لصحيفة آفاق حرة:
_______________
*قراءة في كتاب على قارعة خاطر*
بقلم الأديب أحمد عبدالكريم مقداد
مع بداية العقد الحالي وتضخم استخدام الانترنت وسهولة وصوله لجميع الناس بمختلف ثقافاتهم ، انتشرت ثقافة العناوين لدى غالبية القراء كواحد من الأعراض الجانبية لهذا الانتشار ..
وعنوان هذه الكتاب .. هو كتاب بحد ذاته
لأنه يشد القارئ لمعرفة ما فيه .. حتى الشريحة الكبيرة من المجتمع التي تعيش ثقافة العناوين المقوقلة
حاسة التذوق الأدبي ذات خاصية تراكمية .. تحتاج للقراءة المتواصلة والمتنوعة ..
وتشترك بخصائصها مع الحاسة السادسة التي تخمن من هو الكاتب من صياغة حروفه وعمق كلماته وتعدد تأويلات الفكرة الواحدة
وقدرته على صياغة معاني متضادة الفهم بنفس الفكرة بحيث تختلف القراءة من متلقي لآخر وقد تصل أن تكون القراءات متعاكسة
وهذه هي الميزة الخاصة للكاتب والذي يتفرد بها
في كتاب على قارعة خاطر لن نجد الطريقة النمطية المعتادة من الكاتب هذه المرة
سنجد طعماً جديداً لمن سبق له تذوق هذا الصنف من الأدب
نجد الانتقال من أقصى اليمين الى أقصى اليسار بطريقة تشبه السفر عبر الزمن
نقرأ في ثقب الباب وما يحتويه من معاني ورموز واشارات وأفكار تأخذك من أقصى اليمين حيث الثقب الصغير وما يمكن أن تراه من خلاله، ثم يعيدك الى أقصى اليسار فجأةً حيث ان خلف هذا الثقب عالم فسيح ثم يعيدك أيضاً فجأةً الى المنتصف بتوسط هذا الثقب لموقعه في الباب ، وموقفه الوسطي رغم تعدد استخدامات هذا الثقب بحسب هوية المستخدم
الشيء نفسه ينطبق على الممحاة
وتأويلاتها ومعانيها واستخداماتها واسقاطاتها كلها على قيم الحياة
تم صياغتها جميعاً في وجبة أدبية دسمة ذات طعم فريد ومختلف وجديد ولذيذ لم يسبق تذوقه من قلم الكاتب
وجدت نكهة جديدة في هذا الكتاب وهي التكثيف
كما جاء في أدب اللجوء والمهجر
أدب اللجوء .. جملة قصيرة من كلمتين ذات معاني تحتاج لشروحات وتحمل عناوين وتفاصيل كثيرة تم تكثيفها بمصطلح واحد
مصطلح جديد لم يسبق تداوله على الصعيد الأدبي كمصطلح أدب المهجر مثلاً
يمكن أن يصبح الاسم المطور والمشترك للاسم القديم ..
وجدت الفكرة العميقة بالجمل البسيطة
كما جاء في جملة ” أنا متفائل حد الفجيعة”
وجدت البعد السياسي في دمج مع البعد الديني
كما في متابعة لصورة أبي جهل في دمشق
وقد وجدت معاني اعتقدت جازماً أن أحداً غيري لن يجدها لدرجة وصلت من الخجل في طرحها حتى لا تكون مثار تندر وسخرية
وفي بعض الأحيان لم أجد شيئاً
في حين وجد غيري فيه الكثير
كما حدث في حوار الفاصلة والنقطة
حيث انني قرأته من جوانب كثيرة ، واعتقدت انني بحاجة لقراءته في ظروف أخرى تركيزي فيها أفضل
ولكن عبثاً أحاول ..
لم استطع ايجاد شيء لدرجة الاضطرار للسؤال والاستفسار من الكاتب ما هو المقصود ..
وجدت أفكاراً كنت أقف عندها وأعيد قراءتها بتأنٍ
كما في فكرة الموبايل الذي يختزل كل الأجهزة القديمة من تلفاز وراديو ومسجل وكاميرا والة حاسبة ودفتر ملاحظات وهاتف والتي سنضطر لحملها اينما ذهبنا
حيث أن هذه القراءة للموبايل لم تخطر بالبال يوماً
وأيضاً استوقفتني جملة “الحياة عبارة عن سطر يبدأ بالاسم وينتهي برقم القبر”
وأيضاً جملة “اللجوء فرصة حياة أخرى” فقد استدعتني لأقف عندها هي الأخرى
وكذلك جملة اللقاء الأخير لا يقل أهمية عن اللقاء الأول
كلها عبارات .. رغم أنها مألوفة الا انها تستدعي التوقف عندها وفهمها بطريقة مختلفة وجديدة
على قارعة خاطر .. هي الخلطة الجديدة التي قدمها الكاتب في محتوى خاص وفريد تميز عن كل ما سبقه
على قارعة خاطر .. هي بذرة نوع إبداعي جديد للأدب يبزغ
على يدي الكاتب
على قارعة خاطر .. هي نتيجة طبيعية لنوع من الأفكار يحملها الكاتب
وقد سماها ذات مرة في احدى مقالاته من عشر سنوات وهي الأفكار المُولّدة
والتي تتناثر من الفكرة الواحدة مجموعة أفكار بشكل لا نهائي
على قارعة خاطر .. حلقة مستقلة في سلسلة أدبية متصلة ..
انتهى…