتية تنحت من الحبيب سواء أكان هو الوطن أو الإنسان الرمز الذي يأخذ جميع نداءات الإيحاء في عمق التكون المدلول داخل الذات,فتتسع الإشارة المنغمسة في حدودية الهم العام والمقترب من الذات إلى حد التعاطي لهذه الذات المعنى الحقيقي والجوهري والمؤشر بمقدار تعايشها وتوحدها داخل الصوت الباطني للشاعر .
الشاعرة نزهة تمار في مجموعتها الشعرية مزيج ما بين الوطن الأم
والوطن العربي والحبيب ( أي الطبيعة الوطن / الحبيب ) الكاتبة ترتكز في خلق الرمز في النص على البؤرة التي تحمل الهم العام وفق نسق الخصوصية العالية تجاه المحبوب,إلى حد أن تصبح هى الشكل والمضمون في الجملة الشعرية؛فالشاعرة تعتمد على جوهرها المتماسك،ومقدار ما يمثل لها هذا الجوهر من تطابق مع جوهرها,لهذا يصبح ذات الحبيب هو صوتها الذاتي وفق نواميس طاقة التعبير لديها,فيشعر المتلقي أن الشاعرة تسعى إلى تأشير المسميات الحياتية من خلال رسم مسميات الآخر لكي يبقى الحدث ( أو المحبوب ) هو الاستمرار المتطابق كلياً مع ما تريده في الوطن والإنسان الذي يمثل الحلم الكامل لديها،حيث بنت عنصر الرغبة والتمني لديها على هذا الحلم,فتصبح الطبيعة هي التبرير الذي يعطي لذاتها القيم،وهنا حافظت الشاعرة نزهة على الوحدة العضوية ضمن هذه النصوص,وكان الارتكاز هنا على البعد الوجداني الذي يعطي المعنى المراد والمترتب على وحدة النص الشعري من خلال التقارب المعنوي الرمز والدلالات المؤشرة , ونجد هنا الشاعرة اعتمدت على مشهدية الحوار ما بين الذات الوجدانية كمحور البؤرة المتنقلة حسب إنعكاس الرموز الموحية من واقع معاش حولها والتي يخضعها للترتب الوضعي لحركة الحياة ضمن مساحة الوطن,والشاعرة أيضاً اعتمدت في مجموعتها الشعرية هذه ( عزفٌ على أوتار التمنِّي ) على ردّة فعل الحياة ومدى انعكاسها على ذاتها وما تريده من خلال ما يجري في الحياة والوطن وكل ذلك من خلال حركة الحياة المكونة لرمزية التقارب مع قناعتها للمشهد وأحداث تطور وضعي حتى يحكم المعنى المراد ضمن دلالات جوهرية بمعنى أن الشاعرة تُكوّن فكرة النص من الرؤيا وقدرتها على التخيل الرمزي لديها والثابتة بإشارتها المعنوية لهموم الإنسان والوطن وعن إدراك
ولا ننسى أن بعض النصوص غزلية تناجي وتبحث عن الحبيب
والتي تتأمله بتخيل واسع وتعبر عن الحبيب بكلمات رصينة وكأنها تسعى للسمو مع النفس البشرية جراء ما تراه من معاناة وهموم الوطن والإنسان والهم الشخصي لها وكل ذلك في نسق تصوري وعن إدراك .
وما تكتبه الشاعرة هو الانعكاس الرمزي وهو انعكاس للواقع وما
تحمله من هموم ذاتية وهو متقارب مع فهمها لكل حدث تراه هي بمنظورها الخاص وعن بصيرة ومعرفة وهذا ما جعلها تتوسع بالرمز والدلالة في قصائدها , . والشاعرة اعتمدت على الرؤية والمقاربة في انعكاسها الموضوعي والإدراك الفكري والفهم للفكرة المعرفية والمتراكمة عبر ذاتها وهذا ما يوسع الأفق واختيار المفردات اللغوية والتي توظفها للنص حتى ينضج من خلال الرمزية المشعة بالفهم مما يتيح لها تكوين صورة شعرية ضمن الحدث الواقع على الذات ومدى معرفتها وانتمائها للوطن والإنسان والطبيعة والحبيب . , بمعنى أن الشاعرة نزهة تمار تتمتع بإنسانية كبيرة وكثيرة لهذا تبحث عن الرفعة والسمو للبشرية والذات الشاعرة .
وهنا الشاعرة نزهة تمار استطاعت أن تكتب وتكون جملاً شعرية
مترابطة وفي تصاعد في بؤرة النص وكل ذلك وفق التنسيق اللغوي والذي أنضج الجملة والفكرة الشعرية لديها وضمن إيقاع داخلي
(تناغمية ) خفيفة وظَّفتها في أزمتها الإنسانية وكونت مجموعة شعرية فيها مزيج من الوطن / الإنسان/ الحبيب من خلال فهمها للحياة والذي أوحى لها الحالة التي تعيشها في داخل ذاتها بسبب أزمة الوطن
وبحثها المستمر عن السلام مع النفس والتعايش مع الحلم .
ولا بد من التنويه من خلال قرائتي لديوان ( عـزفٌ على أوتار
التمنِّي ) للشاعرة نزهة بأني غصت في عمق الشاعرة؛وما وجدته أن
هذه الشاعرة المرأة الإنسانة تتمتع بانتماء كبير للوطن والإنسان وتحاول وتبحث عن السلام مع النفس والطمأنينة,ومن خلال بعض النصوص شعرت بالقلق داخل نفس الشاعرة وفي نفس الوقت تحمل الكبرياء كامرأة عربية وتملك من الإحساس الكثير من خلال حُبِّها للمسرح والموسيقى وتحمل رسالة اجتماعية وأدبية وكل ذلك جاء نتيجة معاناة تخص الشاعرة وتحملها أوجاع الوطن؛ورغم كل ما سلف هي تملك مشاعر الأنثى الحالمة والرومانسية وتبحث عن السلام ومتصالحة مع النفس,وهنا أشيد بالشاعرة لهذا الانتماء للوطن وليس فقط الوطن الأصلي لها المغرب بل الوطن العربي والهم الإنساني تجاه الآخرين؛وقل ما نجد امرأة شاعرة تركز على الوطن أولاً رغم أنوثتها وتكتب للوطن وتصدر ديواناً شاملاً .
محمـد خـالـد النبـالي
عُـضْـوُ اتـِّحَـادِ الكُـتَّـابِ الأُرْدُنـِيِّ