الكتاب من عنوانه يحمل التضاد في اسمه فبحرٌ وصحراء وفيهما
من التضاد بقدر تضاد مادتهما، ثم تأتي كلمة مسرحة التي ليست
مسرحية ولا مشرحة وإنما بينهما وكأن أستاذنا يقول اعرضوا
مسرحيتي على مشرحتكم أيها النقاد واعملوا فيها مشرط نقدكم.
إنه يستهل كتابه بالجنون الذي هو أكثر واقعية من الواقع الحياتي
اليوم كما يقول؛ لأن الإنسان النزيه الطيب أصبح منبوذاً في ظل هذه
العولمة المقيتة، وصاحب الفضائل معذبٌ ومحتضر ومعدود من البله؛
لأن الدنيا تسير على دولاب الرذائل كما قال محمد لطفي جمعة.
إن كتاب الأستاذ وهيب يعالج قضية الحرب والحرية والأحلام بمعالجة
سردية راقية تليق بقلمه السيّال وفكره الوقاد.
إن كتابه صرخة في وجه العالم القبيح، العالم المقلوب مثل البرميل المقلوب كما يعبّر عنه أستاذنا.
إن كتاب البحر والصحراء كتابٌ أممي عالمي وليس إقليمي محلي؛ لأنه ناقش قضايا كبرى تهمّ الإنسان كل إنسان على وجه المعمورة.
أسلوب الأستاذ وهيب أسلوب شاعري ومكتنز بالاستعارات والتشبيه وهو
واصفٌ من الدرجة الأولى وكثيرًا ما يكتب ما يلوح في العينين لعلمه أن
العيون نافذةً للروح.
إن كالصنوبري يستلهم من الطبيعة حروفه ومعانيه فأكثر من ذكر الرمال
والبحر والشطآن والشمس والقمر والنجوم والصخور والسماء مما يدلنا
على أنه مزج العاطفة بالخيال، والواقع بالمخيلة فأنتج لنا لونًا جديدًا من
ألوان الأدب مزج فيه جميع الأجناس الأدبية في لونٍ واحد.
هذا الكتاب عملية تجميلية لوجه الواقع القبيح، إنه مكياج لإخفاء عيوب
الإنسان ونقصه وحروبه مع نفسه.
أشكر أستاذي على إتاحة الفرصة لي لأقرأ الكتاب مع الجماهير الغفيرة من البحر إلى الصحراء، وهذا شرف عظيم لي، وأتمنى أن يسامحني أستاذي على تقصيري وقصوري.