الأيروسية في القصيدة السردية التعبيرية
تعال قربي ولا ترني .. بقلم : ميسرة هاشم //أنثى الماء والنار – العراق .
يقول ( هيجل ) : الشعر هو الفن المطلق للعقل , الذي أصبح حرّاً في طبيعته , والذي لا يكون مقيّداً في أن يجد تحققه في المادة الحسيّة الخارجية , ولكنه يتغرّب بشكل تام في المكان الباطني والزمان الباطني للافكار والمشاعر .
مما لاشكّ فيه انّ الموهبة قد تموت وتنتهي بالتدريج اذا لم يستطيع الشاعر تطويرها واستثمارها أقصى إستثمار عن طريق الاطلاع على تجارب الاخرين والاستفادة منها والاتكاء على المخزون المعرفي لديه , وتسخير الخيال الخصب في انتاج وكتابة كتابات متميّزة ومتفرّدة تحمل بصمته الخاصة التي عن طريقها يُعرف ويُستدلّ بها على إبداعه , وقد تموت ايضا اذا لم تجد التربة الصالحة والمناخ الملائم لأنضاجها , وقد تنتهي حينما لمْ تجد مَنْ يحنو على بذورها التي تبذرها ويعتني بها ويُسقيها من الينابيع الصافية والنقيّة , فلابدّ من التواصل والتلاقح مع تجارب الاخرين الناجحة والعمل على صقل هذه الموهبة وتطويرها والاهتمام بها وتشجيعها والوقوف الى جانبها قبل أن تُجهض . نحن سعداء جدا في مؤسسة تجديد الادبية ان نستنشق الان ملامح إبداع جميل وحضور مشرق من خلال دعمنا المستمر للمواهب الصادقة والناجحة في هذا الموقع , فلقد اصبح لدينا الان مجموعة رائعة جدا من الشعراء والشواعر الذين يجيدون كاتبة القصيدة السرديّة التعبيريّة , ونحن لم ندّخر اي جهد في مساعدة الجميع عن طريق الدراسات النقديّة والنشر والتوثيق المستمر في المواقع الالكترونية الرصينة وفي بعض الصحف الورقيّة , وابداء الملاحظات من أجل تطوير وإنضاج هذه الاقلام الواعدة , نحن على ثقّة سيأتي اليوم الذي يشار الى كتابات هؤلاء والاشادة بها والى القيمة الفنية فيها ومستوى الابداع والتميّز وما تحمله من رساليّة فنيّة وجماهيريّة .
فلم تعد قوالب الشعر الجاهزة ترضي غرور شعراء السرد التعبيري لذا حاولوا ونجحوا في الانفلات من هذه القوالب ومن هيمنتها ولو بشكل محدود ( في الوقت الحاضر ) , وتجلّى هذا من خلال طرق كتابة النصّ والموضوعات التي يتطرقون اليها , وترسخت فكرة التجديد لديهم وخطّوا لهم طريقا مغايرا في كتاباتهم , وصاروا يواصلون الكتابة وياخذون منحا اخر لهم بعيدا عما هو سائد الان في كتابة قصيدة النثر , صارت القصيدة أكثر حرّية وانفتاحا على التجارب العالمية , لقد منحت السرديّة التعبيريّة لكتّابها الحرية والواسعة والفضاء النقيّ الشاسع والأنطلاق نحو المستقبل خاصة حينما يكون التعبير أكثر شبابا وصدقا عن المشاعر الحقيقية المنبعثة من القلب الصافي كالينبوع العذب , فلقد أحسّ الشاعر بمهمتة الصعبة في الكتابة بهذا الشكل الجديد والمختلف والذي نؤمن به وبقوّة , فنحن نؤمن وعلى يقين بانّ القصيدة السردية التعبيريّة هي قصيدة المستقبل لقدرتها على الصمود والتطوّر المستمر نتيجة التجربة الطويلة والتراكم الابداعي , بروعة ما تقدّمه وتطرحه على الساحة الشعرية , نعم أحسّ الشاعر بالانتماء والاخلاص لهذا اللون الادبي الجديد والذي نطمح في قادم الايام ان يكون جنسا أدبيا متميّزا , لهذا استطاع الشاعر ان يطوّع المفردة رغم قسوتها وعنادها وإعادة تشكيلها وتفجير كل طاقاتها المخبوءة , وأن يفجّر من صلابتها الينابيع والانهار وإستنطاقها نتيجة ما يمتلكه من خيال جامح ابداعي وعاطفة صادقة جيّاشة وإلهام نقيّ وقاموس مفرداتي يعجّ باللغة الجديدة .
سنتحدث اليوم عن صوت المرأة الشاعرة في السرديّة التعبيرية ونختار بعض القصائد كي نشير الى مستوى الابداع وكميّة الشعرية فيها , ونستنشق عبير هذه القصائد النموذجية .
انّ حضور الصوت النسائي في السرديّة التعبيرية له تاريخه المشرق وحضوره البهيّ , فمنذ تاسيس موقع ( السرد التعبيريّ ) كان حضور المرأة الشاعرة متميّزا ينثر عطر الجمال ويضيف ألقاً وعذوبة في هذا الموقع الفريد والمتميّز, وقدّمت قصائد رائعة جدا تناولها الدكتور انور غني الموسوي بالقراءات الكثيرة والاشادة بها دائما , وتوالت فيما بعد الاضاءات والقراءة النقدية لهذه التجارب المتميّزة من قبل بعض النقاد ومن بعض شعراءها . فاصبحت هذه القصائد نوعية مليئة بالابداع الحقيقي وبروعة ما تطرحه من أفكار ورؤى ومفعمة بالحياة وروح السرديّة التعبيريّة وخطّتْ لها طريقاً تهتدي به الاخريات ممن عشقن السرد التعبيري وحافظن على هيبته وشكله وروحه والدفاع عنه . لقد أضافت الشاعرة الى جمالية السرديّة التعبيريّة جمالا آخر وزخما حضورياً وبعثت روح التنافس وحرّكت عجلة الابداع فكانت بحق آيقونة رائعة . القصائد التي كتبتها المرأة في السرد التعبيري كانت معبّرة بصدق عن اللواعج والالام والفرح والشقاء والحرمان والسعادة , بثّت فيها شجونها وخلجات ما انتاب فؤادها , ولقد أزاحت عن كاهلها ثقل الهموم وسطوة اللوعة , ولقد جسّدت في قصائدها آلامها ومعاناتها في بناء جملي متدفق , منحت المتلقي دهشة عظيمة وروّت ذائقته وحرّكت الاحساس لديه . كانت وستظلّ زاخرة بالمشاعر والاحاسيس العذبة ومتوهّجة بفيض من الحنان , نتيجة الى طبيعتها الفسيولوجية والسايكولوجية كونها شديدة التأثر وتمتاز برقّة روحها فانعكس هذا على مفرداتها وعلى الجو العام لقصائدها , فصارت المفردة تمتلك شخصية ورقّة وعذوبة وممتلئة بالخيال وبجرسها الهامس وتأثيرها في نفس المتلقي , فكانت هذه القصائد تمتاز بالصفاء والعمق والرمزية المحببة والخيال الخصب والمجازات ومبتعدة جدا عن المباشرة والسطحية , كانت عبارة عن تشظّي وتفجير واستنهاض ما في اللغة من سطوة , كل هذا استخدمته بطريقة تدعو للوقوف عندها والتأمل واعادة قراءتها لأكثر من مرّة لتعبر عن واقعها المأزوم وعن همومها وهموم النساء في كل مكان . فرغم مشاغلها الحياتية والتزاماتها الكثيرة استطاعت الشاعرة ان تخطّ لها طريقا واضحا وتتحدّى كل الصعاب وترسم لها هويّة واضحة الملامح , فلقد بذرت بذورها في ارض السرد التعبيري ونضجت هذه البذور حتى اصبحت شجرة مثمرة . لقد وجدنا في النصوص المنتخبة طغيان النَفَس الانثوي واحتلاله مساحة واسعة فيها معطّرة برائحتها العبقة واللمسات الحانية والصدق والنشوة , فكانت ممتعة جدا وجعلت من المتلقي يقف عندها طويلا منتشيا , وحققت المصالحة ما بين الشاعرة والمتلقي وهذا ما تهدف اليه الكتابة الابداعية .
الأيروسية في القصيدة السردية التعبيرية
في كل يوم وفي أكثر ما يكتب في موقع السرد التعبيري تثبت السردية التعبيرية نجاحها وتطورها بصورة تجلب الانتباه , كل يوم يقفز الى الوجود نصّ سرديّ تعبيريّ يستحق التوقف عنده طويلا ويلحّ على المتلقي ان يقرأه قراءة ابداعية منتجة وليست قراءة استهلاكية سطحية عابرة , نجد بانّ هناك نصوصا بمستوى متطور لغة وفكرة وجمالية ورسالية وبناء , نصوص لا يجيدها الاّ كتّاب السرد التعبيري بعدما وجدوا انفسهم من خلال السردية التعبيرية بنموذجيتها المتطورة والباذخة العطاء . سنؤكد دائما وابدا بانّ السرد التعبيري لا يعني السرد الحكائي او القصصي إنما يعني تجلّي واضح لطاقات اللغة وتعظيمها ونقل للمشاعر العميقة والأحاسيس عن طريق خيال ابداعي جامح فيجعل اللغة كأنها قادمة مما وراء الحلم , انّ السرد التعبيري يعتمد على الزخم الشعوري العنيف والجامح ومحاولة ايقاظ مراكز الشعور والمشاعر في النفس وهذا يؤدي الى ان يتغلغل النصّ بأعماق النفس فنشعر بلذّة الارتواء من جمال اللغة وعذوبتها وتتحقق عملية التواصل ما بين الشاعر والمتلقي ويحث التفاعل الايجابي فيما بينهما وهذا ما نسعى اليه , نريد ان نخلق جسورا قوية وراسخة ما بين الشعر والمتلقي حتى يكون الاخير ايجابيا في قراءته ومشاركا في النصّ . انّ الكتابة الافقية اي كتابة القصيدة على شكل كتلة واحدة أصبحت واضحة الملامح وأصبح لها عشّاقها الذين أخلصوا لها ودافعوا ويدافعون عنها , لما تمنح الشاعر من أفق شاسع في الكتابة حتى يتمكن من صياغة كتاباته بحرّية مستعينا بالرمزية المحببة والخيال الشاسع والمشاعر النقيّة الصادقة القادمة من القلب لتدخل القلب دون استئذان وبمفردات عذبة تثير مشاعر المتلقي وتجعله يعيش في أجواء النصّ .
بعدما قدّمنا القصيدة السردية التعبيرية وتناولنا جمالياتها عن طريق اللغة والخيال والعاطفة وهندستها وتعدد الاصوات فيها , سنحاول اليوم تناول القصيدة السردية التعبيرية من خلال اللغة الايروسية في قصيدة ( تعال قربي ولا ترني .. بقلم : ميسرة هاشم //أنثى الماء والنار ) .
لازالت اللغة الايروسية خجولة في مجتمعنا الشرقي وكثيرا ما تكتب على استيحاء إلا ما ندر بسبب طبيعة مجتمعاتنا العربية والأعراف والتقاليد الاجتماعية والدينية والثقافية , لهذا نرى هنا وهناك لغة ايروسية تنزّ من هنا ومن هناك عن طريق الأدب النسوي او الذكوري , وربما تكون لغة تلوّح من بعيد الى هذا الادب عن طريق مفردة ايروسية او جملة واحدة في نصّ او نصّ كامل يحتاج اليها الشاعر بين فترة وأخرى في محاولة لإشباع ذاته او تحريك مشاعر الاخرين او تكون رسالة موجّهة الى مجهول او معلون يحاول ايصالها اليه .
إن الايروتيكية مذهب يعني الجنس والشهوة وقد خرج منه الأدب الايروسي , وتعود كلمة ايروتيكية الى كلمة EROTIC الانكليزية وهذه تعني المثير للشهوة الجنسية وكذلك تعود الى الكلمة الانكليزية EROTICISM وتعنى الاثارة والتهيّج الجنسي .
انّ المتتبع لنصوص الشاعرة : ميسرة هاشم يجد دائما اصرارها على اضافة هذا المقطع بعد إسمها مباشرة بعد وضع ( // ) – أنثى الماء والنار . في دلالة إيحائية عميقة على ما يكتنف كينونة الذات الأنثى من تناقض وصراع محتدم ومستمر في أعماقها القصيّة , صراع ما بين الحياة / الماء – ما يمثله من النبض والديمومة والحركية والجمال / وما بين / النار – وما تمثله من الفناء والموت والألم الفظيع والأنتهاء والتلاشي / وكأنّ / الماء والنار / قد توحّدا في الذات الشاعرة وكأنّها الحياة والموت في نفس الوقت أو قلْ هي المنتصر والخاسر , فخلف هذا القناع / اللعبة اللغوية / التي تمارسها الشاعرة . ميسرة هاشم تكمن شخصيتها وبما تمتلكه من سرّ قوة الحياة وانتصار/ الماء / على / النار / , فنحن اذا أمام صور حسّية جارفة . وقبل هذا لا ينبغي لنا أن نهمل الصورة الأيروسية في العنوان / تعال قربي ولا ترني / المشبع بالرجاء والتمني والتمنّع في نفس الوقت , انها الشبقية المتأرجحة المرهفة المحتشمة بالدلال والوجع والمنتظرة لعود ثقاب حتى يعمّ الطوفان وتتفجر البراكين المخبوءة لحظة اللقاء .
انّ نصّ الشاعرة : ميسرة هاشم السردي التعبيريّ ممتلىء حدّ الاشتعال بمفردات ورموز ايروسية تحتوي من الطاقة والشحنات ما لاتستطيع القضبان إسكاتها او حجب شهوانية الجسد وعنفوانه , مفردات تمتلك من سحر الإيحاء والرغبة الجامحة والتصريح , فمثلا نجد في النصّ المفردات التالية : أخلع / الملامسة / لجسدي / أحب / الأبيض / غيمةٍ / تتسارع / لقذف / مائها / اللزج / حلمات / تحك / رأسها / بيديك / تتعلم / كشف / سائلها / قضيب / الكهرباء / تختزن / شحنات .. حالة استعراض مكنونات النفس العطشى والمسكونة بالشبق والغزل الإيروسي في محاولة استفزاز علني والتجوال في الأماكن الساخنة في الجسد والأنطلاق من أماكن مظلمة مسكوت عنها الى أماكن اكثر اشراقا وتوهّجا بعيدا عن التصنع او الابتذال . ثم ينعطف النصّ إنعطافة جميلة وتستخدم الشاعرة الضمير المنفصل / هي / في أكثر من مقطع وكأنها تستعرض سحرها وغموضها وشبقيتها المعلنة بوضوع والتلويح للذات الاخرى بكل ما يمتلك جسدها من قوة وسطوة شبقية متأججة كما في هذه المقاطع الرشيقة واللذيذة الرقيقة .. هي القصيرة بكعبها الذي يثقب المدن المتلازمة بالشخصيات الخيالية ، المعمعة التي تركت كلماتها سارحة تصدأ على سكة القطارات ، هي التي تقلب مؤخرة العطور وتجعلني مدمنة على لسانك الذي يتدفق بصور الكتب المعروضة للبيع / , انها مقاطع شبقية حسّية رسمتها أنثى عارفة تدل على براعتها وجرأتها في شحن النصّ بمفردات متأججة تثير مخيلة المتلقي وتوظيفها دون تكلف , تمتلك نكهة زئبقية الملمس مشتعلة تفجّر مدلولاتها حمم الإيحاء في صور برّاقة حيويّة جعلت الشاعرة اشعاعاتها تتمدد بعيدا وتأخذ مساحات من الأثارة والشبقيّة . ثم تخاطب الذات الاخرى بهذه اللغة الايروسية الراعشة .. / أيها الأبكم في رعشة تجلس بين اللوحات المرسومة في عمق سوادها، تلقي رسائلنا في البحر وتقول إن الشواطئ تحرسها القناديل .. لوحات من العتاب والتهكم لحالة الغباء التي امتازت بها الذات الاخرى وعدم الاهتمام بالقناديل المتأججة المنتظرة لزيت الاحتراق . ثم تتحفنا الشاعرة بهذا البناء الجمليّ المتواصل الرصين بكمّ هائل من الصور الايروسية المثيرة الصارخة ../ هي لا تدرك التضرعات الخائبة لا تدرك السيلان المتأخر الذي يزين الساعات بالسرير وينام على ظهري في خطواته الرفيعة وينكسر ، هي اللذة العبثية التي سقطت بقوارير نصف امرأة نصف عقل نصف ما نترجاه من الحقيقية هي الأشياء التي لأ أعرفها في نوبات أغنية كانت تسكب أصابتها في حبات البرتقال وتترك شحناتها المفضلة عند ماكنات القهوة ليأتي الفنجان بيننا على شاكلة فيلً أزرق يحمل المر من نساء ما بعد الأربعين اللواتي يكدسن بالوحدة عذرية الغشاء المصنوع من نجمةً مشلولةً تقول انا ضوء النهار ../ .. فنجد اللغة الايروسية المشتعلة عن طريق التضرع و / السيلان / الذي يفيض فوق سرير اللذّة حينما تتقاطع الخطوط وتتجاذب وتتوحّد , نجذ هذه اللذّة العبثية في حالة من الذهول وفقدان العقل والجنون العذب , والتي تتساقط في أخاديد الذات الشاعرة العميقة والمتعطّشة والحالمة بلحظة الارتواء والامتلاء على شكل نوبات متتالية تنسكب في أرضها البكر بينما سجناتها لا تنطفىء . ان استخدام مفردة / الفيل / لهو براعة جامحة في تصوير اللذّة الحسيّة الايروسية الملتهبة في الانثى التي تجاوزت الاربعين من عمرها المجدب , الانثى الصائمة كل هذه السنين والتي حفلت سنواتها بالوحدة والغربة والالام والانتظار المرّ , الانثى التي للان يحتفظ بعذريتها المشلولة في وضح النهار . وتختتم الشاعرة : ميسرة هاشم هذا التصريح الايروسي العذب المشبع بالهيام والعشق والجنون .. هي مسافة نسيان تثور بين المدن الرمادية وترى العالم يضحك أوتوماتكيا في أطباق تشدها على صدرها وتترك أحمر الشفاه يمطر المحفوظة من دمائنا .. هذا الشغف والشبق الانثوي العنيف على شكل دفقات روحية معذّبة دبّ في مدنها الرمادية اليأس والجدب والأنطفاء بعدما كان مشعّا بالحيوية والنشاط والرغبة الجامحة . فماأقسى ان يتحول الجسد المضيء باللذّة والجمال الى ما يشبه الرماد ..!! . وكأنّ /أنثى الماء والنار / أسطوية هذه الأنثى الزاخرة بالحياة والنشاط والجمال لابدّ لها من الاحتراق والموت والفناء بسبب عنجهية الرجل الممتلىء بالغباء والطيش واللامبالاة لكل هذه الحياة الانثوية الزاخرة بالتدفق والجمال .
انّ الشاعرة : ميسرة هاشم .. شاعرة يجب الالتفات الى صوتها الصارخ والانتباه الى كتابتها التي نريد لها الانطفاء بل الاستمرارية الذكية والواعية والخصبة , انّ لغتها السردية التعبيرية لغة حيّة متجددة تمتلك من العطاء والجمال الشيء الكثير .
النصّ :
تعال قربي ولا ترني .. بقلم : ميسرة هاشم //أنثى الماء والنار
كيف أخلع تلك الملامسة لجسدي أحب لونها الأبيض المسروق سلفاً من غيمةٍ كانت تتسارع لقذف مائها اللزج على حلمات تحك رأسها بيديك هي تتعلم أكثر مني تستطيع كشف سائلها أمام المارة وعلى قضيب الكهرباء كانت تختزن شحنات الطفولة في ألبوم انعكاس الضوء هي تشبهك في خطوات السعادة الغائبة ، هي القصيرة بكعبها الذي يثقب المدن المتلازمة بالشخصيات الخيالية ، المعمعة التي تركت كلماتها سارحة تصدأ على سكة القطارات ، هي التي تقلب مؤخرة العطور وتجعلني مدمنة على لسانك الذي يتدفق بصور الكتب المعروضة للبيع ، أيها الأبكم في رعشة تجلس بين اللوحات المرسومة في عمق سوادها، تلقي رسائلنا في البحر وتقول إن الشواطئ تحرسها القناديل ، هي لا تدرك التضرعات الخائبة لا تدرك السيلان المتأخر الذي يزين الساعات بالسرير وينام على ظهري في خطواته الرفيعة وينكسر ، هي اللذة العبثية التي سقطت بقوارير نصف امرأة نصف عقل نصف ما نترجاه من الحقيقية هي الأشياء التي لأ أعرفها في نوبات أغنية كانت تسكب أصابتها في حبات البرتقال وتترك شحناتها المفضلة عند ماكنات القهوة ليأتي الفنجان بيننا على شاكلة فيلً أزرق يحمل المر من نساء ما بعد الأربعين اللواتي يكدسن بالوحدة عذرية الغشاء المصنوع من نجمةً مشلولةً تقول انا ضوء النهار ، هي مسافة نسيان تثور بين المدن الرمادية وترى العالم يضحك أوتوماتكيا في أطباق تشدها على صدرها وتترك أحمر الشفاه يمطر المحفوظة من دمائنا .