لغة الحياة اليوميّة عند الشّاعر طارق مكّاو
أحمد البزور
يعدُّ طارق مكاوي شاعرًا أردنيًا، وعضوًا في رابطةِ الكتّاب الأردنيين، ومن أعماله الشّعريّة على التّرتيب: لم يكن كافيًا 1998م، والرّحيل داخلاً 1999م، وأشواق هذا الزّقاق 2003م، ونبتة مهملة 2008م، وورق أصفر 2008م، والخزامى 2011م(1).
الرّحيل داخلاً.
يضمُّ الدّيوان الشّعري الموسوم بعنوان الرّحيل داخلاً سبعة عشر نصًا شعريًا، وقد راوحت النّصوص بين النّمطين الحديثين: التّفعيلة والنّثر موزّعةً على ثلاث وتسعين صفحة(2).
تنطلق النّصوص الشّعريّة من الذّات كأرضيّة خصبة في بثّ المشاعر والأحاسيس، كما وتشتغل من خلال استدعاء الذّاكرة في المعمار الشّعري الفنّي، وتدور حول مضامين المرأة، والحبّ، والغياب، والحنين، والحزن.
يستخدم طارق مكاوي لغة الحياة اليوميّة المألوفة والشّائعة، وقد شكّلت إحدى سمات نصوصه الشّعريّة.
وتعدّ اللغة المألوفة ظاهرة، ورغم أنّ استخدام اللغة اليوميّة والشّعبيّة المحكيّة ظاهرة ملموسة في النّصوص إلّا أنّها غير منتظمة في نصّ طارق الشّعري كونها لا تسيطر على النّمط النّصّي، يقول مثلاً:
عَلَى بُعْدِ نَهْرَيْنِ
مِنْ شَوْكِ مَائِي
تَنُوءُ الرّيَاحُ عَلَى
نَخْلَةٍ وَاقِفَةْ.
عَلَى بُعْدِ سُنْبَلَتَيْنِ.
عَلَى بُعْدِ قَلْبَيْنِ
نَهْرَيْنِ مِنِّي
عَصَافِيْرُ دَمِي تُعَشْعِشُ فِيّ
وَرُوحِي عَلَى غُصْنِهَا نَاْشِفَةْ.
في النّصّ الشّعري السّابق يدخل اليومي بالفصيح انطلاقًا من لفظة تعشعش حيث إنّها مفردة يوميّة دارجة على ألسنة النّاس، وبهذا، فإنّ استخدام اللغة الشّعبيّة أكثر قدرةً على إحداث تواصل بين الشّاعر والقارئ، وتتجلّى ظاهرة اللغة المحليّة في الاستخدام المتكرر للمفردات والعبارات تمامًا كما يتضح في النّصّ الموسوم بعنوان الطّريق، حيث يتقاطع النّثري بالشّعري، وتحضر لغة الخطاب اليومي العادي، يقول:
الطَّرِيْقُ المُعَبّد
يَحْمِلُ قِنْدِيلَ هَذَا المَنَاخِ وَيَرْحَلُ
لا أَرَى غَيْرَ وَجْهِي الذي يَتَهَاوَى
عَلَى مَرْمَرِ الصّدرِ مُنْتَكِسًا
لا أَرَى غَيْرَ خَفّاشِ هَذَا
الظّلامِ الأثِيْم
يُشَلّعُ أنْسِجَةَ البُرْتُقَالِ
وَالأسَابِيْع تَلْهثُ فِي جَوْفِ رُزْنَامَتِي
يَلْهَثُ الأرْبعاءُ وَطَاولتِي
تَعْلكُ الذّكرَيَاتُ العَتِيْقَة.
يرمي الشّاعر باستخدام مفردات لغة الخطاب اليومي من مثل: “يشلّع، الأسابيع، رزنامتي، يلهث، طاولتي، تعلك” إلى جعل نصّه معبّرا عن حالة الحزن والغياب.
وبالنّتيجة، فإنّ لغة الحياة اليوميّة والشّعبيّة الموظّفة في خطاب الشّاعر طارق مكاوي الشّعري جاءت من خلال الاستخدام المتكرر للمفردة المعاصرة؛ نظرًا لقربها الشّديد من المتلقي، إضافةً إلى ذلك، لتكون مدعاة تعميق العلاقة بين الشّاعر والمتلقي والنصّ، وإجمالا، تشّكل المفردة اليومية والشّعبية وسيطًا مناسبًا في إيصال الفكرة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
إحالات
(1) انظر، معجم الأدباء الأردنيين في العصر الحديث: منشورات وزارة الثّقافة، ط1 ـ 2014م، ص158.
(2) الرّحيل داخلاً: طارق مكاوي، ط1 ـ 1999م، دار الينابيع للنّشر والتّوزيع، عمّان.