عندما ولد محمد فتحي المقداد في بصرى الشام أقسم أهل بصرى بأن الحارث ملك الأنباط فرح لمولده.. وأعدت الموائد وأقيمت الأفراح.. ذلك ما حدثتني به الحاجة منيفة جدته لأبيه التي التقيتها خارجة من الحمامات الرومانية هناك متوجهة لصلاة العصر في مسجد بصرى.
وبعد الصلاة وحلقة الذكر قامت إحدى المتفقهات بتذكير النساء بقيمة استشارة الزوج حتى في خروجها للمسجد .. وقبل أن يؤذن شيخ المسجد لصلاة المغرب سألت الحاجة منيفة زوجها أن يأذن لها بصلاة المغرب في المسجد.. تفاجأ الحاج محمد من سؤلها وهي العجوز التي تطوف بيوت القرية ومسجدها.. ومن هول المفاجأة قال لها الحاج محمد «صلي بالمسجد الأموي» فضحكت بصرى كلها من تلك الدعابة.
فتحي المقداد.. هكذا أحب أن أناديه وأحيانا أناديه بكنيته «أبو هاشم» ولكن لم يخطر ببالي أن أناديه البصري مع أني أناديه كثيرا بالحوراني وهو الذي يصر دائما أن ينادي «أستاذ» ربما لأني علمت الصبيان في المدارس وأدبتهم وربيتهم حتى أصبحوا بمقام أبنائي ومع هذا يناديني «أبو حمزة» وأحياني يناديني بالحوراني فكلانا ننتسب لهذه الأرض الطيبة التي كان شيخها ومفتيها أحد جدودي الشيخ عبدالرحمن الطيبي الذي سكن طفس.
سادتي القضاة ها أنا أتقدم لكم بشهادة ملفقة حول موكلي الذي ذرع الأرض في ليبيا والإمارات واستقر به المقام في الكرك بعد أن خط طريقه إلى الزعتري برواية تفتح مغاليق الحكاية لكن أم الخنافس تمثلت أحد أحلامة وامتشقت قلمه لترسم نفسها مجتمعا مصغرا عن المجتمع السوري في رواية لاقت نصيبها من الحضور الثقافي حيث كانت إربد «الداية» التي تلقت روايته في حفل توقيع بهيج في جاليري أرب آرت فتملحت روايته ما أن أبصرت النور بكلمات ومداخلات وشهادات إبداعية ودراسات نقدية لم يداخلها التلفيق ولا التزوير بل نبعت حبا وفرحا في قلوب حورانية فرحت بوالدة فارس وروائي مع أن العرب كانت تفرح لولادة فارس أو شاعر في القبيلة وكانت القبائل تفتخر بشعرائعها حتى أن قريشا كانت ترى نفسها أقل شأنا إذ لم يكن فيهم شاعر فحل حتى ولد عمر ابن أبي ربيعة يوم مقتل عمر بن الخطاب.. فقالت العرب: «أي حق رفع وأي باطل رفع» من وقتها ونحن نحتفل بحوران بولادة روائي.
درعا التي احتفلت بالعديد من الشعراء لم تحتفل إلا بالمقداد روائيا ومحمد الحفري إبن قرية (معرية) الصغيرة في القنيطرة على حدود الجولان التي اتخذتها قوات الأمم المتحدة مقرا لها ولم يذكرها التاريخ ولم تعرفها الجغرافيا لولا ذلك العلم الذي رفرف فاستوحى منه الروائي السوري الحوراني محمد الحفري رواية العلم التي لم أقرأها بعد رغم حث فتحي المقداد لي على قراءتها لكني لم أفعل بعد وأنا الذي زرت سعسع والقنيطرة والمعرية وشاهدت السياج العازل البسيط الذي يفصل بين السهل والجبل فهل كنت شاهدا على العتمة حينذاك.. والسؤال يلاحقني ما الذي منعك أن تخترق السياج وتقبل العلم الذي قبله محمد الحفري.
كيف لي أن أكون شاهدا رغم الدعوة الالهية بقوله تعالى: «لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا» فهل نحن الأمة الوسطا الذي ذكرها رب العزة في محكم تنزيلة .. ومع هذا كيف لي أن أشهد الزور وأنا لم أر أو أسمع إلا القليل..فهل تقبلون شهادي سادتي القضاة وهنا أتذكر الحديث الشريف «القضاة ثلاث واحد في الجنة وإثنان في النار» وقد ورد في القرآن «شاهد من أهله وشاهد من أهلها» فلست يوسف وليس هو يوسف وليس بيننا امرأة العزيز لألفق شهادة رائعة كما لفقها فتحي المقداد القاص والروائي والكاتب والباحث في مقالاته مجمعا اللغة والتاريخ والسياسة والدين في أسلوب جديد طور فيه المقالة لتلبس ثوب الجدة والابداع كما ألبس الحريري ثوب التجديد في مقاماته والجاحظ في كتاب البخلاء.
أبدعت صديقي في شهادتك التي ناطحت بها التاريخ منذ الحارث ملك الأنباط حتى تخوم الأرض المحتلة، ونقلتني بصورة سحرية إلى درجات عشر لا زلت أذكرهن في قرية ” معربه ” وحقول حاولت فيها الحصاد على مقربة من ” طفس ” حتى إنك لم تترك شاشة أم الطنافس إلا وقد أضأتها في الذاكرة كوميديا ونراجيديا .. احترامي وتقديري
هناك بعض الهنات أو التراكيب اللغوية التي لم أتفق معك في استخدامها وأرى أنها أضعفت النص خصوصا بالنسبة لمن لا يعرفون تلك الأماكن
لم نصبت ” الوسطا ” في عبارة : فهل نحن الأمة الوسطا ؟
شكرا جزيلا لهذه الكلمات الجميلة
باقات ورد الاستاذ عصام الأشقر
الشكر لكم أيها العزيز محمد صوالحه بآفاقكم الحرة ، وصديقي الشاعر الناقد .. والشاهد عبدالرحيم جداية ..