كمال محمود علي اليماني
عن دار الوفاق للدراسات والنشر صدر في العام 2015م كتاب (( عدن في عيون الكتّاب والشعراء)) إشراف وتحرير وتقديم أ .د . أحمد علي الهمداني ، مراجعة وقراءة د. سالم عبد الرب السلفي ، ويقع الكتاب في 700 صفحة من المقاس الكبير . ، ويضم بين غلافيه عدداً من الدراسات والقصائد .
الكتاب قسّمه أ.د. أحمد علي الهمداني إلى قسمين رئيسيين ، أولهما للدرسات ، والثاني للقصائد ، ثم عمد إلى القسم الثاني ، فوزع القصائد في ثلاث مجموعات ، ضمت المجموعة الأولى قصائد بيتيه في الشعر الوسيط والقديم ، وضمت الثانية قصائد بيتيه في الشعر الحديث والمعاصر ، أما المجموعة الثالثة فلقد خصصها للقصائد السطرية ، كما أسماها أ.د. الهمداني في الشعر الحديث والمعاصر ، وهي القصائد المنسوجة على المنوال التفعيلي أو الحر .
قسم الدراسات حوى سبع دراسات تفاوتت في عدد صفحاتها ، وفي عمق تفاصيلها ، وفي موضوعاتها وإن كانت كلها متعلقة بعدن ، لكن دراستي أ.د. أحمد علي الهمداني كانت هما ألأكثر طولا ، والأغزر عمقا ، فلقد جاءتا في نحو مائة صفحة ، احسب أنهما تستحقان أن يفرد لهما كتابٌ خاصٌ بهما ليكونا في متناول المثقف أينما كان ، بما لايوجب عليه شراء الكتاب كاملا إن عنَّ له الاطلاع عليهما والإفادة منهما .
الدراستان تناولتا بكثير من التفصيل الجانب الريادي لمدينة عدن ، على المستويين الثقافي والإبداعي ،واستعرضتا نشاط بعض الشخصيات الريادية كالأستاذ الراحل رائد التنوير في عدن المحامي محمد علي لقمان وغيره ومن الرواد ، وتطرقت إلى عدد من الأنشطة الثقافية والأدبية كالأندية والمنتديات الثقافية التي شهدتها عدن في اربعينيات القرن الفائت ، وماتلاها من عقود إلى ماقبل الحكم الشمولي ،وتطرقت إيضا إلى الصحف والمجلات الصادرة آنذاك ، ودور المكتبات ودور الطباعة في تلكم النهضة التي شهدتها عدن .
أخذت الدراسات حيزاً يصل إلى 260 صفحة ، أي مايزيد قليلا عن ثلث لكتاب ، وحظيت القصائد الشعرية بالثلثين الباقيين ، ولاغرابة ، فالشعر ديوان العرب ، وهل نحن إلا عربا.
معظم القصائد ، بل كل القصائد المنشورة جعلت عدن محوراً لها ، أعني أن الشاعر قد صاغ ابيات قصيدته محاوراً عدن أو مغازلاً لها أو متحدثاً عنها وعن علاقةٍ وشيجةٍ جمعت بينهما ، إن وجدانياً أو مكانياً ، خلا النزر اليسير من القصائد التي جاءت على غير ذلك الغرار ، إذ ورد ذكر عدن فيها بصورة عارضة ، ولم تكن هي محور القصيدة ، كما في قصيدة أحمد شوقي في رثاء سيف الإسلام محمد بن يحي حميد الدين ، أو كما في قصيدة حافظ إبراهيم في تهنئة عبدالحليم عاصم باشا ، ، ولعل أ.د الهمداني قد سعى لأن يضمّن كتابه كل القصائد التي أتى ذكر عدن فيها ، ليكون الكتاب توثيقياً ومرجعا بحثياً لكل من أن أراد أن يدرس عدن في الشعر العربي قديمه وحديثه ، أعني أنه قد جاء بكل قصيدة وقع عليها ليسهل على من وراءه مهمة البحث ، وييسر عليه العناء .
الكتاب كما يبدو جلياً للقارىء لاسيما في قسمه الشعري ،قد أخذ من أ. د أحمد علي الهمداني وقتاً وجهداً لايستهان بهما ، فليس من السهل أن تتبع كل ما كتب عن عدن من الشعر من العصر الجاهلي وحتى العصر الحديث ، خاصة إذا علمنا أنها خطوة لم تستند إلى سابقة لها ، وإذا كانت الشبكة العنكبوتية توفر على الباحث الشيء الكثير من الوقت والجهد ، إلا أنني أزعم أنها لم تكن ذات نفع كبير مع هذا الكتاب ، وحسبكم أن تعرفوا أنني قد قمت بمغازلة الشبكة كي تمدني بما يروي الغليل بهذا الصدد ، فما عدت إلا ظمئاً.
عدن في عيون الكتّاب والشعراء ، كتاب يتميز بالفرادة في مادته ، استطاع أ.د. الهمداني بجهد ٍ ذاتيٍ منه أن يطور ويضيف ، وأن يكمل ما اعتوره من نقص في طبعته الأولى التي اجتهد معه فيها ثلة من الأساتذة ، وصدر باسم (( عدن في عيون الشعراء )) عد جامعة عدن في العام 2005م ، وحتى تتضح لك صورة ما أعنيه من قولي جهد ذاتي ، فيكفي أن تعرف أن الكتاب في طبعته الأولى جاء في 450 صفحة ، أي أقل من الكتاب في طبعته الجديدة ب250 صفحة .
الكتاب إضافة جديدة وثرية إلى المكتبة العدنية واليمنية والعربية يضع بي يدي القارىء صورة جلية وواضحة عن المشهد الثقافي والأدبي الريادي والإبداعي لهذه المدينة الساحرة ، وما أحسب أن مكتبة أي مثقف يمكن أن تخلو منه.