قراءة في كتاب (دفاعا عن حقوق المرأة) للكاتبة ماري وولستونكرافت

بين اللغة الواضحة العقلانية واللغة العاطفية

كتبت :اسمهان حطاب

في بداية المجتمع عندما كان الرجال بالكاد يخرجون من البربرية،كان للرؤساء والكهنة، الذين يلبسون اقوى ينابيع السلوك الوحشي،الامل والخوف،نفوذ غير محدود.وكانت الارستقراطية هي بطبيعة الحال الشكل الاول للحكومة.لكن سرعان مافقدت المصالح المتضاربة توازنها،  ولد النظام الملكي والكهنوت من وسط هذه الصراعات الطموحة،وارسى كل منهما ملكيته الاقطاعية خلال فترات حكم اقطاعية.وهذا اصل السلطة الملكية والكنيسة وفجر الحضارة،يشعر المرء ان العرش والمذبح الغيوران من بعضهما البعض،لايمكن ان يبقيا في سلام لفترة طويلة، فضلا عن ذلك فأنهمايسعيان بالفطرة الى الغزو،كان من نتاج حروب خارجية وانتفاضات داخلية ان اكتسبت الشعوب بعض القوة التي اجبرت حكمها على التستر على ممارستهم للاضطهاد بمظهر الحق. بينما وسعت الحروب والزراعة والتجارة والادب من العقول،اضطر الطغاة الى جعل الفساد المستتر يمسك بالسلطة التي انتزعت سابقا بالقوة المفتوحة.
ان الرغبة في الهيمنة على الاخرين هو الذي جعل من تقدم الحضارة محنة،ويقيد الذكاء لدرجة جعل الرجال الحساسين يشككون فيما اذا كان تطور قدراتنا الاخلاقية لاينتج عنه قدر اكبر من الخير او الشر.ان طبيعة السم تشير الى ترياقه،حيث ان روسو تقدم خطوات الى الامام واخترق جو البلاط الغامض الذي احتقره،واندفع الى الامام في تأسيس الحضارة الحقيقية،
تتعلم النساء منذ الطفولة،اما من خلال الدروس المعطاة لهن او من خلال نموذج الامهات،قليل من الدهاء ورقة الشخصية،والطاعة الخارجية،والاهتمام الدقيق باللياقة،كن يحصلن على حماية الرجل،واذا كن جميلات،فكل شيء اخر لاداعي له لمدة عشرين عاما من حياتهن.
يقول( بيكون)،:”ان الانسان مرتبط بجسده مع الوحوش،واذا لم تكن روحه مرتبطة بالله،فهو مخلوق وضيع وشرير”،
حيث ان الرجال يتصرفون بطريقة غير فلسفية ،عندما يريدون ابقاء سلوك النساء في حالة طفولة.في حين العناية الالهية تهدف الى اكتساب المرأة للفضائل الانسانية، والحصول بذكاء على استقرار الشخصية الذي هو اقوى اساس يمكن ان نبني عليه امالنا المستقبلية.
اتفق ( روسو)،(والدكتور غريغوري)،في وصف النساء بأنهن وحدهن شخصيات ضعيفة ومصطنعة ،بالتالي هن اعضاء اقل فائدة في المجتمع.هذه الاراء والكتب تحطم نصف الجنس البشري،وجعل المرأة مقبولة على حساب كل الفضائل الراسخة.
يرى روسو ان الرجل في مرحلة النضج يصل الى مرتبة النضج الروحي،في حين الرجل والمرأة وادا،بحيث تعتمد الاخيرة كليا على ذكاء الاخر.
المبدأ الاكثر اهمية هو النساء،الذين يعانين من الاهمال واللامبالاة الذي عرضها للخطر،،وعواقب وخيمة،لان المعرفة تكتسب.
ان الطغاة والمتهتكين ليسوا مخطئين في محاولة ابقاء النساء  في الظلمات لان الطغاة لايريد سوى العبيد والاخرون لايريد سوى الدمى،والشهوانيين هم اخطر انواع الطغاة.

روسو في شخصيته في صوفيا،آسرة،يظهر ابنية الفوقية،واساس شخصيتها ومبادئ تعليمها،رغم عبقريته،واستشهاد الكثيرين بارائه وارائه بالفضيلة.الا ان اشعاره شهوانية،ونستغرب هل هو هذا الرجل الذي كان متحمسا للفضيلة؟
الطاعة هي الدرس العظيم الذي يجب غرسه بأستمرار في النساءوالاسلوب الذي يجب ان تتشكل عليه شخصيتها بصرامة لا هوادة فيها.
اشار الى ذلك ايضا(غريغوري)،في كتابه( ارث الاب لبناته)،حيث اشار الى ضرورة الزينة.
يقول الدكتور( بريستلي)، في مقدمة سيرته الذاتية،ان غالبية العظماء،عاشوا  اكثر من خمسة واربعين عاما،منمكين في بحوثهم ودراساتهم،في التفكير والبحث مما اضعف بنيتهم الجسمية حيث انغمسوا في هذيان الخيال،والاحلام الشعرية،فتضطرب ارواحهم،الى درجة ان تهتز بنيتهم ويصيبها الوهن،( شكسبير )، مثلا لم يمسك ابدا الخنجر المأساوي بيد ضعيفة، ولم تكن تلك اوهام انما نتاج عقل مختل وغزارة  خيال متوهج،كان يهتم في توقده.
اراد الرجال غرس خصلة الطاعة وارضاء الاخر من اهم الخصال،لذا كانت سعادتها في ان تجعل الاخرين راضين عنها.
فيما يخص الدين .هي مخلوق تابع ويجب ان تكون خاضعة لطقوس الكنيسة التي نشأت فيها،ولاتشك في انهم وجدوا لها نقطة الكمال،والوفاء.
من الملاحظات حول حالة الانحطاط التي يقل بها شأن المرأة لاسباب مختلفة،هو ان الطبقة الارستقراطية كانت ترى ان البشرية جمعاء لايمكن ان تكون متجانسة، لان العبيد الخاضعين  سيشعرون بكرامتهم ويتخلصون من اغلالهم،اما الرجال الخاضعين للقمع في كل مكان بدلا من ان يؤكد على حقهم المكتسب،فأنهم يلعقون الغبار بهدوء ويقولون” دعونا نأكل ونشرب،لأننا غدا نموت”،النساء ايضا يقل شأنهن بذات النزعة للاستمتاع باللحظة الحالية،وفي النهاية يحتقرن الحرية.
ان حب المتعة،الذي تغذين عليه من مسيرة حياتهن يمنح سلوك النساء منعطفا من الاهمال والاستخفاف ويجعلهن ينشغلن بالامور الثانوية بدلا مما هو اساسي. انتقدت الكاتبة بنات جنسها ايضا من خلال ملاحظة طرحتها هي ان الرجل عندما يشرع برحلة فأنه يضع في باله هدفا لبلوغها،اما المرأة فانعا ستفكر بالزينة والثياب والحلي التي سترتديها والكلمات المنمقة التي ستقولها،لان حواس  النساء متأججة،وقواهن الاخلاقية مهملة،بالتالي يقعن فريسة المشاعر،تعتقد ايضا ان النساء المتعلمات يضعفن بشدة بسبب الية التعليم الزائف خاصة المستوى الاخلاقي،الذي يكون اسوء  مما لوتركن للبيعة.
في مقال اخر مختلف،يقول( روسو)،”قم بتربية النساء كما هو الحال مع الرجال،كلما كن اكثر تشابها مع جنسنا،كلما قل  تأثيرهن علينا”،
يعد هذا الكتاب الذي قام بترجمته كامل العامري من الكتب التي وجهت انارتها على معاناة المرأة في ظل النظم الابوية،وارادت ان تصدح بصوت المرأة وتنادي بحقوقها،كانت الكاتبة( وولستونكرافت)،تدافع عن المرأة وحقوقها،وارادت ان يقوم نظام اجتماعي يهتم بالمراة كيان مستقل ماديا واجتماعيا.حقها في التعليم والتفكير،واشارت الى ان التعليم الخاطئء يعود الى الرجال الذين رفضوا تعليمهم وشجعوهم على ان يكونوا دمى.
كانت الكاتبة وفق معلومات  نشرها  زوجها  بعد وفاتها انها تعيش وفق ما ارادت من حريات،لذا ساءت سمعتها فترة من الزمن.
لغة الكتاب الذي صدر عن دارآشور مفهومة وسلسة معبرة،اسلوب  فلسفي  جمع بين اللغة الواضحة العقلانية واللغة العاطفية ،معبر  بوضوح،وكان رد على  اراء مفكرين وفلاسفة القرن الثامن عشر،  امثال( جان  جاك روسو)،و(جون غريغوري)،(شارل موريس)،.قسم الكتاب الى ثلاثة عشر فصلا.

About محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!