فقئت عيناه فأبصر/ بقلم :محمد عبد الكريم يوسف

يعد الشاعر أبو النواس من أكثر الشعراء إثارة للجدل بين شعراء وأبناء عصره فهو الشاعر الذي أحدث ثورة في بناء وفلسفة القصيدة العربية التقليدية . هناك من يصنف الشاعر أبي النواس بالشاعر المجنون المعتوه الماجن المنغمس بالملذات والخمر والنساء، وهناك من يصفه بشاعر الحكمة والتأمل والرسائل الفلسفية المبطنة داخل تفاصيل أبياته . وبين هؤلاء وأولئك تضيع الحقيقة . 

أبو نُواس ، الحسن بن هانئ شاعر عربي من أصول فارسية. يعتبر من كبار شعراء الثورة التجديدية في العهد العباسي  حيث ابتكر في شعره قيمًا جديدة مقابل القديمة وابتكر قيم المدينة والحياة المدنيّة مقابل حياة البداوة.  وُلد أبو نواس في الأهواز ونشأ في البصرة  ثم انتقل إلى بغداد واتّصل بالبرامكة وآل الربيع ومدحهم, واتصل بالرشيد والأمين. وقد توفي في بغداد عام 813م. يعكس شعر أبي نواس صورة نفسه  وبيئته و تحررها  فكان أبو نواس شاعر التغيير والثورة والتجديد  والتصوير الفنّي الرائع  وشاعر خمرة غير منازع.  ثار أبو نواس على التقاليد العربيّة والدينيّة  ورأى في الخمرة شخصًا حيّاً يُعشق, وآلهة تُعبد وتُكرم،  فانقطع ظاهريا لها وجعل حياته خمرةً وسَكْرة في موكب من الخلان والألحان.  وهكذا كان أبو نواس زعيم شعر الخمرة عند العرب.  كان زعيم التجديد الشعري بعد بشّار بن برد ، فخرج بالشعر من أعتاب الملوك ، وزجّه في لجة الحياة والواقع. كان شاعرنا رجل ثورة تحررية كبرى و ثقافة واسعة  وشذوذ جريء لم يسبقه إليها أحد، ينكر الحياة ويتنكر لكل اقتصاد في تطلّب متع الحياة. كان شاعر الملاحظة الدقيقة والفطنة والملاحة والإحساس العنيف  و الهجر و الشكوى . 

تتلمذ أبو نواس على أيدي أئمة البصرة ويصف في قصائد عديدة عمق إيمانه المطلق بالباري عز وجل  يقول في القصيدة التالية مستغفراً : 

إلهنـا مـا أعدلـك
مليك كـل من ملـك
لبيك قـد لبيت لـك
لبيك إن الحمـد لـك
والملك لا شريك لـك
ما خاب عبد سـألك
لبيك إن الحمـد لـك
أنت لـه حيث سلـك
لولاك يا رب هلـك
لبيك إن الحمـد لـك
والملك لا شريك لـك
والليل لما إن حلـك
والسابحات في الفلـك
على مجاري المُنسلك

ويقول في مكان آخر في حالة تضرع فريدة لله عز وجل :

يا رَبَّ إن عَظُمَت ذنوبي كثيرة  فلقد عَلِمتُ بِانَّ عُفوك أعظَمُ

إن کانَ لا يرجُوك الا مُحسِنٌ  ممَن يَلُوذُ و يستجِيرُ المُجرِمُ؟

أَدعوك رَبِّ کما أمَرتَ تَضَرُّعاً  فإذا رَدَدتَ يَدَي فَمَن ذا يرحَمُ

ما لي إليك وسيلهٌ الاّ الرَّجا  و جميلٌ عَفوِك ثُمَّ أنّي مُسلِمُ. 

وفي القصيدة التالية يظهر أبو النواس شاعرا عبقريا فذا لا يدانيه في الملكة الشعرية شاعر آخر إذ يستطيع القارئ أن يترصد طبقتين في فهم الشاعر، الطبقة السطحية التي تهم القارئ العادي والطبقة العميقة المتضمنة والتي توصل للقارئ المتعمق الرسالة الحقيقة لشعر أبي النواس، فهي مليئة بالإشارات الدينية واليقين بالله تعالى وقدرته ، يقول: 

وَفِـتيَةٍ كَمَصابيحِ الـدُجى غُـرَرٍ      شُمُّ الأُنوفِ مِـنَ الصيدِ المَصاليتِ

صالوا عَلى الدَهرِ بِاللَهوِ الَّذي وَصَلوا      فَلَيسَ حَبلُهُمُ مـِنهُ بِمَـبتوتِ

دارَ الزَمانُ بِأَفلاكِ السـعودِ لَهُم      وَعاجَ يَحنو عَلَيهِم عاطِفَ الـليتِ

نادَمتُهُم قَــرقَفَ الإِسفَنطِ صـافِيَة      مَشمـولَةً سُبيـَت مِـن خَمرِ تِـكريتِ

مِنَ الــلَواتي خَطَبنـاها عــَـلى عَـجَــلٍ      لَمّـا عَجَجـنا برَبّـاتِ الحَـوانيتِ

في فَيلَــقٍ لِـلدُجـى كَاليَـمِّ مُــلتَـطِــمٍ       طامٍ يَحــارُ بِـهِ مِــن هَــولِهِ النـوتي

إِذا بِــكافِرَةٍ شَـمـطــاءَ قَـد بَــرَزَت      في زَيِّ مُختَشِعٍ لِلَّهِ زِمّــيتِ

 تنمي إلى محتد الكفارِ في نسبٍ      أهـل الصـوامع عـبّاد الـطواغـيت

قالَـت مَــنِ القَومُ ؟ قُـلــنا مَن عَرَفتِهُمُ      مِن كُلِّ سَمحٍ بِفَرطِ الجودِ مَنعوتِ

حَـلّوا بـِدارِكِ مُجتـازينَ فَاِغـتَنِـمـي      بَذلَ الكِرامِ وَقولي كَيفَما شيتِ

 فَقَد ظَفِرتِ بِـصَفوِ العَيـشِ غــانِـمَةً      كَغُنمِ داؤودَ مِن أَسـلابِ جالوتِ

فَاحـيَيْ بِـربْحِهِم فــي ظِلِّ مَكـرُمَةٍ      حَتّى إِذا اِرتَحَلوا عَن دارِكُم موتي

قالَـت فَعِـندي الَّـذي تَبــغونَ فَاِنتَظِروا      عِندَ الصَباحِ فَقُلنا بَل بِها إيتي

هِيَ الصَـباحُ يُجلّي الليلُ صفوَتَها      إِذا ارَتـمَـتْ بِـشـِرارٍ كَاليَـواقـيتِ

رَمْيَ المَلائِكَةِ الرُصّادِ إِذ رَجَمَتْ      في اللَيلِ بِالنَجمِ مُرّادَ العَفاريتِ

فَأَقبلَت كَضِياءِ الشَـمـسِ بَازِغَةً      في الكَأسِ مِن بَينِ دامي الخَصرِ مَنكوتِ

قُلنا لَها كَـم لَها فـي الدَنِّ إذ حُجِبَت      قالَت قَدِ اتّـخِذَت مِن عَهدِ طالوتِ

كانَت مُخَبَّأَةً فـي الـدَنِّ قـَد عَنَسَت      في الأَرضِ مَدفونَةً في بَطنِ تابوتِ

فَــقَد أُتيتُم بها مِـن كُـنهِ مَعدِنِها      فَحاذِروا أَخذَها في الكَأسِ بِالقوتِ

تُهـدي إلى الشَربِ طيباً عِــندَ نَكهَتِها      كَنَفحِ مِسكٍ فَتيقِ الفأرِ مَـفتوتِ

كَأَنَّها بِــزُلالِ المُزنِ إِذ مُزِجَـت      شِباكُ دُرٍّ عَلى ديباجِ يــــاقوتِ

يُـديرُها قَمَرٌ في طـرفِهِ حَـوَرٌ      كَأَنَّما اشتُقَّ مِنهُ سِحرُ هاروتِ

وَعِنــدَنا ضارِبٌ يَشدو فَيُـطرِبُنا      يا دارَ هــِندَ بِـذاتِ الـجِزعِ حُيِّيتِ

إِلَيهِ أَلحاظُنا تُثنى أَعِـنّـتـُها      فَلَـو تَرانا إِلَيـهِ كَالمَباهــيتِ

مِن أَهلِ هيت سَخِيُّ الجُرمِ ذي أَدَبٍ      لَهُ أَقــولُ مِزاحاً هاتِ يا هـيتي

فَيَبتدي بِصحـيحِ اللفظ عـن نَغَمٍ      مُثَقَّفاتٍ فَصيحاتٍ بِتَـثبـيتِ

حَتّى إِذا فلــكُ الأَوتارِ دارَ بِـنا      مَعَ الطبولِ ظَلِلْنـا كَالـمسابيتِ

نُـزْهى بِها فــي حَديقاتٍ مُلَفَّـفَـةٍ      بِالزَندِ وَالطَلحِ وَالرُمّانِ وَالتوتِ

 تُلهيكَ أَطيارُها عـن كُلِّ مُلـهِـيَةٍ      إِذا تَرَنَّمَ في تَرجيعِ تَصويتِ

سُـقـيـا لـــــذلك دهـــرًا بـــان منفرطًا      محبّبًا لم يكن عندي بممقوتِ

لَـم يَثْـنني اللَهوُ عَــن غِشــيانِ مَــورِدِها      وَلَم أَكُن عَن دَواعيها بِصِمّيتِ

حَـتّـى إِذا الشَيبُ فاجأني بِـطَـلـَـتِهِ      أَقبِحْ بِطَلعَةِ شَيبٍ غَيرِ مَبخوتِ

عِـندَ الغَواني إِذا أَبــصَرنَ طَلـعَتَهُ      آذَنَ بِالصَرمِ مِن وِدٍّ وَتَشتيتِ

 فَقَد نَدِمـتُ عَلى مــا كـانَ مِن خطأ      وَمِن إِضاعَةِ مَكتوبِ المَواقيتِ

أَدعوكَ سُبحانَكَ اللَهُمَّ فَاعْفُ كَما      عَفَوتَ يا ذا العُلى عَن صاحِبِ الحوتِ

يحكى أن أبا النواس  كان شاعر النباهة والذكاء والفطنة والحكايات مع الخلفاء والقادة والجواري والعامة تشهد له بباع طويل في النكتة الشعرية الهزلية التي تضعه في موقع فريد في الثقافة العربية والإسلامية . يحكى أنه  بينما كان الخليفة هارون الرشيد في مجلسه وعن يمينه ويساره الوزراء والعظماء وأصحاب الرأي،  دخل عليه حاجبه معلناً قدوم أبي نواس .

فقال الخليفة : دعه ينتظر قليلا. 

ثم نظر الى جلسائه وقال : هذه فرصة سانحة نضحك فيها على أبي نواس ويجب أن أستحضر لكل منكم بيضة تخبؤونها في طيات ثيابكم ، حتى إذا دخل أبو نواس ، يتكلم كل واحد منكم بكلام فيتكلم أحدكم كلمة أغضب عليكم عند سماعها ، وأقول : يا لكم من ضعاف مثل الفراخ ، تالله إذا لم تفعلوا مثل الدجاج ويبيض كل منكم بيضة لأقطعن رقابكم. 

قالوا : سمعاً وطاعة يا أمير المؤمنين.

 
وعندئذ طلب الخليفة الحاجب وقال له : اذهب فأحضر ست بيضات ، ولا تدع أحداً يراك ، وخاصة أبي نواس ، فخرج الحاجب   ثم عاد منفذا أمر الخليفة وأعطى لكل من الجالسين بيضة خبأها بين طيات ثيابه،  وجلسوا ينتظرون دخول الشاعر .

دخل أبو نواس فسلم على أمير المؤمنين سلام الخلافة فأظهر الرشيد انتباهه الى حديث جلسائه ونطق أحدهم بكلمة غضب منها الرشيد غضبا شديدا فصاح بهم : ويحكم أيها الجبناء أنكم مثل الدجاج ، ولا أجد فرقا بينكم وبينها ، والله ان لم يبيض كل منكم بيضة لأقطعن رقابكم.

فأظهروا الاضطراب والخوف ، وأخذوا يفعلون كما تفعل الدجاجات ، وبعد قليل مد الأول منهم يده إلى مؤخرته ، فأخرج بيضة وقال: ها هي بيضتي يا أمير المؤمنين
وأعقبه الثاني والثالث حتى وصل إلى السادس ، وكان الخليفة يقول لكل من يقدم بيضه : قد نجوت.


ولما جاء دور أبي نواس وقف على قدميه ومشى حتى توسط الجميع ، وصار أمام الخليفة وجها لوجه ، ثم صار يقول: كاك ، كاك ، كاك ، كما يفعل الديك بين زوجاته الدجاجات ، ثم ضرب ابطيه على بعضهما ، وصاح بأعلى صوته كما يفعل الديك تماما ، وقال كوكو ، كوكو.


فقال الخليفة: ما هذا يا أبو نواس؟ 

فقال أبو نواس : عجباً يا أمير المؤمنين ، هل رأيت دجاجاً تبيض من غير ديك ، هؤلاء دجاجاتك وأنا ديكهم.

فضحك الخليفة حتى كاد يسقط عن كرسيه. 

وقال له : يا لك من خبيث ماكر ، تالله لولم تكن فعلت ذلك لعاقبتك .
ثم أمر له بهدية ومال معجبا بذكائه .

و يحكى  أنه ذات يوم اجتمع الشعراء الثلاثة أبو نواس ودعبل الخزاعي وأبو العتاهية في مجلس من مجالس الطرب فأقاموا فيه ثلاثة أيام ، فلمّا كان اليوم الرابع انصرفوا يريدون العودة إلى منازلهم .

قال أبو العتاهية عند من نكون اليوم ؟ 

أجاب أبو نواس: في كل منا فضيلة، فهيّا نمتحن قرائحنا في الشعر فمن فاق أخوته كنا عنده . 

وبينما هم يتحدثون أقبلت فتاة حسناء محلاة بالحليّ الثمين والجواهر الغالية تهتزُّ دلالاً و ليس بها من عيب كأنها تبرأت من العلل والنقائص وكانت ترتدي ثلاثة أثواب من الحرير كل واحد أقصر من الأخر فالأعلى أبيض والأوسط  أسود والأسفل  أحمر . 

قال أبو النواس: الحمد لله الذي فتح لنا بهذا فليقل كل منا شعرا في أثوابها  : 

أنشد أبو العتاهية في الثوب الأبيض:


تبدي في ثياب من بياض بأجفان وألحاظ مراضِ
فقلتُ له: عبرت ولم تسلم وإني منك بالتسليم راضِ
تبارك من كسا خديك ورداً وقدك ميل أغصان الرياضِ
فقال نعم كساني الله حسنا ويخلق ما يشاء بلا اعتراضِ
فثوبي مثل ثغري مثل نحري   بياضٌ في بياضٍ في بياضِ

أما  دعبل فأنشد في الثوب الأسود قائلا: 

تبدي في السواد فقلت بدراً تجلى في الظلام على العبادِ
فقلتُ له: عبرت ولم تسلم وأشمت الحسود مع الأعادي
تبارك من كسا خديك ورداً مدى الأيام دام بلا نفاذِ
فقال: نعم كساني الله حُسناً ويخلق ما يشاء بلا عنادِ
فثوبك مثل شعرك مثل حظي سوادٌ في سوادٍ في سواد

وقال أبو نواس في الثوب الأحمر شعرا جميلا :


تبدى في قميص الورد يسعى عذولي لا يلقب بالحبيب
فقلت من التعجب كيف هذا لقد أقبلت في زيٍ عجيب
أحمرة وجنتيك كستك هذا أم أنت صبغته بدم القلوب
فقال: الشمس أهدت لي قميصا قريب اللون من شفق الغروب
فثوبي والمدام ولون خدي قريبٌ من قريبٍ من قريب

ولما فرغوا من إنشادهم والجارية تصغي إليهم اقتربت منهم وقالت السلام عليكم فردوا عليها السلام بحفاوة وإجلال .

قالت لهم لا بد من وقوفي على أمركم واطلاعي على أحوالكم لأعرف من أنتم وكيف انتهى بكم الحال إلى آخر ما سمعت من إنشادكم فاخبروها القصة فقالت لقد أجاد صاحبكم وأشارت إلى أبي النواس. 

ويحكى أن الخليفة الأمين مرةً اختبر أبا نواس فقال له : يا أبا نواس هل تصنع شعرا لا قافية له ؟

قال أبو نواس :نعم ، و صنع من فوره ارتجالَا 

ولقد قلتُ للمليحة قُولي من بعيدٍ لمن يُحبكِ (مُچْ مُچ(
وما بين القوسين هو صوت القُبلة.

فأشارت بمعصمٍ ثم قالت من بعيدٍ خلاف قولي (نُچْ نُچْ)
وما بين القوسين هو صوت الامتناع والرفض بمعنى لا لا.

فتأملتُ ساعةً ثم إني قلتُ للبغل عند ذلك ( چُچ چُچْ )
وما بين القوسين هو صوت زجر البغل ليتحرك ويمشي

فتعجب جميع من حضر المجلس من حسن نظمه وجمال شعره فوصله الأمين وأجزل له العطاء  .

ويُروى مما كان بينه وبين هارون الرشيد أنه دخل عليه ذات مرة فانشغل عنه الرشيد بجارية فُتن بها اسمها “خالصة” ، ورآه أبو نواس يهدي إليها عقدًا، فانصرف غاضبًا وكتب على باب القصر:

لقد ضاع شعري على بابكم  كما ضاع عقد على خالصة

علمت الجارية بما كتبه الشاعر، وحين أتى إليها الرشيد وجدها تبكي، وذكرت له ما كان، فغضب الرشيد وأرسل في طلب أبي نواس الذي علم بما ينتظره فذهب في طريقه يقص حرفين في القصيدة لتصبح:

لقد ضاء شعري على بابكم  كما ضاء عقد على خالصة

وهكذا راح يقول البيت للخليفة الذي كافأه ببعض المال  وقد علم بما كان لكنه كافأه على حكمة التصرف. وكان هارون الرشيد ذكيا فطنا مثقفا فقال لمن حوله ” هذا بيت فقئت عيناه فأبصر ” . 

محبتي لكم 

 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!