قرات التعليق على مسرحية وكر الأفاعي والدفين الذي كتبه الناقد المسرحي أحمد هاشم، ولا يسعني إلا أن أشكر جهوده في التغلغل في أعماق النصين، وأثمّن ملاحظاته القيمة، والتي تدل على سعة اطلاعه وثقافته المسرحية.
الغرائبية في الكتابة والرمزية. يلجآ اليها الكاتب كما آشار في تعليقه هربا من الرقابة بأنواعها، ولكن أحيانا، وهذا الأهم أن يلجأ إليها الكاتب كأسلوب فني يضفي على العمل جمالا ويثريه بما لا يستطيعه النص المباشر، ولا أرى بأسا من إعمال الفكر لفك الرموز وهي رياضة فكرية ممتعة، أما قابلية النص للتأويل، فإنها تُحسب له لا عليه، والتأويل أحيانا يثري النص الذي لم يكن الكاتب – كما تفضل الأستاذ الناقد وقال- قد رمى إليه أو عناه، والمنطقية في استخدام الرمز ليست بالضرورة شرطا لنتيجة حتمية، وعلى سبيل المثال رواية المسخ لكافكا الذي جعل بطل روايته يتحول إلى مسخ على شكل حشرة كبيرة، ومع استغرابنا لهذا الاختيار الذي قلب كيان ذلك الإنسي إلا أن استمرارنا قراءة الرواية جعلنا نُخضعها للمنطق .
المنطق كان مفقودا في بداية الرواية التي واجهتنا بصدمة غير متوقعة. وهناك أيضا مسرحية الطعام لكل فم للأديب الكبير توفيق الحكيم، الذي آضفى أجواء غرائبية في بناء مسرحيته ومتابعة شخوصها من خلال حائط تسرب إليه الماء من سطح الجيران، ومع دهشتنا لخيال الأديب، إلا أننا نندمج مع آحداث المسرحية، ونجدها تلقائيا تخضع للمنطق الذي خطه الحكيم لمسرحيته. وكذلك مسرحية مصير صرصار للحكيم أيضا، والأمثلة كثيرة في هذا المجال.
لا أقول هذا دفعا عن نصي فالكاتب يكتب ولا يكون نتاجه حكرا عليه، وعندما يُنشر النص يصبح ملكا لقارئه، أنا فقط أعبر عن رأيي الشخصي في استخدام الرمز، وأترك للقراء قابلية نقده وتفكيكه وتشريحه. وفي النهاية أجترىء، وأقول: إني لا أحب استخدام الرمز المُستغلق غير المفهوم، على الرمز أن يكون غلاف فنيا يضفي الألق وليس الغموض.
أشكر الناقد أحمد هاشم مرة أخرى على قراءته التحليلية، أما بالنسبة للدفين آحترم رأيه فيه وأثمنه. أخيرا أكرر شكري للناقد لهذه القراءة الغنية والمميزة والله ولي التوفيق.