تجليات الفكرة بين التلميح والتصريح – بقلم الروائي محمد فتحي المقداد

لصحيفة آفاق حرة

ــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

تجليات الفكرة ما بين التلميح والتصريح

قراءة في نصوص ساخرة

للأديب خضر الماغوط

 

بقلم – الروائي محمد فتحي المقداد

 

المقدمة:

هناك فرقٌ كبير بين الكاتب المهموم والمهجوس بأفكار تستند إلى قضايا كبيرة وعظيمة، وبين من يريد اللّهاث وراء تسويق نفسه، أو بعض الأفكار التافهة والمأجورة ليسترزق منها، تحت شعار ثقافيّ.

وهذا المنحى لا بدّ من ملاحظته وتوثيقه بالقراءات التتَبُعيَّة النّاقدة الجادّة، خاصّة عندما تَتَّسِم بالمصداقيّة والحياديّة.

خضر الماغوط” كاتبٌ وأديبٌ سوريٌّ قائمٌ، على صناعة نصوصٍ قصصيَّةٍ جادّة. متميّزة بأفكارها التجديديّة الذكيّة بإشاراتها ذات الدلالات العميقة، البعيدة بمراميها النّاقدة بطريقة فريدة تُؤشُّر بوضوح لمواطن الخلل بفنيّة عالية. ذات بُعدٍ إصلاحيٍّ. بعيدًا عن تهييج وإثارة الفوضى عند القارئ.

فالسُّخرية؛ وإن ارتبطت دلالاتها بالهُزْءِ والضّحكِ والتحقير، إلا أن “خضر الماغوط” أتقنها بذكاء، وفطنة شـديدين لا يتوفَّران إلّا فـي كاتبٍ حاذقٍ واعٍ كـ”خضر الماغوط”، وعلى مَحمَلٍ ما بين المثاليّة التي يُنشدها للارتقاء، والواقع المُتأصِّل بِهُمومه الكبيرة والكثيرة، ورُؤيته للخَلَل بعيدًا عن ضَجيج البروباغاندا الإعلاميَّة الرسميَّة، ومُحاولتِه إضاءة شمعة بدَلَ لعن الظلام، وملامستهما بشفافيّة حاذِرَةٍ مُحذِّرَةٍ.

والوصف هنا لكتابات “خضر الماغوط” ليس من طريق السّخرية الهازئة من الآخرين بتعالٍ فقط، بل جاءت باصرةً ناقدةً جريئةً؛ مُحمّلةً بإشاراتٍ ناطقةٍ مُؤشّرةٍ على حدَثٍ اجتماعيٍّ وسياسيٍّ واقتصاديٍّ، في محاولة اِخْتراق تابوهات مرفوضٌ، وممنوعٌ الاقترابُ منها بأيِّ شكلٍ كان.

..*..

البروباغندا: بوسائلها الإعلاميَّة، ودورها في إعادة تشكيل رُؤَى، وتوجّهات الناس عُمومًا. والجريدة جزءٌ لا يتجزَّأ من منظومة إعلاميّة متكاملة، وهي الوسيلة المقروءة الصَّادرة صباحَ، كلَّ يومٍ يسعى إليها المُواطن، بينما هناك جُيوش جرَّارة على مُستوى الجُمهوريَّة من كُتّاب المقالات، والأعمدة اليوميَّة الثَابتة، ومُدراء التحرير، والمُحرِّرين، والمُصوِّرين، والمُراسلين، وعُمَّال الطِّباعة والنقل. جميعهم يعملون على مدار السّاعة لإخراج الجريدة، مع توافر كافّة الإمكانات الماديّة والمعنويّة لهم.

وفي بلادنا فإنّ الصحافة الحُكوميّة مُتكَلِّسة ومُتَخَشِّبَة، ضمن مسارات مرسومة بدقّة، ذات خطوط حمراء، لا يمكن الاقتراب منها، أو تجاوزها قيْد أُنمُلة. وفي عِنْوانَيْ (مرونة ثقافية) و(الدولار) اللَّذان تجمَعَهُما مُفردةُ الجريدة.

    *النص الأوَّل: “مرونة ثقافيّة”: (رئيسُ تحرير الجريدة، الذي كان يُحاضرُ، مفتخراً بقيمةِ جريدتهِ. ثارتْ ثائرتُهُ غضَباً، عندما قيل له: لا فائدة منها.

ولكي يبرهنَ ماذا يمكن أنْ يستفادَ من جريدته، نهضَ واقفاً، وراح يلفُّ أوراقها حتى صارت كالعصا… ثمَّ ضربَ بها ذبابةً كانت تقفُ على الحائط).

الوقوف أمام الحقيقة مباشرة مُحرجٌ. وهذا رئيس التحرير بكلّ تأكيد كاذب بالمطلق، يكذب على نفسه أوّلًا، ويحاول تسويق كذبه على الآخرين، وهو يتوقّع منهم المدح والتصفيق له، لكن المفاجأة بتعبير صادم (قيل له: لا فائدة منها)، ومادام جاء فعل القول بصيغة المجهول، ربّما يكون مثلًا من شخص مُتنفّذ بيد مقاليد الأمور، لتحقير وتهزيء رئيس التحرير، وإمّا من شخص عادي تجرّأ لكشف الكذب. إلى أنّ البرهنة صدمت المتلقِّي، وكما قيل: “تمخّض الجمل؛ فوَلَد فأرًا“، مدير التحرير، شكّل الجريدة على شكل عصا، ليضرب بها ذّبابة. أليس النصّ يأخذنا إلى فكرة دونكيشوت وصراعه مع طواحين الهواء.

 

*النص الثاني: “الدولار”:  (كنَّا نلتقي في حارات المدينة القديمة، أنا وصديقتي؛ فنجلس على المقاعد الحجريَّة في ساحاتِها وشوارعِها، ودائماً كنتُ أفرشُ لها أوراقَ الجريدة فوقَ المَقعدِ حتَّى لا تتغبَّرَ ثيابُها. الآن صارت تلك المقاعدُ تَراني وحيداً كئيبًا، وكأنِّي بها تشمُتُ بوحدتي وكآبتي؛ فأكادُ أنْ أصرخَ ملء صوتي: أيَّتُها المقاعدُ اللَّئيمة، لقد ارتفعَ سعرُ الجريدة).

النصُّ جاء على لسان الرّاوي الموازي للكاتب، بمحاكاة داخليّة على محمل الذّاكرة للماضي. بمحاولة أنسنة الأشياء الجامدة، واستنطاقها في محاولة للخروج من مأزق الصّراع الداخليِّ للخلاص من الهمّ القاتل. (المقاعد تراني وحيدًا كئيبًا)، (أيّتها المقاعد اللّئيمة). ودليل أنّه لم يعُد يشتري الجريدة لارتفاع ثمنها. بالتالي لم يفترشها كالمعتاد سابقًا.

..*..

 

لُغة الإشارة كمصطلح يُستخدم من الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصّة، كالأصمّ، والأبكم. وتستخدم على نطاقات واسعة في الجيوش عامّة، وعند بعض التنظيمات الإرهابيّة والإجراميّة وأجهزة المُخابرات السريّة والتجسس عُمومًا.

كما أن تعبيرات الجسد لها لغة مفهومة كتعابير الوجه، وباقي أجزاء الجسم بحركات إيحائيّة، لها دلالاتها، تُفسّر كعلامات رضا أو غضب أو تنكّر أو تخفّي.

 

*النصّ الثالث:  (آخرُ الأخبار): (قرب بيتي، يسكنُ جارٌ أخرس، يستوقفني دائماً حينما يراني في الشَّارع، يريدُ أنْ يعرفَ شيئاً عن الوضع الرَّاهن، ويبدأُ الحديثُ بيننا بلغةِ الإشارةِ بالأصابع، التي تعلَّمْتُ منهُ شيئاً منها؛ فيشيرُ بأصابِعه، وأشيرُ بأصابعي. الغريبُ في هذا الموضوع، أنَّ الحديثَ بلغةِ الإشارةِ حول الوضعِ الرَّاهنْ. لم يكنْ يحتاجُ سوى إلى استخدامِ… الإصبعْ الوسطى فقط).

في هذا النصّ يُفسّر حالة شائعة، وبشكلٍ طبيعيٍّ ضمن العلاقات التواصليّة الاجتماعيّة، في مفرداتها ودقائقها. وبالتأكيد مرّتين على كلمة (الوضع الرّاهن)، وهو الهمّ المُشترك بين فئات النّاس المختلفة، بما فيه من تحدّيات تستدعي المُتابعة من الجميع، لمعرفة ما يدور في محيطهم، ولغة الإشارة في هذه الحالة، للإفلات من الرّقابة الدّائمة من المُخبرين والأجهزة، وقال النصّ ما أراد له كاتبه الذي صمتَ، وأفلَتَ عِقَال كلماته، وأطلق لها العنان؛ لتقول ما يتحرّج منه بشكل طبيعيّ.

..*..

 

ثيمة الحذاء كانت الخيط النّاظم، لثلاثة نصوص (الحافي، حفلٌ ديمقراطيٌّ، اللِّقاء). (الحافي) عنوانٌ دالٌّ على إنسان ذي قدَم حافيةٍ، والقدَمُ لزومُها الحذاء، ومفهوم الحذاء يختلف تمامًا بتقاطعاته مع العنوان الآخر (حفل ديمقراطي).

ثيمة الحذاء جمعت النقيضَيْن الماديّ “الحذاء” والمعنويّ “حفل“، وبِتَتبُّع هذه الثِّيمة في النَصَّيْن، لإماطة اللِّثام عن هذا الرّبط الذكيّ.

 

*النص الرابع: (الحافي): (عندما كنتُ شاباً، صنعوا مني عاملاً ماهراً في رصف وتعبيد الطرقات. فقد عملتُ في رصف الشعارات والمهرجانات في الطريق القومي، وفي رصف المحاضرات والندوات في الطريق الاشتراكي، وفي رصف التصفيق والهتافات في الطريق الوطني. ليتني من يومها عملت في رصف الطريق إلى بيتي.. على الأقل كان حذائي الوحيد لم يهترئ).

دلالة الزمن السَرديِّ للنصِّ في الماضي، تبيّن ذلك في أوَّل كلمتين (عندما كنتُ). مفارقةٌ غير منتظرة مليئة بالأسف والندم (ليتني)، التي تحمل أمنية ضاعت، لو اِسْتُثمِرَت في وقتها؛ لكانت نافعة (ليتني من يومها عملت في رصف الطريق إلى بيتي).

الطَّريق المُمهَّد السَّهل صار أمنيةً أغفلَها، من اِحْترَق بوهْجِ أضواء البروباغاندا المُبهرة. الجاذبة لدروب الشُّهرة، ولإرضاء غرور الكثير ممَّن سلكُوا دُروبها بحكم الوظيفة، أو من المُتسَلِّقين الاِنْتهازيِّين. بائعو الشّعارات الرنانة.. هم أنفسهم بائعو الأوهام والأضاليل للشعوب المسكينة.

 

*النص الخامس: (حفل ديمقراطي): (كما سقطتْ فردةٌ منْ حذاء سندريلا، على الدرج في حفلِ الأمير.. أيضاً سقطتْ فكرة من صديقي المفكِّر، على مسمع من لا يقبلون الرأي الآخر. ومن يومها، يبحثون عنه، لمطابقة أحذيتهم على أفكاره).

وفي الحفلِ الديمقراطيِّ إعادةُ تدويرٍ لمادَّة تاريخيَّة “سندريلا والأمير” من خلال نصّ أدبيِّ، اِشْتَغَل على تقاطُعات قادها “خضر الماغوط” بحِرَفيّة عالية؛ لتطبيقها في مجال الحِوَار الواخز الناخز باتِّجاهِه الإجباريّ الوحيد، غير المُؤمِن بطبيعته التكوينيّة بالتعايش مع الرأي الآخر، ومن غير الوارِد قَطعًا السَّماح للرأي الآخر بالظهور؛ لتأتي قفلةُ النصِّ مُدهشةً بمفارقتِها الصّادمة (ومن يومها، يبحثون عنه، لمطابقة أحذيتهم على أفكاره).

الحوارُ.. فكرٌ يُقابِل فِكرًا، أمّا أن يُقابل الفكر بالحذاء، هنا تتجلّى قمّة رفض سماع الآخر أو الإنصات له، أو ارتفاع صوته. كما أن الأسى يقطر من العنوان (حفل ديمقراطي)

 

*النص السادس: (اللقاء): (قُبيلَ موعد اللقاء، صرتُ كالتلميذ الصغير الذي يستذكرُ دروسه غيباً. كنت أسترجع في ذهني كلمات الحب التي سأقولها لها، وأتخيلُ الكلام الجميل الذي ستقوله لي. جاءت في الموعد المحدد تشكو من علَّةٍ في حذائها، ومضى اللقاء العاطفي في الحديث… عن رداءة صِنع الأحذية).

العنوان (اللقاء) عنوان يذهب بنا إما إلى لقاء بعد غياب في سفر بعيد، أو لقاء عاطفيٍّ مُرتقَب منَّا في هذا النصِّ الذي بين أيدينا. وجاء أيضًا كما سابقيْه على مَحمَل الذَّاكرة.

نصّ متأرجحٌ بين العاطفة وبين الحاجات الماديّة للإنسان، التي تمدُّ الحياة البشريَّة بأسباب السّعادة أو التعاسة. والحاجات الماديّة بوفرتها طريقٌ للرَّفاه، والاستمتاع والاِسْتِلذاذ بمُعطيات الحياة، وُصولًا إلى قِمّتها العُظمى.

ذهابنا لهذا المنحى، هو موضوع الحذاء الذي اِسْتحال سببًا لمُشكلة إخماد العواطف، والمشاعر المُنطَفِئة من ضيق الحذاء. هبوطٌ من القِمَّة إلى قاع القاع. هبوطُ الأحاسيس المُرتبكة؛ لِتسقرَّ عند الحذاء.

..*..

 

*النص السابع: (البهلوان): (طفَحَ الكَيْلُ بصبر القُبَّعة على سُلوك الرَّأس الذي يعتمرها، إنهُ يخلعها وينحني لهذا ولذاك، ثم يعتمرها، ثم يخلعها لينحني من جديد،… فلا تستقرُّ بها الحال. -لقد أتعبتني وأرهقتني أيُّها الرأسُ المنافق؟. قال الرأسُ مُبرِّراً: إنّها سياسة ذيل الكلب يا سيّدتي).

(البهلوان) عنوان لافت بشدّة لدلالاته الدقيقة، على الكذب والدّجل من رجال السوداء، واقترانهم بقول الكاتب بـ(إنها سياسة ذيل الكلب يا سيّدتي). وهي إشارة ذكيّة للتذكير باِعْوجاج ذيل الكلب خَلْقِيًّا، وهو ما استقرَّ في الذاكرة الشعبيَّة: (ذيل الكلب أعوج، لو وضع مئة سنة في القالب.. سيبقى أعوجًا)، وهو تعبير دامِغٌ للميؤوس من تعديل سُلوكيّاته إطلاقًا. وهي حال السياسة والسياسيّين.

 

*النصّ الثامن: (الحرب):  (قبل الحرب، كنت أحلم بأن أكون في بستانٍ مع حبيبتي، يرافقنا الكلبُ المنزلي الذي أعتني به، وبطبيعة الكلاب عندما تكون سعيدةً، سَيَهُزُّ الكلبُ بذيلَه عندما سيراني أسرق منها قبلةً بعد قبلةٍ. صارت الحربُ، فاحتَرَقَ الحلمُ بالبستان والحبيبة. وبقي الكلبُ مقطوع الذيل).

الحروب ولعناتُها على الحياة.. بمخرجاتها القذرة، تفرض نفسها بقوّة السلاح وراء إصرار المُتحاربين على تحقيق نصر مُكلل بالدماء. لا يحمل إلا شارات المنتصرين.. وأي نصر سيكون بين أبناء الوطن الواحد. لا شكّ أنه قهر.

الحرب أقوى من الحياة بمعطيات عواطفها وأحلامها. تأتي على شيء فتُدمّره. وبقي ذيل الكلب المقطوع، من معطيات حكاية لم تكتمل على وقع طبول الحرب، واحتراق البستان والأحلام، وموت الحياة.

وفي (الحرب) فإنّ الأحلام، والحبيبة، والبستان، والمنزل، وكلب الحراسة؛ لهي دلائل الحياة، وبألم حارق يقول الكاتب: (صارت الحربُ، فاحتَرَقَ الحلمُ). حكاية الحرب وموت الأحلام.. موت الحياة).

 

*ختامًا:

لا شكَّ أنَّ النُّصوص الثمانية أنّها ذات أبعاد إصلاحيَّة، بحمولتها الجريئة النّاقدة المُشيرة إلى مواطن الخَلل وما أكثرها.

ومن خلال تصنيف النصوص من خلال القاسم المُشترك لكلٍّ منها، تبيّن أن فكرة الجريدة استحوذت على النصّيْن: (مرونة ثقافيَّة، الدُّولار). وفكرة الحذاء سيطرت على ثلاثة نصوص: (الحافي، حفل ديمقراطي، اللقاء)، ولغة الإشارة أخذت نص: (آخر الأخبار)، وذيْل الكلب كذلك أخذ نصيبه من النّصين: (البهلوان، الحرب).

 

الأديب خضر الماغوط

وهذه الأفكار (الجريدة، الحذاء، لغة الإشارة، ذيل الكلب) ما هي إلّا إشارات تلميحيَّة، أو تصريحيّة؛ للإفصاح عن رسالتها الرمزيّة، وهي تؤشِّرُ لتقاطعات ومُفارقات لها الأثر الكبير في حياة عمومًا.

وتكمن حكمة “خضر الماغوط” في عمق فهمه، ودقّة مُلاحظته للواقع، والانطلاق من موقعه ككاتب ومفكِّر، لقول كلمته المُنبّهة، الكفيلة بلفت الانتباه إذا صادفت قلبًا واعٍ، وأُذُنٍ صاغية، وإرادة التغيّير.

 

 

الأردنّ – عمّان

ـــــا 2\ 6\ 2021

 

About محمد فتحي المقداد

كاتب وروائي. فاز بجائزة (محمد إقبال حرب) للرواية العربية لعام 2021م. الروايات المطبوعة هي تشكيل لرباعية الثورة السورية. -(دوامة الأوغاد/الطريق إلى الزعتري/فوق الأرض/خلف الباب). ورواية (خيمة في قصر بعبدا)، المخطوطات: رواية (بين بوابتين) ورواية (تراجانا) ورواية (دع الأزهار تتفتح). رواية (بنسيون الشارع الخلفي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!