بقلم: علي أحمد قاسم. ..اليمن
أولا النص
((كَدَايِسْنَا وكِلابُ الحِلَةِ
لمْ تتمكن حدود الدنيا كًلها ولمْ تستطع سدودها ولمْ تقدر موانعها على كبح حبه العميق “لكلاب” الحِلة والوفاء المعروف عنْها ولمْ يشفع للآخرين عنده مهاجمتهم لقتلها وتشريدها “لكدايسنا”، مثل ما لمْ يشفع لهذه “الكدايس” أنَّ وجودها فِيْ هذه الحِلة بحدودها الجغرافية المعروفة كان إجبارياً وليس اختياراً. “كدايس” هذه الحِلة لمْ تخيَّر أنْ تكون ضمن هذه الحدود أو غيرها، ولكنها إرادة الله الذي لا تُرد إرادته، لمْ يكن يعجب مِنْ أسباب هذا الجفاء المطلق بين “الكلاب” المأمولة و”الكدايس” المقهورة. كان صاحبي مِنْ سدنة وفاء الكلاب، يعشق مشيتها على الأرض فِيْ نظامها البديع ونقر أرجلها المنتظم على يابسها. كان يراها فِيْ زيها الأخضر الجميل غاية فِيْ الجمال والانضباط. وكان يعتقد أنَّهم أهل لإرساء النظام والدفاع عنْ “الحِلة” مِنْ الغرباء المقتحمين مِنْ “الحَلْلال” المجاورة أو البعيدة التي تُجيش كلابها ضد كلابنا وكدايسنا على السواء، وتستخدم أنياباً ومخالباً كاسرة لا قِبل لحِلتنا بها فتستبيحها وتنهش جسدها حتى وإنْ سمت أبصارنا إلى أعلى السماوات فِيْ ظلمة الليل البهيم الحالك. وما كان يؤمن بتنوع “كدايس” الحِلة على اختلاف مشاربهم ومنازعهم.
.. كان صاحبي مشتطاً فِيْ أحلامه وهو يحدثني عنْ أهمية “كِلابنا” .. وكيف أنَّهم – بانتمائهم الحتمي لحِلتنا – يعتبرون مِنْ أفضل جنود الأرض شجاعة وقدرة على القتال وحفظ الأمن .. وأنَّ تاريخهم فِيْ المعارك القديمة سيمكنهم مِنْ دحر فيالق الأعداء وشياطينها جميعاً وإنْ تكاثروا وتكاثروا علينا وأنَّ الحِلة فِيْ مأمنٍ مِنْ كثيرٍ مِنْ الأخطار المحدقة بنا. سألت صاحبي:
• ما هي الأخطار المحدقة بِنا؟
قال باستعلاء:
• .. ألا ترى هذه الأخطار المحدقة بالحِلة مِنْ كل جانب .. ألا ترى أنَّ الجميع يريد أنْ ينهش جسدها .. ألا .. ألا .. ترى أنهم يطمعون فِيْها وفِيْ ثرواتها .. ألا ترى أَّنَّ مشروعنا الكبير مهدد بالفناء .. ألا ترى كل ذلك؟
سألته بتحدٍ:
• لمْ تجبني .. ما هي الأخطار التي تحدق بنا؟ .. أريد أمراً محدداً ..
مرة أخرى قال:
• إنَّهم يريدون بنا سوءاً .. يريدون كنس كل شيءٍ ننتمي إليه .. ديننا .. حِلتنا .. “كلابنا” .. وحتى “كدايسنا” ..
صمت قليلاً وهو ينظر إليَّ باستعلاء وقال:
• .. ألا تلحظ تمرد “كدايسنا” فِيْ الحوش الغربي .. وتلك التي جنوب الحِلة ..
قاطعته سائلاً:
• ألمْ تلحظ أنت يا صاحبي أنَّ “كِلابنا” لمْ تقاتل مُنذ ستين عاماً إلا “كدايسنا” ذات الأصول السوداء؟ .. أو “كدايسنا الزرقاء” إنْ شئت .. ألمْ تلحظ أيضاً أنَّها بزيها الأخضر وياقاتها الحمراء قد نالت مِنْ “كدايس” الحِلة دون أنْ تمنع إنتهاكات “كلاب” الخارج على قِلتها؟ .. ألم تلحظ أنَّها قد مكنت بعض الضباع مِنْ نهش أجساد “كدايسنا” فِيْ الحوش الغربي مِنْ الحلة وغضت الطرف عنوة عنْ أفعالها؟ .. ألمْ تلحظ كل هذا يا صاحبي؟
أجابني متلعثماً:
• إنَّها تقاوم تمرد “كدايسنا” فِيْ غرب الحِلة وجنوبها .. هذه “الكدايس” مأجورة لمصلحة آخرين لا يهمهم الحِلة ولا ساكنيها .. يدفع لها بالطعام كي تفعل مثل ما فعلت .. لتتمرد على ولاة أمر هذه الحِلة العظيمة ..
ارتسمت على وجهي ابتسامة ساخرة، وقلت:
• أمية كاملة الدسم .. فلا قراءة للماضي .. ووهن فِيْ الفراسة العامة .. فلا حاضر يعاش .. وضعف فِيْ التقدير .. فلا مستقبل يرجى .. تعددت الأسباب والقتل واحد .. نفس الأخطاء القديمة .. ذات التعالي والعنجهية .. والمحصلة واحدة .. تجزأ الحِلة إلى أحواشٍ وفِرقانٍ صغيرة .. وما لنا إلا أنْ نقول ما يرضي الله .. ولا حول ولا قوة إلا بالله ..
* كدايسنا: جمع كديس أو كديسة وهو اسم يطلق على القطة)).
قراءة نقدية للقصة
” العنوان
الكلاب وكدايسنا : جاء العنوان طويلا وجاء معطوفا وهو كلمات ذكرت في ثنايا النص يشفع للعنوان هذا المكشوف أنه رمزي جدا خفف عليه الفضح والانغلاق
فكرة النص الصراع بين القوي والضعيف أو نستطيع نقول الخير والشر السلام والحرب فجاءت عبارات العنوان رمزية في معركة الخاسر فيها المستعلي الغبي.
للنص مميزات منها:
– شخصية البطل المتعصبة والتي أعماها التعصب فهي غير قادرة على قراءة المستقبل وتبرر كل شئ وتبريرها ليس بريئا فالشخصية ممن تنتمي للمصالح ” كان صاحبي من سدنة وفاء الكلاب ، يعشق مشيها على الأرض في نظامها البديع ونقر أرجلها المنتظم على بابسها في زيها الأخضر الجميل”
وهذا الشخصية التي أعماها التعصب وتحاول إقناع من حولها بالوهم ” كان صاحبي متشطا في أحلامه يحدثني عن أهمية ” كلابنا” وكيف أنهم أفضل جنود الارض شجاعة ” ليأتي بحوار يبين الخيبة والذي جعل من شخصية البطل غير قارئة للواقع وللمستقبل ” ألم تلحظ أيضا أنها بزيها الأخضر قد نالت من كدايس الحلة دون أن انتهاكات ” كلاب الخارج”
الم تلحظ أنها قد مكنت بعض الضباع من نهش ” كدايسنا” في الحوش الغربي
وهنا تحولت الكلاب من رمز للوفاء إلى رمز للخيانة
تلك الكلاب لم تحقق الاستقرار بل حدث التمرد وياتي الخطاب في السرد بلسان التعصب والسياسي ” هذه ” الكدايس'” مأجورة لمصلحة آخرين ويوضح السرد عدم القدرة من الشخصية على قراءة المستقبل ” أمية كاملة الدسم”
– ركز الراوي على الشخصية ليرسم من خلالها القضية ويوصل الفكرة للمتلقي و ليرسم من خلاله قضية التعصب والخيانة والوفاء خاصة ممن يتعصبون بمصالح لصالح من تتحقق لهم المصلحة من خلالهم.
– الرؤية السردية جاءت من الخلف فالراوي يعلم بتفكير الشخصية وغاياتها وأحاسيسها ومشاعرها فهي رؤية سردية من الخلف ونحج الكاتب باستخدام الرؤية لحد بعيد
– التوظيف الرمزي: تحولت الكلاب من رمز للوفاء لرمز للخيانة من انتهاكات الآخرين للحلة ومشهد التمرد وتلك الكلاب لاتختلف عن الشخصية فهي عمياء أيضا.
الحلة قد تكون الوطن او الأمة التي تعاني الظلم او المكان الطبيعي الصغير
– الكدايس رمز المستضعف والمظلوم
– اللون الأخضر والأسود والازرق كلها وظفت بطريقة رمزية عالية فثمة تفاوت بين الأجسام والأزياء ليحيل لعدم العدالة والظلم
– النص متدرج بالحبكة من الخوف على الحلة إلى الحماية للحلة إلى الثقة بالكلاب ومن ثم الانتهاكات فالتمرد وسط توابع يبررون كل شيي وليس لهم على القدرة حتى على قراءة المستقبل وقراءة مايجري
– النهاية وعظية ولم ترق لي
– النص عباراته ساخرة مثل تكرار لفظ ” كلابنا” ليحيل أن تلك الكلاب أقصى قدرتها مهاجمة الضغيف وجاءمكثفا يرسم قضية معاشة للأمة كلها وحتى للأوطان وربما تأتي حتى المستوى الاجتماعي الصغير .