كتاب اغدا القاك وهو مخطوط قصصي نثري للأستاذة عنان محروس من الاردن , يبزغ فيه الجانب الانساني والعاطفي البحت من حيث المضمون القصصي والرسالة التي ارتوت من مشاعر المؤلف ففي الشق الاول من الكتاب والذي يحتل المساحة الاكبر كتبت محروس مجموعة قصصية والذي سنقف عند الجانب الانساني والعاطفي في المجموعة.
عبرت الكاتبة محروس مجموعتها المُنسقة والمنظمة بشكل جميل جدا بعنوان لقصيدة للشاعر هادي ادم وغنتها كوكب الشرق وتحتل مخزون عميق في وجدان وعشاق الغناء الاصيل كما ان العتبات هي نافذة للولوج بالمخطوط قد استخدمت الكاتبة كلمة نافذة في استهلالية وكعنوان لكل قصة مقرنة ذلك بالترتيب الرقمي وحكمة او مقولة مأثورة ومشهورة لشخصية عامة لتصور لنا مشهد يحمل البيوت اسرار والناس صناديق مغلقة ففي نوافذها صور ومشاهد.
عنان محروس بين المدرسة الكلاسيكية والمدرسة الحداثية وبين السهل الممتنع واللغة المكثفة تناوبت على سرد قصصها بالأسلوب القصصي المنصهر تحت مظلة العمل المستتر لبعض عناصر القصة الحداثية من خلال الاستهلالية والخاتمة دون الوقوف والاشارة المباشرة للعناصر السردية كثابت وظاهر كالمكان والزمان بعيد عن التأزم والتصاعد في الصراع او الحبكة ويبرر ذلك بالقضية المتناولة التي حملت هم عام مختزل بشخصيات معومة الملامح في كثير من الاحيان فالحوار لم يكن بمساحة كبيرة في العمل القصصي عند محروس التي امتازت بدقة الحالة الوصفية للفعل وردة الفعل وظهور الجانب العاطفي كقنديل يخيم على جميع جوانبها فكانت نوافذها الحزينة تدق نبضات الخوف والرحيل والوحدة والخلافات والانفكاك الاسري وحين تلتفت الى اخراها تبتسم حين يفوح عبير الياسمين للصور الحالمة بالهدوء والاستقرار والمحبة فهي اذ تخاطب نوافذها في اللقاء كانت كما الام الرؤوم تجوب كل النوافذ ليطمئن فؤادها.
تضمنت القاصة في مجموعتها الجانب الانساني والاجتماعي بشكل ملحوظ وطرقت باب الاسرة وما يتشعب منها واحاطتها للمشهد الانساني كالحب والوفاء والجحود والظلم وغيرها من القضايا التي تعد من اكثر العوامل في بناء المجتمعات او هدمها .
تبدأ جل القصص عند محروس باستهلالية ديناميكية بين العموم والخصوص وبأساليب وصفية احيانا ومجازية احيانا اخرى في السرد الانتقالي الطبيعي منذ الولوج بالحدث الرئيس للقصة حتى النهاية الحتمية منها والمفتوحة ايضا .
ان استخدام الصورة الفنية في العامل القصصي كثير ما يقترب الى الحس الشعري مما يثري الاسلوب السردي كما الجملة الادبية المكثفة التي امتازت به محروس في كثير من الاحداث فتمتاز ايضا بانتقاء الجملة الادبية التي تروي المشهد السردي بأساليب فنية وابداعية متنوعة بين الاستفهام والتعجب والاقتباس مستخدمة ايضا المحسنات البديعية بعيدا عن الاسهاب وتكرار المشهد او التشعب بالأحداث والانزلاق بالإفصاح والتوضيح المكشوف .
لقد استشفت الكاتبة مفاهيم انسانية لتبلغ عبر المجموعة الى تحولات طارئة اقتحمت شرقنا الوادع بالحنان والاحساس العميق فمع بزوغ الشمس كل صباح تطرق نافذة من نوافذ متعصرة بالانين والازمات المتتالية فتكشف كم فينا من اهات ليست من ثقافتنا وقيمنا نزدحم في قاع مادي وشهواني اصبحت فيه المبادئ والتضحية عادات بائدة بينما شمس محروس طرقت ايضا نوافذ من الطهارة فرسمت بالحب قيثارة تجوب مشاعرنا في الوفاء والاخلاص والجمال .