الهم الوطني وتوظيفه في قصيدة “عودي لصحوك سوريا” قراءة أدبية نقدية لنص الأديب الشاعر: أيمن قدره دانيال بقلم/ الأديبة الناقدة.. خلود ابو ريدة

 

إعداد وقراءة أ. خلود ابو ريدة
فلسطين

تمهيد:
الوطن هو الملاذ والسكن ، العلو و الشموخ على مدى الزمن اشتعالات النفس في وقت المحن .
لقد كان الوطن هاجساً أرق البشر بفقده، وليس أدل على ذلك من قول المصطفى محمد _ صلى الله عليه وسلم _ مخاطباً مكة ( والله إنك لأحب البلاد إلي ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت ) وما أحس به رسول البشر أحس به الشعراء فنظموا فيه القصائد والشعر .
لقد أصيبت أوطاننا بداءٍ عضال، استعصى علاجه من قبل الأوفياء وأشراف الرجال ، ولكن يظل الأمل في عودته إلى مجده الغابر مطلباً يسعى إليه ويرخص في سبيله كل غال .
الشام أم الربوع، الخافق الحي بين الضلوع، كان نجمها في سطوع، إلا انها أصيبت بالفتن وأرهقتها المحن، فغدت هما لكل محب لها وبها افتتن .
وها هو ابنها البار يسطر بمداد يراعه ما حل ببلده الغالي في قصيدة ذهبية له تحت عنوان (عودي لصحوك سوريا)
وفي السطور التاليات..
قراءة لما حل به وببلده من مآس وآهات وما أثار ذلك في نفسه من اختلاجات .
فالوطن كان حاضرا وبقوة بلاغية في سطوره وهنا
يستهل الشاعر قصيدته بالأسلوب الطلبي
حيث يريد من بلد المجد والفخار
بلد العز والمنار سوريا أن تعود لإشراقتها البهية
وأن يرفرف علمها شامخاً بإباء وحرية، فهو الزهو والزهر
وهو رمز القضية .
فيقول :
عودي لمجدكِ
يا مجدةَ الأممِ
لصحوةِ الشمسِ
لسواعدِ الهممِ
لقلمٍ يخطُ أمجادَ
أمةٍ سوريةٍ
تعلو فتزهو
بشخطةِ القلمِ
لعلمٍ يظلُ مرفوعاً
شامخَ الرأسِ
عالياً في عُلاهُ
برفعةِ العلمِ
يرسم الشاعر لسوريا المجد طريق عودتها للعلياء فهي بلد الشموخ والكبرياء
فما عليها إلا ان تتحدى أولئك الوضعاء الذين أمطروها بحقدهم في أعلى درجات الغباء ظانين أن سوريا سترضخ للداء ولن تبحث عن البلسم الشافي والدواء.
لقد جمعوا عدتهم وشدوا الوثاق ليضيقوا على أرض العروبة والآصالة فيحاء الشآم الخناق لكن الشاعر قد رسم طريقا للخلاص معبرا عن ذلك بالعزةِ والشموخ
فيقول..
قد أمطروكِ بوابلِ
الحقدِ غباءهم
فأمطريهم بالشموخِ
علوة القممِ
كادوا لكِ الريح
تعصفُ بأجوائك
إن سوريا لا يمكن أن تعصف بها ريح الحاقدين ما دام فيها شرف الشامخين
فعزيمتهم حديد لن تلين
إن سوريا المجد لن تقبل بالصغار
ولن تولي عليها إلا الشرفاء الكبار
فليفهم الحاقدون معادلة الانتصار
يقول :
ولا كيدَ فوق سيادةِ
الأرضِ فانتقمي
إن يزرعوا الشوك
درباً لأمجادكِ
نزرعُ في دروبهم
صَلصَلَ الحممِ
وينهي الشاعر قصيدته الرائعة بالأمل بعد العمل مستشرفا ذكريات ماض تليدٍ وتاريخ مشرق مجيد فالتاريخ حتما بأيدي الشرفاء سيعيد سوريا نجماً ساطعاً من جديد
يقول :
العزةُ اليوم لكِ
ليست لغيركِ
يا شامُ قد صلت
لمجدكِ القيمِ
هاذي دمشقُ
تعودُ لأمجادها
تعانقُ التاريخ
يا صفعة الظُلَمِ
إن يسألوا عنكِ
فقولي لهم
عليَّ صلى الله
في حضرةِ الحرمِ

الخلاصة..
لقد تناول الشاعر قضية عُنيَ بها كثير من الشعراء، غير أنه قد تميز في الطرح والاستعارات والتشبيهات والايحاءات الدلالية، فسما على الجرح، ورسم طريقاً نيراً لوطنه عبر عنه بصحوته فوفق في الشرح .
فمن كان من شيمه الشموخ والإباء لا يقبل الضيم وعيش الوضعاء .
لقد أبان لنا الشاعر في قصيدته سبب الجرح، ووصف كطبيبٍ حادق العلاجَ له مفصلاً في الشرح، وعزف على سينفونيات الماضي الشامخ ففيها قد سطر اشتعالات المجد ومواسم الفرح .

حلب 2019/2/19

عن أيمن قدره دانيال

كاتب - شاعر - اعلامي - عضو الاتحاد العام للاعلاميين العرب 2018

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!