منذ قليل
في الحمامات العامة
لأحد المولات الفاخرة في مدينة دبي
سمعتُ بكاء رجل
اقتربتُ ببطئ من المغاسل
رأيته واقفاً هنالك
يشهق ويبكي
ينتحب أمام المرآة
بذراعٍ مبتورة
ربًّتتُ على كتفهِ الفارغ
أجهش وهو يقول:
اشتقتُ لذراعي, لقد خسرتها في الحرب
انتشلوها من بين الأنقاض
ودفنوها هنالك
في تراب الوطن
أفتقِدُها بشدّة
لم يكن الأمر سهلاً
أن أُهجًّرَ من وطني بذراعٍ واحدة
لا تنفع إلّا بالتسوّل
ثم بدأ يحدّثُني عن سوريا
والحرب
والجوع
والدمار
واليتامى
ومعطوبي الأطراف والأحلام
وكيف أن كل سوريٍّ
قد فقد شيئاً ما.
شيئٌ ليس باستطاعةِ الزمن
أن يعوضه عنه
حدَّثني كيف أنَّ رحى الحربِ
تطحنُ البشر والشجر والحجر
حدَّثني عن أبنائهِ الخمسة
وكيف أن رجال الإنقاذ لم يعثروا على جُثَثهم
ثم قال بحسرة:
أصبحنا شعباً معطوباً
فكرياً وجسدياً وروحياً
كان يبكي ويشهق أمام المرآةِ كالأطفال
لم أنطق بحرف..
لكنني لستُ أدري
لمَ علَت الدهشةُ وجههُ الشاحب
وركض مفزوعاً
عندما رأى في المرآة
جسدي الواقفُ بجوارهِ
بلا رأس.