شموع الأنوثة/ بقلم:محمد مجيد حسين

من خلال الخطاب الجمالي للشاعرة سلمى حداد.. العقل الرافض لكيمياء الرغبات الحسية في عصر سطوة الرقمنة على مفاصل الحياة وتكوين الرأي العام الذي بدوره يُفعل الرغبات العقلية والجسدية لدى الأفراد على حساب المنظومة الحسية. الإبداع يتبوأ شرفة المشهد المضاد للريح،التي ترفض الانحسار الكلي للمنظومة الحسية في مواجهة القوانين التي ينتجها العقل عبر ثورات علمية خَلقت للكائن البشري أجواءً دقيقةً ولكنها مشروطة بعبوديةٍ شبه طوعية، لكنها لم تمنح التفاعلات الحسية غير المشروطة، مساحاتٍ يمكنها العيش فيها من خلال نظام ضريبي صارم، وتم توسيع متطلبات العصر وخَلق حقول من الألغام تدخلها معظم الشرائح الاجتماعية ويمكن تسميتها بالعبودية الطوعية.
ولنأخذ نموذجاُ إبداعياً للشاعرة السورية المائزة سلمى حداد من خلال هذه الشذرة:
” يا لهشاشتي بين يديكَ
أغدو قمحاً
بيدراً
مطراً
وغريقاً!!!!!”
هنا تتجاوز الشاعرة الإطار التقليدي للتفاعل مع الحبيب بل تعود إلى عصر العفوية والأنوثة والرومانسية التي كانت مثل الشموع تنير القلوب.
“يا لهشاشتي بين يديكَ”
هنا تتخلص الشاعرة من جزء مؤلم من نظام الفردانية التي تحد من نسبة التفاعل مع الحبيب للوصول إلى أعماق اللذة عبر أجواء الكينونة، وتفضل أن تكون في عرين الهشاشة مع الحبيب على أن تبقى محصنة في قوالب العقل التي تحصرُ مساحات المنظومة الحسية في جوهر الذات الإنسانية. وتكمل:
” اغدو قمحاَ
بيدراً
مطراً
وغريقاً!!!”
أي أنها تفضل أن تكون مع الحبيب بكل السبل، فقد تكون “قمحاً، بيدراً، مطراً، وحتى غريقاً!!”
هي ترغب أن تكون مع حبيبها بكل الأحوال.. هنا تكسر الشاعرة سلمى حداد معظم الحواجز ضاربة بنظام الفردانية عرض الحائط على دروب البحث عن كنوز اللذة البيضاء في عمق بؤر الكينونة.
نستطيع أن نستسيغ من خلال هذا النص القصير أهمية الكيمياء العميقة عبر التحليق في فضاءات اللذة البيضاء حتى أعلى درجة في سلم الممكنات.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!